( باب ما جاء في صفة فاكهة رسول الله صلى الله عليه وسلم )  
قال  الراغب     : الفاكهة هي الثمار كلها ، وقيل : بل ما عدا التمر والرمان ، وقائل هذا كأنه نظر إلى اختصاصها بالذكر وعطفهما على الفاكهة ، في قوله تعالى :  فيهما فاكهة ونخل ورمان   وهو يحتمل التخصيص ، قلت : الأصل في العطف المغايرة ; ولأن  التمر غذاء والرمان دواء   ، وهذا قول الإمام  أبي حنيفة  ، وقد قال صاحب المغرب : هي ما يتفكه به أي يتنعم به ، ولا يتغذى به ، كالطعام انتهى . وكان حقه أن يقول : ولا يتداوى به ، لكن تركه للوضوح ، والله أعلم .  
( حدثنا  إسماعيل بن موسى الفزاري     ) بفتح الفاء والزاي منسوب إلى قبيلة  بني فزارة      ( حدثنا  إبراهيم بن سعد  عن أبيه عن  عبد الله بن جعفر  ، قال : كان صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء ) بكسر القاف وبضم ، وتشديد المثلثة ممدودا ( بالرطب ) أي مصحوبا معه ، وقد ورد في الصحيح أنه كان يأكل الرطب بالقثاء ، والفرق بينهما أن المقدم أصل في المأكول ، كالخبز والمؤخر كالإدام ، وقد أخرج   الطبراني  بسند ضعيف ، أن  عبد الله بن جعفر  ، قال :  رأيت في يمين      [ ص: 296 ] النبي صلى الله عليه وسلم قثاء ، وفي شماله رطبا ، وهو يأكل من ذا مرة ، ومن ذا مرة  ، انتهى .  
وهو محمول على تبديل ما في يديه ; لئلا يلزم الأكل بالشمال ، قال  النووي     : فيه جواز أكل الطعامين معا ، والتوسع في الأطعمة ، ولا خلاف بين العلماء في جوازه ، وما نقل عن بعض السلف من الخلاف هذا محمول على كراهة اعتياد هذا التوسع والترفه والإكثار منه ، لغير مصلحة دينية ، وقال  القرطبي     : يؤخذ من هذا الحديث جواز مراعاة صفات الأطعمة ، وطبائعها واستعمالها على الوجه اللائق بها ، على قاعدة الطب ; لأن في الرطب حرارة ، وفي القثاء برودة ، فإذا أكلا معا اعتدلا ، وهذا أصل كبير في المركبات من الأدوية ، ومن فوائد أكل هذا المركب المعتدل تعديل المزاج ، وتسمين البدن ، كما أخرجه   ابن ماجه  من حديث  عائشة  ، أنها قالت : " أرادت أمي أن تعالجني للسمن لتدخلني على النبي صلى الله عليه وسلم ، فما استقام لها ذلك حتى أكلت الرطب بالقثاء ، فسمنت كأحسن السمن     " ، وفي رواية   للنسائي  التمر بالقثاء ، ومن جملة ما جمع بين الشيئين ما أخرج  أبو داود   وابن ماجه  قدم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمنا له زبدا وتمرا ، وكان يحب الزبد والتمر     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					