( باب ما جاء في  سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم      - )  
أي في قدر عمره ومقدار أمره ( حدثنا   أحمد بن منيع  ، حدثنا   روح بن عبادة     ) بفتح الراء وضم العين ( حدثنا  زكريا     ) بالقصر ، ويجوز مده (   ابن إسحاق  حدثنا   عمرو بن دينار  عن   ابن عباس  قال مكث ) بضم الكاف وفتحها ، أي : لبث ( النبي - صلى الله عليه وسلم -  بمكة      ) أي : بعد البعثة ( ثلاث عشرة ) أي : سنة ( يوحى إليه ) أي : باعتبار مجموعها ، ؛ لأن مدة فترة الوحي ، وهي سنتان ونصف من جملتها ، وهذا هو الأصح الموافق لما رواه أكثر الرواة ، وورد عشر سنين وخمسة عشر في سبعة منها يرى نورا ويسمع صوتا ولم ير ملكا ، وفي ثمانية منها يوحى إليه ، وجميع هذه الروايات في الصحيحين ، وبين الروايتين المرويتين عن   ابن عباس  مخالفة من وجهين : أحدهما في مدة الإقامة  بمكة   ثلاث عشرة أو خمس عشرة ، وثانيهما في زمن الوحي عليه ثلاث عشرة أو ثمانية ، قال  الحنفي     : يمكن أن يقال المراد بالوحي إليه في ثلاث عشرة مطلق الوحي سواء كان الملك مرئيا أو لا ، والمراد : بالوحي إليه هو أن يكون الملك مرئيا فيه ، فلا تدافع بينهما انتهى .  
وزيد في بعض النسخ المصححة  وبالمدينة   عشرا ، أي : عشر سنين ( وتوفي ) بصيغة المجهول من التوفي ، أي : ومات ( وهو ابن ثلاث وستين ) أي : سنة ، كما في نسخة ، قال   البخاري  هذا أكثر في الرواية ، ورجح  أحمد  أيضا هذه الرواية ، قال  ميرك     : في قدر عمره - صلى الله عليه وسلم - ثلاث روايات : إحداهما أنه توفي وهو ابن ستين سنة ، والثانية خمس وستون ، والثالثة ثلاث وستون ، وهي أصحها وأشهرها ، رواه   البخاري  من رواية   ابن عباس  ومعاوية  ومسلم  من رواية  عائشة   وابن عباس  ومعاوية  أيضا ، واتفق العلماء على أن أصحها ثلاث وستون وتأولوا باقي الروايات عليها      [ ص: 250 ] فرواية ستون محمولة على أن الراوي اقتصر فيها على العقود وترك الكسور ، ورواية الخمس متأولة أيضا بإدخال سنتي الولادة والوفاة أو حصل فيها اشتباه ، وقد أنكر  عروة  على   ابن عباس     - رضي الله عنهما - قوله خمس وستون ، ونسبه إلى الغلط ، وقال إنه لم يدرك أول النبوة ، ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين ، واتفقوا على أنه - صلى الله عليه وسلم - أقام  بالمدينة   بعد الهجرة عشر سنين ،  وبمكة   قبل النبوة أربعين سنة ، وإنما الخلاف في  قدر إقامته  بمكة   بعد النبوة وقبل الهجرة   ، والصحيح أنه ثلاث عشرة سنة ، فيكون عمره ثلاثا وستين ، وهذا الذي ذكرناه أنه بعث على رأس أربعين سنة هو الصواب المشهور الذي أطبق جمهور العلماء المحققين عليه ، وحكى  القاضي  عن   ابن عباس   وسعيد بن المسيب  رواية شاذة أنه بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة ، والصواب أربعون ، قال  ميرك     : والله أعلم ، وجه الخلاف في مدة البعث والدعوة ؛ لأن دعوته مجاهرة بعد ثلاث وأربعين ، بعد نزول آية (  فاصدع بما تؤمر      ) أي : فاجهر ، وظهور الدعوة حينئذ ، والله سبحانه أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					