الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

ومنها : وهم من زعم أنه لم يسرع في وادي محسر حين أفاض من جمع إلى منى ، وأن ذلك إنما هو فعل الأعراب ، ومستند هذا الوهم قول ابن عباس : إنما كان بدء الإيضاع من قبل أهل البادية كانوا يقفون حافتي الناس حتى قد علقوا القعاب والعصي والجعاب ، فإذا أفاضوا تقعقعت تلك ، فنفروا بالناس ، ولقد رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن ذفري ناقته ليمس حاركها ، وهو يقول : ( يأيها الناس عليكم السكينة ) ، وفي رواية : ( إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل ، فعليكم بالسكينة ، فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى ) رواه أبو داود " . ولذلك أنكره طاووس والشعبي ، قال الشعبي : حدثني أسامة بن زيد أنه أفاض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ، فلم ترفع راحلته رجلها عادية حتى بلغ جمعا . قال : وحدثني الفضل بن عباس أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع ، فلم ترفع راحلته رجلها عادية حتى رمى الجمرة . وقال عطاء : إنما أحدث هؤلاء الإسراع ، [ ص: 284 ] يريدون أن يفوتوا الغبار .

ومنشأ هذا الوهم اشتباه الإيضاع وقت الدفع من عرفة الذي يفعله الأعراب ، وجفاة الناس بالإيضاع في وادي محسر ، فإن الإيضاع هناك بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل نهى عنه ، والإيضاع في وادي محسر سنة نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر ، وعلي بن أبي طالب ، والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهم ، وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان ابن الزبير يوضع أشد الإيضاع ، وفعلته عائشة وغيرهم من الصحابة ، والقول في هذا قول من أثبت لا قول من نفى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية