( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد حدثنا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ) أي : ابن العاص ( قال : انكسفت الشمس ) أي : ذهب نور كلها أو بعضها ، يقال كسفت بفتح الكاف وانكسفت
[ ص: 147 ] بمعنى وأنكر
الفراء انكسف ، وكذا
الجوهري حيث نسبه إلى العامة ، والحديث يرد عليهما ، وحكى كسفت بضم الكاف ، وهو نادر ، وقال
الكرماني : يقال كسفت الشمس والقمر بفتح الكاف وضمها ، وانكسفا وخسفا بفتح الخاء وضمها وانخسفا ، والكل بمعنى واحد ، وقيل كسفت الشمس بالكاف ، وخسف القمر بالخاء ثم الجمهور على أنهما يكونان لذهاب ضوئهما بالكلية ، ولذهاب بعضه أيضا ، وقال بعضهم : الخسوف في الجمع ، والكسوف في البعض وقيل الخسوف ذهاب اللون ، والكسوف التغير ، وقال
العسقلاني : المشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر ، وذكر
الجوهري أنه أفصح ، وقيل يتعين ذلك ، وحكى
عياض عن بعضهم عكسه ، وغلط لثبوته بالخاء للقمر في القرآن ، وقيل يقال في كل منهما ، وبه جاءت الأحاديث ، وقيل بالكاف في الابتداء ، وبالخاء في الانتهاء ( يوما على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) وهو يوم مات
إبراهيم ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345732كسفت الشمس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم ولد النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم ( فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي حتى لم يكد ) أي : لم يقرب ( يركع ) بلا لفظة ( أن ) وهو كناية عن طول القيام والقراءة ; فإنه صح عنه عليه السلام أنه قرأ قدر البقرة في الركعة الأولى (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345733ثم ركع فلم يكد يرفع رأسه ) كذلك بدون أن بخلاف الباقي مما سيأتي من قوله (
ثم رفع رأسه فلم يكد أن يسجد ثم سجد ) ،
ولمسلم من حديث
جابر ثم رفع فأطال ثم سجد (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345735فلم يكد أن يرفع رأسه ثم رفع رأسه فلم يكد أن يسجد ) وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13114وابن خزيمة من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري سمع منه قبل الاختلاط ، فالحديث صحيح ، ولم أقف في شيء من الطرق على تطويل الجلوس بين السجدتين في صلاة الكسوف إلا في هذا ، وقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي الاتفاق على ترك إطالته ، فإن أراد الاتفاق المذهبي فلا كلام ، وإلا فهو محجوج بهذه الرواية ذكره
العسقلاني ( ثم سجد فلم يكد أن يرفع رأسه فجعل ينفخ ) أي : من غير أن يظهر من فمه حرفان ( ويبكي ) قال
ميرك : ووقع في رواية
أحمد بن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345736وجعل ينفخ في الأرض ويبكي وهو ساجد وذلك [ ص: 148 ] في الركعة الثانية ( ويقول رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم ) أي : بقولك
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم الآية (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345737رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ) أي : بقولك
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ( ونحن نستغفرك ) فيه إيماء إلى تحقيق الموعودين مع زيادة وهي استغفاره - صلى الله عليه وسلم - معهم وذكر ذلك ; لأن الكسوف ربما دل على وقوع عذاب فخشي - صلى الله عليه وسلم - من وقوعه وعمومه ، ومن ثمة روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فقام فزعا يخشى أن تقوم الساعة .
وفيه تعليم الأمة من ذكر وعد الله للمؤمنين في مقام طلب دفع البلاء ، وكأن فائدة الدعاء بعدم تعذيبهم مع الوعد به الذي لا يخلف تجويز أن ذلك الوعد منوط بشرط أو قيد اختل (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345738فلما صلى ركعتين انجلت الشمس ) أي : انكشفت وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي فصلى بهم ركعتين كما يصلون وروى المص كما ترى أنه ركع في كل ركعة ركوعا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان nindex.php?page=hadith&LINKID=10345739أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم .
وبهذا أخذ
أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم من العلماء ، وأما ما قال جمع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل في كسوف القمر فيرده عليهم ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه ، وتأويل صلى بأمر باطل إذ لا دليل عليه ، وأما قول
ابن القيم من أنه لم ينقل عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه جماعة فيرده قول
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في سيرته أنه خسف في السنة الخامسة فصلى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه
nindex.php?page=treesubj&link=32846صلاة الكسوف فكانت أول صلاة كسوف في الإسلام ، وجزم به
مغلطاي :
والزين العراقي لكن قد يقال إن مراد
ابن القيم أنه لم ينقل نقلا صحيحا مع أنه ليس في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في سيرته تصريح بأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه جماعة والله أعلم .
ثم اعلم أنه ورد في بعض الروايات أنه ركع في كل ركعة ركوعين ، وفي بعضها ثلاثا ، وفي بعضها أربعا ، وفي بعضها ستا فحمل بعض الشافعية الروايات المتعارضة على تعدد الواقعة ، وأن كلا من هذه الأوجه جائز ، وقواه
النووي في شرح
مسلم ، وفيه أن صحة تعدد الكسوف يحتاج إلى نقل ثابت لا بمجرد جمع الروايات يقال بالتعدد خصوصا أنه نقل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها
بالمدينة إلا مرة واحدة ، وقد نقل
ابن القيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين غلطا من بعض الرواة ، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات
إبراهيم ، وإذا اتحدت القضية بطلت دعوى تعدد الواقعة مع أن كلا من رواية الثلاث وما فوقها لا تخلو عن علة .
وأما تعين الأخذ بالراجح ، وهو ركوعان على ما ذكره بعض الشافعية فمحل بحث ; فإنه عند اختلاف الروايتين بين الركوع والركوعين ينبغي الحمل على ما هو المعهود من صلاته - صلى الله عليه وسلم - وأن الزيادة ساقطة لاعتبارها محمولة على وهم بعض الرواة ، ولذا قال
الإمام محمد من أئمتنا : إن تأويل ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أطال الركوع رفع بعض الصفوف رءوسهم ظنا منهم أنه عليه السلام رفع رأسه من الركوع فرفع من خلفهم ، فلما رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكعا ركعوا فركع من خلفهم فمن كان خلف خلفهم ظن أنه صلى الله عليه
[ ص: 149 ] وسلم صلى بأكثر من ركوع فروى على حسب ما عنده من الاشتباه ويدل على هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصلها
بالمدينة إلا مرة واحدة باتفاق المحدثين ، وأرباب السير على خلاف في تعيين سنة موت
إبراهيم ، فجمهور أهل السيرة على أنه مات في السنة العاشرة فقيل في ربيع الأول ، وقيل في رمضان ، وقيل في ذي الحجة ، ولم يصح الأخير ; لأنه كان
بمكة في حجة الوداع ، وقد شهد وفاته
بالمدينة ، وكانت وفاته
بالمدينة اتفاقا ، وقيل مات سنة تسع ، وجزم
النووي بأنها كانت سنة
الحديبية .
( فقام ) أي : في محله أو على المنبر ( فحمد الله ) قال
ابن حجر : فيه دليل لمذهبنا من تعيين لفظ ح م د في الخطبة انتهى وفي استدلاله نظر ظاهر ( وأثنى عليه ) تفسير لما قبله أو المعنى شكره على إنعاماته ، وأثنى على ذاته وصفاته وزاد عليه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث
سمرة ، وشهد أنه عبد الله ورسوله ( ثم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345740إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ) أي : الدالان على وحدانيته ، وكمال قدرته كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا الليل والنهار آيتين الآية أي : علامتين تدلان على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد مع إمكان غيره أو على تخويف العباد من بأسه ، وسطوته ويؤيده قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما نرسل بالآيات إلا تخويفا وزاد في الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345741لا يخسفان لموت أحد ، ولا لحياته ، قال
ميرك : وقع في الروايات الأخر المخرجة في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة زيادة بعد قوله من آيات الله وهي (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345742لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ) وورد في رواية أخرى صحيحة أيضا بيان سبب هذا القول ولفظها ، وذلك أن ابنا للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له
إبراهيم مات فقيل إنما كسفت لموت
إبراهيم أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان .
وفي رواية أخرى صحيحة أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345743انكسفت الشمس في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج فزعا يجر رداءه حتى أتى المسجد فصلى حتى انجلت فلما انجلت قال : إن الناس يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء ، وليس كذلك إلى آخره أخرجه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة والحاكم .
( فإن انكسفا ) فيه تغليب القمر في التذكير ، وتغليب الشمس في الفعل على الشهير ، وفي نسخة فإذا انكسفا ( فافزعوا ) بفتح الزاي أي : خافوا وتضرعوا ، والتجئوا وبادروا ، وتوجهوا ( إلى ذكر الله تعالى ) والأمر للاستحباب ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، فإذا رأيتموها فصلوا وادعوا فسميت الصلاة ذكرا لاشتمالها عليه ، ومدارها إليه كما قال سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وأقم الصلاة لذكري وفي رواية
لأبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي : إنما هذه الآيات يخوف الله بها عباده فإذا
[ ص: 150 ] رأيتموها فصلوا وتذكروا الخوف .
وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة فقط دون الخطبة دلالة على أن الخطبة ليست مشروعة ، ولو كانت لنبينا - صلى الله عليه وسلم - .
ثم اعلم أن هاهنا أبحاثا منها ما قاله
ابن حجر من أن حديث الباب لا يدل على أن في كل ركعة قياما واحدا خلافا لمن زعمه .
قلت دلالته ظاهرة ، وإنكاره مكابرة ثم قال : وعلى التنزل فهو معارض بما هو أصح وأشهر ، قلت : قد رده
ابن الهمام بما لا مزيد عليه ثم قال : على أنا نقول بموجبه ، فإنا نجوز قياما وقيامين ، فلم نخالف السنة بخلاف من أنكر تعدد القيام ; فإنه خالف السنة الصريحة بلا مستند اللهم إلا أن يقال لم يبلغه ذلك ، قلت : قد بلغهم كما تقدم عن
الإمام محمد مع تأويله ، وأجابوا بالمعارضة ، ومستندهم الروايات المصرحة بأنه كان قياما واحدا مع أن تجويز القيام والقيامين إنما يصح لو صح تعدد الواقعة ، وهو غير صحيح .
ثم اعلم أن أهل الهيئة زعموا أن الكسوف أمر عادي لا يتقدم ، ولا يتأخر ورد قولهم عليهم بأنه لو كان بالحساب لم يقع فزع ، ولا أمرنا بنحو العتق ، والصلاة كما في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345744فإذا رأيتم ذلك فافزعوا ، وكبروا وصلوا وتصدقوا ، ومقتضاه أن ذلك مما يندفع به ما يخشى من أثر الكسوف الموجب للفزع ، وبما صح من خبر
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345745إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ، ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله ، وإن الله إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له .
فإن ظاهره أن سبب الكسوف خشوعهما لله تعالى .
ولعل السر في ذلك أن النور من عالم الجمال الحسي ، فإذا تجلت صفة الجلال انطمست الأنوار لهيبته ، وظهور عظمته ، ومن ثمة قال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : لما نظر للشمس ، وهي كاسفة فبكى حتى كاد أن يموت ، وقال هي أخوف لله منا .
وبما تقرر من صحة الحديث ، وظهور معناه اندفع قول
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي أنه لم يثبت فيجب تكذيب ناقله ، ولو صح كان تأويله سهل من مكابرة أمور قطعية لا تصادم من أصل الأصول الشرعية انتهى .
لكن قال
ابن دقيق العيد : لا تنافي بين الحديث ، وبين ما قالوا : فإن لله أفعالا على حسب العادة واقعة لا خارجة عنها وقدرته حاكمة على كل سبب يقطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض ، وحينئذ فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة ، وأنه يفعل ما يشاء وإذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد ، وذلك لا يمنع أن ثمة أسبابا تجري عليها بالعادة إلى أن يشاء الله خرقها .
وحاصله أن ما ذكروه إن كان حقا في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك تخويفا لعباده ، هذا والحديث أخرجه
أحمد وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان كلهم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو .
وقال العلماء : في هذه الأحاديث إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض وهو نحو قوله في الحديث الآخر
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345746يقولون مطرنا بنوء كذا .
قال
الخطابي : كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض موتا أو ضررا فأعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتقاد باطل ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=31759الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما .
وفيه بيان
[ ص: 151 ] ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشفقة على أمته وشدة الخوف من ربه .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16571عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) أَيِ : ابْنِ الْعَاصِ ( قَالَ : انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ ) أَيْ : ذَهَبَ نُورُ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا ، يُقَالُ كَسَفَتْ بِفَتْحِ الْكَافِ وَانْكَسَفَتْ
[ ص: 147 ] بِمَعْنَى وَأَنْكَرَ
الْفَرَّاءُ انْكَسَفَ ، وَكَذَا
الْجَوْهَرِيُّ حَيْثُ نَسَبَهُ إِلَى الْعَامَّةِ ، وَالْحَدِيثُ يُرَدُّ عَلَيْهِمَا ، وَحَكَى كُسِفَتْ بِضَمِّ الْكَافِ ، وَهُوَ نَادِرٌ ، وَقَالَ
الْكِرْمَانِيُّ : يُقَالُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا ، وَانْكَسَفَا وَخَسَفَا بِفَتْحِ الْخَاءِ وَضَمِّهَا وَانْخَسَفَا ، وَالْكُلُّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَقِيلَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ بِالْكَافِ ، وَخَسَفَ الْقَمَرُ بِالْخَاءِ ثُمَّ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُمَا يَكُونَانِ لِذَهَابِ ضَوْئِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ ، وَلِذَهَابِ بَعْضِهِ أَيْضًا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْخُسُوفُ فِي الْجَمْعِ ، وَالْكُسُوفُ فِي الْبَعْضِ وَقِيلَ الْخُسُوفُ ذَهَابُ اللَّوْنِ ، وَالْكُسُوفُ التَّغَيُّرُ ، وَقَالَ
الْعَسْقَلَانِيُّ : الْمَشْهُورُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْكُسُوفَ لِلشَّمْسِ وَالْخُسُوفَ لِلْقَمَرِ ، وَذَكَرَ
الْجَوْهَرِيُّ أَنَّهُ أَفْصَحُ ، وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ ، وَحَكَى
عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ عَكْسَهُ ، وَغُلِّطَ لِثُبُوتِهِ بِالْخَاءِ لِلْقَمَرِ فِي الْقُرْآنِ ، وَقِيلَ يُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَبِهِ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ ، وَقِيلَ بِالْكَافِ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَبِالْخَاءِ فِي الِانْتِهَاءِ ( يَوْمًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) وَهُوَ يَوْمَ مَاتَ
إِبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345732كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّاسُ : كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ ( فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي حَتَّى لَمْ يَكَدْ ) أَيْ : لَمْ يَقْرُبْ ( يَرْكَعُ ) بِلَا لَفْظَةِ ( أَنْ ) وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ طُولِ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ ; فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ قَدْرَ الْبَقَرَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأَوْلَى (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345733ثُمَّ رَكَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ) كَذَلِكَ بِدُونِ أَنْ بِخِلَافِ الْبَاقِي مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ (
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَكَدْ أَنْ يَسْجُدَ ثُمَّ سَجَدَ ) ،
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ سَجَدَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345735فَلَمْ يَكَدْ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَلَمْ يَكَدْ أَنْ يَسْجُدَ ) وَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13114وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16571عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ سُمِعَ مِنْهُ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ ، فَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ ، وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَلَى تَطْوِيلِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ إِلَّا فِي هَذَا ، وَقَدْ نَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَّالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَرْكِ إِطَالَتِهِ ، فَإِنْ أَرَادَ الِاتِّفَاقَ الْمَذْهَبِيَّ فَلَا كَلَامَ ، وَإِلَّا فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَهُ
الْعَسْقَلَانِيُّ ( ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَنْفُخُ ) أَيْ : مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ فَمِهِ حَرْفَانِ ( وَيَبْكِي ) قَالَ
مِيرَكُ : وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ
أَحْمَدَ بْنِ خُزَيْمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنِ حِبَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345736وَجَعَلَ يَنْفُخُ فِي الْأَرْضِ وَيَبْكِي وَهُوَ سَاجِدٌ وَذَلِكَ [ ص: 148 ] فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ( وَيَقُولُ رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَأَنَا فِيهِمْ ) أَيْ : بِقَوْلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ الْآيَةَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345737رَبِّ أَلَمْ تَعِدْنِي أَنْ لَا تُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) أَيْ : بِقَوْلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( وَنَحْنُ نَسْتَغْفِرُكَ ) فِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى تَحْقِيقِ الْمَوْعُودِينَ مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ اسْتِغْفَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ وَذَكَرَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْكُسُوفَ رُبَّمَا دَلَّ عَلَى وُقُوعِ عَذَابٍ فَخَشِيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُقُوعِهِ وَعُمُومِهِ ، وَمِنْ ثَمَّةَ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فَقَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ .
وَفِيهِ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ مِنْ ذِكْرِ وَعْدِ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَقَامِ طَلَبِ دَفْعِ الْبَلَاءِ ، وَكَأَنَّ فَائِدَةَ الدُّعَاءِ بِعَدَمِ تَعْذِيبِهِمْ مَعَ الْوَعْدِ بِهِ الَّذِي لَا يُخْلَفُ تَجْوِيزُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَعْدَ مَنُوطٌ بِشَرْطٍ أَوْ قَيْدٍ اخْتَلَّ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345738فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ ) أَيِ : انْكَشَفَتْ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلُّونَ وَرَوَى المص كَمَا تَرَى أَنَّهُ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعًا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10345739أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صِلَاتِكُمْ .
وَبِهَذَا أَخَذَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَأَمَّا مَا قَالَ جَمْعٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ فَيَرُدُّهُ عَلَيْهِمْ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ، وَتَأْوِيلُ صَلَّى بِأَمْرٍ بَاطِلٍ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا قَوْلُ
ابْنِ الْقَيِّمِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ جَمَاعَةً فَيَرُدُّهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ فِي سِيرَتِهِ أَنَّهُ خُسِفَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ فَصَلَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=32846صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْإِسْلَامِ ، وَجَزَمَ بِهِ
مُغَلْطَايُ :
وَالزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّ مُرَادَ
ابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ نَقْلًا صَحِيحًا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ فِي سِيرَتِهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ جَمَاعَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَيْنِ ، وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثًا ، وَفِي بَعْضِهَا أَرْبَعًا ، وَفِي بَعْضِهَا سِتًّا فَحَمَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ عَلَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ جَائِزٌ ، وَقَوَّاهُ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ ، وَفِيهِ أَنَّ صِحَّةَ تَعَدُّدِ الْكُسُوفِ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ ثَابِتٍ لَا بِمُجَرَّدِ جَمْعِ الرِّوَايَاتِ يُقَالُ بِالتَّعَدُّدِ خُصُوصًا أَنَّهُ نَقَلَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّهَا
بِالْمَدِينَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَقَدْ نَقَلَ
ابْنُ الْقَيِّمِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ،
وَأَحْمَدَ nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الزِّيَادَةَ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ غَلَطًا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، فَإِنَّ أَكْثَرَ طُرُقِ الْحَدِيثِ يُمْكِنُ رَدُّ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَيَجْمَعُهَا أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ مَاتَ
إِبْرَاهِيمُ ، وَإِذَا اتَّحَدَتِ الْقَضِيَّةُ بَطَلَتْ دَعْوَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ رِوَايَةِ الثَّلَاثِ وَمَا فَوْقَهَا لَا تَخْلُو عَنْ عِلَّةٍ .
وَأَمَّا تَعَيُّنِ الْأَخْذِ بِالرَّاجِحِ ، وَهُوَ رُكُوعَانِ عَلَى مَا ذَكَرُهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَمَحَلُّ بَحْثٍ ; فَإِنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالرُّكُوعَيْنِ يَنْبَغِي الْحَمْلُ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ صِلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ الزِّيَادَةَ سَاقِطَةٌ لِاعْتِبَارِهَا مَحْمُولَةً عَلَى وَهْمِ بَعْضِ الرُّوَاةِ ، وَلِذَا قَالَ
الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا : إِنَّ تَأْوِيلَ ذَلِكَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَطَالَ الرُّكُوعَ رَفَعَ بَعْضُ الصُّفُوفِ رُءُوسَهُمْ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَرَفَعَ مَنْ خَلْفَهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِعًا رَكَعُوا فَرَكَعَ مَنْ خَلْفَهُمْ فَمَنْ كَانَ خَلْفَ خَلْفِهِمْ ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
[ ص: 149 ] وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَكْثَرَ مِنْ رُكُوعٍ فَرَوَى عَلَى حَسَبِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الِاشْتِبَاهِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّهَا
بِالْمَدِينَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِاتِّفَاقِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَأَرْبَابِ السِّيَرِ عَلَى خِلَافٍ فِي تَعْيِينِ سَنَةِ مَوْتِ
إِبْرَاهِيمَ ، فَجُمْهُورُ أَهْلِ السِّيرَةِ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ فَقِيلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ ، وَقِيلَ فِي رَمَضَانَ ، وَقِيلَ فِي ذِي الْحِجَّةِ ، وَلَمْ يَصِحَّ الْأَخِيرُ ; لِأَنَّهُ كَانَ
بِمَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَقَدْ شُهِدَ وَفَاتُهُ
بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ
بِالْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا ، وَقِيلَ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ ، وَجَزَمَ
النَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَةَ
الْحُدَيْبِيَةِ .
( فَقَامَ ) أَيْ : فِي مَحَلِّهِ أَوْ عَلَى الْمِنْبَرِ ( فَحَمِدَ اللَّهَ ) قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ : فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِنَا مِنْ تَعْيِينِ لَفْظِ ح م د فِي الْخُطْبَةِ انْتَهَى وَفِي اسْتِدْلَالِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ( وَأَثْنَى عَلَيْهِ ) تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ أَوِ الْمَعْنَى شَكَرَهُ عَلَى إِنْعَامَاتِهِ ، وَأَثْنَى عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَزَادَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
سَمُرَةَ ، وَشَهِدَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ( ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345740إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ) أَيِ : الدَّالَّانِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ الْآيَةَ أَيْ : عَلَامَتَيْنِ تَدُلَّانِ عَلَى الْقَادِرِ الْحَكِيمِ بِتَعَاقُبِهِمَا عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ مَعَ إِمْكَانِ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى تَخْوِيفِ الْعِبَادِ مِنْ بَأْسِهِ ، وَسَطْوَتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا وَزَادَ فِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345741لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ ، قَالَ
مِيرَكُ : وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ الْمُخْرَجَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ زِيَادَةٌ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَهِيَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345742لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ) وَوَرَدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ أَيْضًا بَيَانُ سَبَبِ هَذَا الْقَوْلِ وَلَفْظُهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَالُ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ مَاتَ فَقِيلَ إِنَّمَا كَسَفَتْ لِمَوْتِ
إِبْرَاهِيمَ أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ .
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=114النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345743انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ فَزِعًا يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى حَتَّى انْجَلَتْ فَلَمَّا انْجَلَتْ قَالَ : إِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ مِنَ الْعُظَمَاءِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلَى آخِرِهِ أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْحَاكِمُ .
( فَإِنِ انْكَسَفَا ) فِيهِ تَغْلِيبُ الْقَمَرِ فِي التَّذْكِيرِ ، وَتَغْلِيبُ الشَّمْسِ فِي الْفِعْلِ عَلَى الشَّهِيرِ ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِذَا انْكَسَفَا ( فَافْزَعُوا ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ : خَافُوا وَتَضَرَّعُوا ، وَالْتَجِئُوا وَبَادِرُوا ، وَتَوَجَّهُوا ( إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ) وَالْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ ، وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا وَادْعُوا فَسُمِّيَتِ الصَّلَاةُ ذِكْرًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ ، وَمَدَارِهَا إِلَيْهِ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي وَفِي رِوَايَةٍ
لِأَبِي دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ : إِنَّمَا هَذِهِ الْآيَاتُ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ فَإِذَا
[ ص: 150 ] رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا وَتَذَكَّرُوا الْخَوْفَ .
وَفِي أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّلَاةِ فَقَطْ دُونَ الْخُطْبَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً ، وَلَوْ كَانَتْ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا أَبْحَاثًا مِنْهَا مَا قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامًا وَاحِدًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ .
قُلْتُ دَلَالَتُهُ ظَاهِرَةٌ ، وَإِنْكَارُهُ مُكَابَرَةٌ ثُمَّ قَالَ : وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ ، قُلْتُ : قَدْ رَدَّهُ
ابْنُ الْهُمَامِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِمُوجِبِهِ ، فَإِنَّا نُجَوِّزُ قِيَامًا وَقِيَامَيْنِ ، فَلَمْ نُخَالِفِ السُّنَّةَ بِخِلَافِ مَنْ أَنْكَرَ تَعَدُّدَ الْقِيَامِ ; فَإِنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ الصَّرِيحَةَ بِلَا مُسْتَنَدٍ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يَبْلُغْهُ ذَلِكَ ، قُلْتُ : قَدْ بَلَغَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ
الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ مَعَ تَأْوِيلِهِ ، وَأَجَابُوا بِالْمُعَارَضَةِ ، وَمُسْتَنَدُهُمُ الرِّوَايَاتُ الْمُصَرِّحَةُ بِأَنَّهُ كَانَ قِيَامًا وَاحِدًا مَعَ أَنَّ تَجْوِيزَ الْقِيَامِ وَالْقِيَامَيْنِ إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ صَحَّ تَعَدُّدُ الْوَاقِعَةِ ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ .
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْهَيْئَةِ زَعَمُوا أَنَّ الْكُسُوفَ أَمْرٌ عَادِيٌّ لَا يَتَقَدَّمُ ، وَلَا يَتَأَخَّرُ وَرُدَّ قَوْلُهُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالْحِسَابِ لَمْ يَقَعْ فَزَعٌ ، وَلَا أُمِرْنَا بِنَحْوِ الْعِتْقِ ، وَالصَّلَاةِ كَمَا فِي خَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345744فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا ، وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَنْدَفِعُ بِهِ مَا يُخْشَى مِنْ أَثَرِ الْكُسُوفِ الْمُوجِبِ لِلْفَزَعِ ، وَبِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345745إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ، وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا تَجَلَّى لِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ خَشَعَ لَهُ .
فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ سَبَبَ الْكُسُوفِ خُشُوعُهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى .
وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ النُّورَ مِنْ عَالَمِ الْجَمَالِ الْحِسِّيِّ ، فَإِذَا تَجَلَّتْ صِفَةُ الْجَلَالِ انْطَمَسَتِ الْأَنْوَارُ لِهَيْبَتِهِ ، وَظُهُورِ عَظَمَتِهِ ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ : لَمَّا نَظَرَ لِلشَّمْسِ ، وَهِيَ كَاسِفَةٌ فَبَكَى حَتَّى كَادَ أَنْ يَمُوتَ ، وَقَالَ هِيَ أَخْوَفُ لِلَّهِ مِنَّا .
وَبِمَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ الْحَدِيثِ ، وَظُهُورِ مَعْنَاهُ انْدَفَعَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَّالِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فَيَجِبُ تَكْذِيبُ نَاقِلِهِ ، وَلَوْ صَحَّ كَانَ تَأْوِيلُهُ سَهُلَ مِنْ مُكَابَرَةِ أُمُورٍ قَطْعِيَّةٍ لَا تُصَادَمُ مِنْ أَصْلِ الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ انْتَهَى .
لَكِنْ قَالَ
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْحَدِيثِ ، وَبَيْنَ مَا قَالُوا : فَإِنَّ لِلَّهِ أَفْعَالًا عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَاقِعَةٌ لَا خَارِجَةٌ عَنْهَا وَقُدْرَتُهُ حَاكِمَةٌ عَلَى كُلِّ سَبَبٍ يَقْطَعُ مَا يَشَاءُ مِنَ الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبِّبَاتِ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَحِينَئِذٍ فَالْعُلَمَاءُ بِاللَّهِ لِقُوَّةِ اعْتِقَادِهِمْ فِي عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَإِذَا وَقَعَ شَيْءٌ غَرِيبٌ حَدَثَ عِنْدَهُمُ الْخَوْفُ لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّ ثَمَّةَ أَسْبَابًا تَجْرِي عَلَيْهَا بِالْعَادَةِ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ خَرْقَهَا .
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ إِنْ كَانَ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا يُنَافِي كَوْنُ ذَلِكَ تَخْوِيفًا لِعِبَادِهِ ، هَذَا وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابْنُ خُزَيْمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16571عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو .
وَقَالَ الْعُلَمَاءُ : فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِبْطَالُ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِيرِ الْكَوَاكِبِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345746يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا .
قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكُسُوفَ يُوجِبُ حُدُوثَ تَغَيُّرٍ فِي الْأَرْضِ مَوْتًا أَوْ ضَرَرًا فَأَعْلَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ اعْتِقَادٌ بَاطِلٌ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=31759الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لِلَّهِ لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَانٌ فِي غَيْرِهِمَا ، وَلَا قُدْرَةٌ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا .
وَفِيهِ بَيَانُ
[ ص: 151 ] مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الشَّفَقَةِ عَلَى أُمَّتِهِ وَشَدَّةِ الْخَوْفِ مِنْ رَبِّهِ .