الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 285 ] ( حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن كثير العنبري أبو غسان ) بفتح معجمة وتشديد مهملة ممنوعا ( حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة ) بضم ميم وتشديد راء ( عن أبي البختري ) بفتح الموحدة وإسكان الخاء المعجمة وفتح التاء الفوقية على ما في بعض الأصول المصححة ، وهو سعيد بن فيروز ، وهو الموافق لما في المغني ، وفي بعض النسخ المعتمدة بضم الفوقية واسمه سعيد بن عمران واقتصر عليه في شرح مسلم ، وقيل ابن فيروز على ما في المغني ، فقول ابن حجر بالحاء المهملة منسوب إلى البحتر ، وهو حسن المشي وقع سهوا مع أن ضبطه مناقض لآخر كلامه فإن البخترة والتبختر بالمعجمة مشية حسنة والبختري المختال على ما في القاموس ( أن العباس وعليا جاءا إلى عمر ) أي : أيام خلافته ( يختصمان يقول كل واحد منهما لصاحبه أنت كذا أنت كذا ) أي : أنت لا تستحق الولاية على هذه الصدقة أو أنا أولى منك بها ونحو ذلك وأخطأ شارح في حمل كلامهما على السب والشتم ( فقال عمر لطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ) أي : ممن حضر مجلسه من أكابر الصحابة ( نشدتكم بالله ) يقال : نشدت فلانا أنشده نشدا إذا قلت له نشدتك الله أي : سألتك بالله كأنك ذكرته إياه فنشد أي : تذكر - كذا في الصحاح - ، وقال صاحب النهاية : يقال : نشدتك الله وبالله أي : سألتك وأقسمت عليك وتعديته إلى المفعولين إما لأنه بمنزلة دعوت كما يقال : دعوت زيدا وبزيد أو لأنهم ضمنوه معنى ذكرت ، وقيل المعنى سألتكم بالله رافعا نشيدتي أي : صوتي ( أسمعتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كل مال نبي صدقة ) أي : وقف في سبيل الله عامة ( إلا ما أطعمه ) أي : الله كما في نسخة أو النبي ويؤيده ما في بعض النسخ بصيغة المضارع أي : أنا لكوني المتصرف في أمور المسلمين ( إنا لا نورث ) بفتح الراء ، وفي نسخة بكسرها والجملة استئنافية متضمنة للتعليل ، وقد أفاد السيد جمال الدين أنه وقع في أصل سماعنا أطعمه بضم الهمزة وكسر العين على المضارع المتكلم فعلى هذا في الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم والصواب أطعمه بفتح الهمزة والعين كما هو مقتضى الظاهر ويبينه ما جاء في رواية أبي داود بهذا الإسناد بلفظ كل مال نبي صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لا نورث انتهى ، ولا يخفى أنه يستفاد من هذا الحديث أن مال كل نبي صدقة في حال حياته أيضا إلا ما أطعمه أهله وكساهم ، وأما ما قاله ابن حجر : إن معناه إلا ما نص على أنه يأكل منه كعامله وزوجاته فهو خلاف الظاهر أو محمول على ما بعد وفاته ( وفي الحديث قصة ) أي : طويلة ليس هذا محل بسطها ومن جملتها جوابهم لعمر بقولهم : اللهم نعم ، كما سيأتي ، وقد ذكر ميرك أنه وقع في رواية أبي داود من طريق عمرو بن مرة عن أبي البختري أنه قال : سمعت حديثا من رجل فأعجبني فقلت له : اكتب لي ، فأتى به مكتوبا مزبرا : دخل العباس وعلي على عمر وعنده طلحة والزبير وعبد الرحمن وسعد وهما يختصمان فقال عمر لطلحة [ ص: 286 ] والزبير وعبد الرحمن وسعد : ألم تعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كل مال نبي صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم إنا لا نورث ، قالوا : بلى ، قال : فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله ، ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوليهاأبو بكر سنتين فكان يصنع الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع .

، وفي رواية أخرى له أيضا عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : كان فيما احتج به عمر أن قال : كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث صفايا بنو النضير وخيبر وفدك ، فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه ، وأما فدك فكانت حبسا لأبناء السبيل ، وأما خيبر فجزأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أجزاء جزأين بين المسلمين وجزءا نفقة فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين انتهى .

والظاهر أن هذا الحكم عام لجميع الأنبياء لما ورد في الصحيح نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة ، قال الحنفي : ولعل تنكير نبي أشار إليه ويوضحه قول ابن حجر : كل هنا إنما يفيد العموم في أفراد مال النبي الواحد لا في أفراد الأنبياء ، لكن الرواية الأخرى الصحيحة : نحن معاشر الأنبياء ، يبين أن المراد العموم في المضاف والمضاف إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية