[ ص: 408 ] فصل
وكان إذا وضع رجله في الركاب لركوب دابته ، قال : " بسم الله " فإذا استوى على ظهرها ، قال : " الحمد لله " ثلاثا " الله أكبر " ثلاثا ، ثم يقول : " سبحان الذي سخر لنا هذا ، وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " ثم يقول : " الحمد لله " ثلاثا ، " الله أكبر " ثلاثا ، ثم يقول : " سبحان الله " ثلاثا ، ثم يقول : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، سبحانك إني ظلمت نفسي ، فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت " .
وكان إذا ودع أصحابه في السفر يقول لأحدهم : ( أستودع الله دينك وأمانتك ، وخواتيم عملك ) .
وجاء إليه رجل وقال : يا رسول الله : إني أريد سفرا ، فزودني . فقال : [ ص: 409 ] ( زودك الله التقوى . قال : زدني . قال : وغفر لك ذنبك . قال : زدني . قال : ويسر لك الخير حيثما كنت ) .
وقال له رجل : إني أريد سفرا ، فقال ( أوصيك بتقوى الله ، والتكبير على كل شرف " فلما ولى ، قال " اللهم ازو له الأرض ، وهون عليه السفر ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا علوا الثنايا ، كبروا ، وإذا هبطوا سبحوا ، فوضعت الصلاة على ذلك .
وقال أنس : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا علا شرفا من الأرض أو نشزا ، قال ( اللهم لك الشرف على كل شرف ، ولك الحمد على كل حمد )
وكان سيره في حجه العنق ، فإذا وجد فجوة رفع السير فوق ذلك ، وكان [ ص: 410 ] يقول : ( لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ) .
وكان يكره للمسافر وحده أن يسير بالليل فقال : ( لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار أحد وحده بليل ) .
بل كان يكره السفر للواحد بلا رفقة ، وأخبر : ( أن الواحد شيطان ، والاثنان شيطانان ، والثلاثة ركب )
وكان يقول : ( إذا نزل أحدكم منزلا فليقل : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه ) .
ولفظ مسلم : ( من نزل منزلا ثم قال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك ) .
وذكر أحمد عنه أنه كان إذا غزا أو سافر فأدركه الليل قال : ( يا أرض ربي وربك الله ، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك ، وشر ما خلق فيك ، وشر ما دب [ ص: 411 ] عليك ، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود ، وحية وعقرب ، ومن شر ساكن البلد ، ومن شر والد وما ولد ) .
وكان يقول : ( إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة ، فبادروا نقيها ) .
وفي لفظ : ( فأسرعوا عليها السير ، وإذا عرستم ، فاجتنبوا الطريق ، فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام بالليل ) .
وكان إذا رأى قرية يريد دخولها قال حين يراها : ( اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الريح وما ذرين ، إنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ، ونعوذ بك من شرها ، وشر ما فيها ) .
وكان إذا بدا له الفجر في السفر قال : ( سمع سامع بحمد الله وحسن بلائه علينا ، ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار )
[ ص: 412 ] ( وكان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ) .
وكان ينهى المرأة أن تسافر بغير محرم ، ولو مسافة بريد .
( وكان يأمر المسافر إذا قضى نهمته من سفره ، أن يعجل الأوبة إلى [ ص: 413 ] أهله ) .
وكان إذا قفل من سفره ، يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ، ثم يقول : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، آيبون تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ) .
( وكان ينهى أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا طالت غيبته عنهم .
[ ص: 414 ] وفي " الصحيحين " : ( كان لا يطرق أهله ليلا يدخل عليهن غدوة أو عشية ) .
( وكان إذا قدم من سفره يلقى بالولدان من أهل بيته . قال عبد الله بن جعفر : وإنه قدم مرة من سفر ، فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة ، إما حسن وإما حسين ، فأردفه خلفه . قال : فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة ) .
وكان يعتنق القادم من سفره ، ويقبله إذا كان من أهله . قال الزهري : عن عروة ، عن عائشة : ( قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فأتاه فقرع الباب ، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانا يجر ثوبه ، والله ما رأيته عريانا قبله ولا بعده ، فاعتنقه وقبله ) .
[ ص: 415 ] قالت عائشة : لما قدم جعفر وأصحابه ، تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عينيه واعتنقه .
قال الشعبي : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدموا من سفر تعانقوا .
( وكان إذا قدم من سفر ، بدأ بالمسجد ، فركع فيه ركعتين )


