( حدثنا   أحمد بن منيع  حدثنا  حسين بن محمد  حدثنا  إسرائيل  عن  أبي إسحاق  عن   عمرو بن الحارث  أخي  جويرية     ) بالتصغير ، وهي إحدى أمهات المؤمنين ( له ) أي :  لعمرو     ( صحبة قال  ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا سلاحه      ) بكسر السين أي : مما كان يختص بلبسه من نحو سيف ورمح ودرع ومغفر وحربة ( وبغلته ) أي : البيضاء التي يختص بركوبها ( وأرضا ) وهي نصف  أرض فدك   وثلث أرض  وادي القرى   وسهم من خمس  خيبر   وحصة من أرض  بني النضير   كذا ذكره  ميرك  نقلا عن  الكرماني  ، قال  ابن حجر     : ولم يضفها إليه كالأولين لاختصاصهما به دونها إذ نفعها كان عاما له ولغيره من عياله وفقراء المساكين .  
( جعلها صدقة ) قيل الضمير راجع إلى الثلاثة لقوله عليه السلام :  نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة     .  
والظاهر أنها للأرض ؛ لأن المراد بقوله جعلها صدقة بين كونها من الصدقات حال حياته لا أنها صارت صدقة بعد مماته حال حياته ، وقد أخرجه   البخاري  بإسناده عن   عمرو بن الحارث  ختن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخي   الجويرية بنت الحارث  قال ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته درهما ، ولا دينارا ، ولا عبدا ، ولا أمة ، ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة .  
قال  العسقلاني     : أي تصدق بمنفعة الأرض فصار حكمها  حكم الوقف   ، وقوله : ولا عبدا ، ولا أمة أي : في الرق .  
وفيه دلالة أن ما ذكر من رقيق النبي - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأخبار كان إما مات وإما أعتقه .
قيل : ولو جعل الضمير للأرض وحدها لزم كون السلاح والبغلة ميراثا ودفع بأن قوله - صلى الله عليه وسلم -  ما تركنا صدقة  صريح في أن  ما خلفه يصير صدقة بنفس الموت ، وإن لم يتصدق به   ، نعم ظاهر إيراد المصنف في عنوان الباب جعل الضمير للكل ، وهو مختار  الكرماني  في شرح   البخاري  ، والله أعلم .  
وقيل : الأرض هي  فدك   سبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته وجعلها صدقة للمسلمين كذا ذكره  الحنفي  ، والصحيح ما ذكره  الكرماني  وابن   [ ص: 283 ] حجر  فتدبر .  
ثم الحصر إضافي أو ادعائي مبني على عدم اعتبار أشياء أخر مثل الأثواب وأمتعة البيت وغيرهما كما بينت في موضعها ، ولعل أمتعة البيت كانت لأمهات المؤمنين ابتداء أو بالتمليك انتهاء ، وأما تعدد الثياب فلم يعرف له أصل والقليل منها لم يذكر لحقارتها أو لغاية وضوحها إذ لا يخلو إنسان عن شيء من ذلك ، وإذا علم حكم الأشياء النفيسة تبعها غيرها بالأولى كما لا يخفى ، لكن ذكر بعض أرباب السير أنه - صلى الله عليه وسلم - خلف إبلا كثيرة وأنه كان له عشرون ناقة يرعونها حول  المدينة   ويأتون بألبانها إليه كل ليلة وكان له سبع معز يشربون لبنها كل ليلة ، والظاهر أن الإبل الكثيرة هي من إبل الصدقة وأن الناقة والمعز كانت من المنائح كما جاءت به الروايات الصرايح ، وسيجيء في روايةعائشة  عند المصنف أنه ما ترك دينارا ، ولا درهما ، ولا شاة ، ولا بعيرا فيتعين التأويل الذي ذكرناه ، والعجب من  ابن حجر  حيث ذكر ما نقل عن أهل السير وسكت عنه .  
				
						
						
