الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في السلام على أهل الكتاب

صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تبدءوهم بالسلام ، وإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق ) لكن قد قيل : إن هذا كان في قضية خاصة لما ساروا إلى بني قريظة قال : ( لا تبدءوهم بالسلام ) فهل هذا حكم عام لأهل الذمة مطلقا ، أو يختص بمن كانت حاله بمثل حال أولئك ؟ هذا موضع نظر ، ولكن قد روى مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ، وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه ) والظاهر أن هذا حكم عام .

وقد اختلف السلف والخلف في ذلك ، فقال أكثرهم : لا يبدءون بالسلام ، وذهب آخرون إلى جواز ابتدائهم كما يرد عليهم ، روي ذلك عن ابن عباس ، وأبي أمامة ، وابن محيريز ، وهو وجه في مذهب الشافعي رحمه الله لكن صاحب هذا الوجه قال : يقال له : السلام عليك فقط بدون ذكر الرحمة ، وبلفظ الإفراد ، وقالت طائفة : يجوز الابتداء لمصلحة راجحة من حاجة تكون له إليه ، أو خوف من أذاه ، أو لقرابة بينهما ، أو لسبب يقتضي ذلك ، يروى ذلك عن إبراهيم النخعي ، وعلقمة .

وقال الأوزاعي : إن سلمت فقد سلم الصالحون ، وإن تركت فقد ترك الصالحون .

[ ص: 389 ] واختلفوا في وجوب الرد عليهم ، فالجمهور على وجوبه ، وهو الصواب ، وقالت طائفة : لا يجب الرد عليهم ، كما لا يجب على أهل البدع وأولى ، والصواب الأول ، والفرق أنا مأمورون بهجر أهل البدع تعزيرا لهم وتحذيرا منهم ، بخلاف أهل الذمة .

التالي السابق


الخدمات العلمية