( باب ما جاء في  صفة خبز رسول الله صلى الله عليه وسلم      )  
قال  ابن حجر     : وزعم أن في الترجمة حذفا ، أي خبز آل رسول الله صلى الله عليه وسلم      [ ص: 237 ] ليطابق الحديث - باطل على أنا وإن لم نجعله صلى الله عليه وسلم داخلا فيهم ، فالترجمة لا حذف فيها ; لأن ما يأكله عياله يسمى خبزه ، ويكون منسوبا إليه .  
( حدثنا   محمد بن المثنى  ،   ومحمد بن بشار  قالا : حدثنا   محمد بن جعفر  ، حدثنا  شعبة عن أبي إسحاق  ، قال : سمعت  عبد الرحمن بن يزيد ) أي ابن قيس النخعي أبو بكر الكوفي  ثقة من كبار الثالثة ، نقله  ميرك  عن التقريب ( يحدث عن  الأسود     ) هو أخو  عبد الرحمن  الراوي عنه (  بن يزيد ) أي ابن قيس النخعي أبو عمر  أو  أبو عبد الرحمن  ، مخضرم ثقة ، مكثر فقيه من الثانية ، على ما في التقريب ( عن  عائشة  رضي الله عنها أنها قالت : ما شبع آل محمد ) أي أهل بيته ( صلى الله عليه وسلم ) يعني عياله الذين كانوا في مؤنته ، وليس المراد بهم من حرمت عليهم الصدقة ، قال  ميرك     : ويحتمل أن لفظ الآل مقحم ، ويؤيده أن المصنف أخرج هذا الحديث من طريق  شعبة     ; لإسناده في آخر هذا الباب بلفظ ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحينئذ يحصل به المطابقة بين الحديث وبين الترجمة أيضا ( من خبز الشعير يومين ) وجاء في رواية   البخاري  من حديث  عائشة  أيضا التقييد بثلاث ليال ، لكن فيها : " من خبز البر " ، فلا تنافي ، ويؤخذ منه أن المراد بالأيام الأيام بلياليها ، كما أن المراد بالليالي هناك الليالي بأيامها ، ونظيره في التنزيل :  ثلاث ليال سويا   ثلاثة أيام إلا رمزا   ، ( متتابعين ) ومفهومه أنه قد كان يشبع يومين ، لكن غير متواليين ( حتى قبض ) أي إلى أن توفي ومات ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إشارة إلى استمرار تلك الحالة مدة إقامته  بالمدينة   ، وهي عشر سنين بما فيها من أيام الأسفار في الحج والعمرة والغزو ، فإن  عائشة  تشرفت بملازمته بعد الهجرة إلى  المدينة   ، وقد صرحت الرواية التي أخرجها   البخاري  عنها بلفظ :  ما شبع آل  محمد   صلى الله عليه وسلم منذ قدم  المدينة   من طعام بر ثلاث ليال تباعا حتى قبض     .  
قال  العسقلاني     : قولها :  المدينة   ، يخرج ما كانوا فيه قبل الهجرة .  
وقولها : من طعام بر ، يخرج ما عدا ذلك من المأكولات .  
وقولها : تباعا ، يخرج التفاريق ، وعند   البخاري  أيضا من حديث : "  ما أكل آل  محمد   أكلتين في يوم إلا وإحداهما تمر     " .  
قال الشيخ : وفيه إشارة إلى أن التمر كان أيسر عندهم من غيره ، وفيه إشارة إلى أنهم ربما لم يجدوا في اليوم إلا أكلة واحدة ، فإن وجدوا أكلتين ، فإحداهما تمر .  
ووقع عند  مسلم  من طريق   وكيع  عن   مسعر  بلفظ ، ما شبع آل  محمد   يومين من خبز البر ، إلا وإحداهما تمر     .  
وأخرج  ابن سعد  من طريق  عمران بن زيد  ، قال : دخلنا على  عائشة  ، فقالت : "  خرج - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ، ولم يملأ بطنه في يوم من طعامين ، كان إذا شبع من التمر ، لم يشبع من الشعير ، وإذا شبع من الشعير ، لم يشبع من التمر     " .  
وقال  ابن حجر     : قد ينافيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يدخر قوت عياله سنة .  
ويجاب أخذا من كلام  النووي  في شرح  مسلم  ، بأنه كان يفعل ذلك أواخر حياته ، لكن تعرض عليه حوائج المحتاجين ، فيخرجه فيها ، فصدق عليه ، أنه ادخر قوت سنة ، وأنهم لم يشبعوا كما ذكر ; لأنه لم يبق عندهم ما ادخر لهم ، انتهى .  
وفيه أنه يلزم      [ ص: 238 ] منه أن تضييق الحال إنما كان في أواخر السنة ، والحال أن الأحاديث تعم الأحوال ، فالأحسن في الجواب أن يقال : إنما كان يدخر قوتهم لا على وجه الشبع ، أو أنه كان لا يدخر لنفسه فما كانوا يشبعون معه صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات ، مع أنه لا تصريح فيه أنهم كانوا لا يشبعون من القلة ، وإنما كان عادتهم عدم الشبع ، نعم . ما كانوا يجدون من لذيذ الأطعمة المؤدية إلى الشبع غالبا ، والله أعلم .  
وروى الشيخان عن  عائشة  توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس عندي شيء يأكله ذو كبد ، إلا شطر شعير في زق لي ، فأكلت منه حتى طال علي ، فكلته ففني     .  
				
						
						
