الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال أصحابنا : يستحب للطائف الدنو من البيت في الطواف إلا أن يؤذي غيره ، أو يتأذى بنفسه ، فيخرج إلى حيث أمكنه ، وكلما كان أقرب فهو أفضل ، وإن كان الأبعد أوسع مطافا وأكثر خطى .

فإن لم يمكنه الرمل مع القرب لقوة الازدحام : فإن رجا أن تخف الزحمة ولم يتأذ أحد بوقوفه انتظر ذلك ليجمع بين قربه من البيت وبين الرمل ، فإن ذلك مقدم على مبادرته إلى تمام الطواف ، وإن كان الوقوف لا يشرع في الطواف ؛ قال أحمد : فإن لم تقدر أن ترمل فقم حتى تجد مسلكا ثم ترمل .

فإن لم يمكنه الجمع بين القرب والرمل : فقال القاضي وغيره : يخرج إلى حاشية المطاف ؛ لأن الرمل أفضل من القرب ؛ لأنه هيئته في نفس العبادة بخلاف القرب فإنه هيئة في مكانها .

وقال ابن عقيل : يطوف قريبا على حسب حاله ؛ لأن الرمل هيئة فهو [ ص: 443 ] كالتجافي في الركوع والسجود ، ولا يترك الصف الأول لأجل تعذرها ، فكذلك هنا لا يترك المكان القريب من البيت لأجل تعذر الهيئة .

والأول ...؛ لأن الرمل سنة مؤكدة بحيث يكره تركها ، والطواف من حاشية المطاف لا يكره ، بخلاف التأخر إلى الصف الثاني في الصلاة فإنه مكروه كراهة شديدة .

والفرق بين الصف الأول وبين داخل المطاف : أن المصلين في صلاة واحدة ، ومن سنة الصلاة إتمام الصف الأول : بخلاف الطائفين فإن كل واحد يطوف منفردا في الحكم فنظير ذلك أن يصلي منفردا في قبل المسجد مع عدم إتمام هيئات الصلاة ، فإن صلاته في مؤخره مع إتمامها أولى .

وأيضا : فإن تراص الصف وانضمامه سنة في نفسه ، فاغتفر في جانبها زوال التجافي ، بخلاف ازدحام الطائفين فإنه ليس مستحبا وإنما هو بحسب الواقع .

وأيضا : فإن فضيلة الصف الأول ثبتت بنصوص كثيرة بخلاف داخل المطاف ، على أن المسألة التي ذكرها فيها نظر .

فأما إن خاف إن خرج أن يختلط بالنساء : طاف على حسب حاله ، ولم يخرج .

التالي السابق


الخدمات العلمية