الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا وإنها العشاء وإنهم يسمونها العتمة ) وصح عنه أنه قال ( لو يعلمون ما في العتمة والصبح ، لأتوهما ولو حبوا ) فقيل هذا ناسخ للمنع ، وقيل بالعكس ، والصواب خلاف [ ص: 320 ] القولين ، فإن العلم بالتاريخ متعذر ، ولا تعارض بين الحديثين ، فإنه لم ينه عن إطلاق اسم العتمة بالكلية ، وإنما نهى عن أن يهجر اسم العشاء ، وهو الاسم الذي سماها الله به في كتابه ، ويغلب عليها اسم العتمة ، فإذا سميت العشاء ، وأطلق عليها أحيانا العتمة ، فلا بأس ، والله أعلم

وهذا محافظة منه صلى الله عليه وسلم على الأسماء التي سمى الله بها العبادات ، فلا تهجر ويؤثر عليها غيرها ، كما فعله المتأخرون في هجران ألفاظ النصوص ، وإيثار المصطلحات الحادثة عليها ، ونشأ بسبب هذا من الجهل والفساد ما الله به عليم ، وهذا كما كان يحافظ على تقديم ما قدمه الله ، وتأخير ما أخره ، كما بدأ بالصفا ، وقال ( أبدأ بما بدأ الله به ) وبدأ في العيد بالصلاة ثم جعل النحر بعدها ، وأخبر أن ( من ذبح قبلها ، فلا نسك له ) تقديما لما بدأ الله به في قوله ( فصل لربك وانحر ) وبدأ في أعضاء الوضوء بالوجه ، ثم اليدين ، ثم الرأس ، ثم الرجلين تقديما لما قدمه الله ، وتأخيرا لما أخره ، وتوسيطا لما وسطه ، وقدم زكاة الفطر على صلاة العيد تقديما لما قدمه في قوله ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى : 13 ] ونظائره كثيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية