( فصل )
ويجب أن يقضي مثل الذي أفسده إن كان حجا قضى حجا ، وإن كان
[ ص: 257 ] عمرة قضى عمرة ، وإن كان عمرة وحجة قضاهما . وعليه أن يحرم من أبعد الموضعين ، وهما : المكان الذي أحرم منه أولا ، وميقات بلده ؛ فلو كان أحرم بالعمرة أو الحجة الفاسدة من دون الميقات ، فعليه أن يحرم في القضاء من الميقات لأنه لا يجوز لأحد يريد الحج والعمرة أن يجاوز الميقات إلا محرما ، ولأن تركه لواجب ، أو فعله لمحظور في الأداء لا يسوغ له تعدي حدود الله في القضاء . وإن كان قد أحرم بهما من فوق الميقات ، مثل : أن يكون قد أحرم في
مصر فعليه أن يحرم بالقضاء من ذلك الموضع . هذا نصه ومذهبه ؛ قال - في رواية
أبي طالب - : في
nindex.php?page=treesubj&link=3473_3466_3771الرجل إذا واقع امرأته في العمرة عليهما قضاؤها من حيث أهلا بالعمرة لا يجزئهما إلا من حيث أهلا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194والحرمات قصاص ) .
وقال - في رواية
ابن مشيش - :
nindex.php?page=treesubj&link=25524إذا أفسد الرجل الحج فعليه الحج من قابل من حيث أوجب الإحرام ، قيل له : فإن كان من أهل
بغداد وقد أوجب الإحرام على نفسه ، ولم يكن له من قابل زاد ولا راحلة ، فعليه متى وجد .
وقد نص في المحصر على خلاف ذلك لما تقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : ويحرمان من حيث أحرما . ولم ينقل عن صحابي خلافه لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194والحرمات ) فأوجب على من انتهك حرمة ... .
فإن قيل : قد تقدم في الحديثين المرسلين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015500حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فأحرما وتفرقا " وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي - وحظه من القياس
[ ص: 258 ] وافر - ؛ لأن تلك المسافة قطعها بالإحرام الصحيح ، وإنما يقضي ما أفسده في المستقبل ، ويؤيد هذا : أن الواطئ بعد جمرة العقبة يقضي ما بقي عليه .
( فَصْلٌ )
وَيَجِبُ أَنْ يَقْضِيَ مِثْلَ الَّذِي أَفْسَدَهُ إِنْ كَانَ حَجًّا قَضَى حَجًّا ، وَإِنْ كَانَ
[ ص: 257 ] عُمْرَةً قَضَى عُمْرَةً ، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً وَحَجَّةً قَضَاهُمَا . وَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ ، وَهُمَا : الْمَكَانُ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا ، وَمِيقَاتُ بَلَدِهِ ؛ فَلَوْ كَانَ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوِ الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِنَ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ يُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ أَنْ يُجَاوِزَ الْمِيقَاتَ إِلَّا مُحْرِمًا ، وَلِأَنَّ تَرْكَهُ لِوَاجِبٍ ، أَوْ فِعْلَهُ لِمَحْظُورٍ فِي الْأَدَاءِ لَا يُسَوِّغُ لَهُ تَعَدِّيَ حُدُودِ اللَّهِ فِي الْقَضَاءِ . وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِهِمَا مِنْ فَوْقِ الْمِيقَاتِ ، مِثْلَ : أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ فِي
مِصْرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ . هَذَا نَصُّهُ وَمَذْهَبُهُ ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي طَالِبٍ - : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3473_3466_3771الرَّجُلِ إِذَا وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي الْعُمْرَةِ عَلَيْهِمَا قَضَاؤُهَا مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا بِالْعُمْرَةِ لَا يُجْزِئُهُمَا إِلَّا مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ) .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مُشَيْشٍ - :
nindex.php?page=treesubj&link=25524إِذَا أَفْسَدَ الرَّجُلُ الْحَجَّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ مِنْ حَيْثُ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ ، قِيلَ لَهُ : فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
بَغْدَادَ وَقَدْ أَوْجَبَ الْإِحْرَامَ عَلَى نَفْسِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ قَابِلٍ زَادٌ وَلَا رَاحِلَةٌ ، فَعَلَيْهِ مَتَى وَجَدَ .
وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُحْصَرِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : وَيُحْرِمَانِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا . وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ صَحَابِيٍّ خِلَافُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194وَالْحُرُمَاتُ ) فَأَوْجَبَ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ حُرْمَةً ... .
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمُرْسَلَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015500حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا بِالْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتُمَا فِيهِ مَا أَصَبْتُمَا ، فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا " وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيِّ - وَحَظُّهُ مِنَ الْقِيَاسِ
[ ص: 258 ] وَافِرٌ - ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَافَةَ قَطَعَهَا بِالْإِحْرَامِ الصَّحِيحِ ، وَإِنَّمَا يَقْضِي مَا أَفْسَدَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا : أَنَّ الْوَاطِئَ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ .