مسألة : ( إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما  ، ويستحب لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء بهذا ) . 
وجملة ذلك أن المرأة إذا حاضت بعد طواف الإفاضة لم يجب عليها أن تحتبس حتى تودع البيت  ، بل لها أن تخرج وهي حائضة من غير وداع ; لما روي عن  عائشة  قالت :   " حاضت  صفية بنت حيي  بعدما أفاضت ، قالت : فذكرت حيضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أحابستنا هي ؟ قلت : يا رسول الله ، إنها أفاضت وطافت بالبيت ، ثم حاضت بعد الإفاضة ، قال : فلتنفر إذا " متفق عليه . 
وفي رواية متفق عليها قالت :   " لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفر ، إذا   [ ص: 570 ] صفية  على باب خبائها كئيبة حزينة ، قال : " عقرى حلقى ، إنك لحابستنا ، ثم قال لها : أكنت أفضت يوم النحر ؟ قالت : نعم ، قال : فانفري "   . 
وفي حديث  ابن عباس    : " إلا أنه خفف عن المرأة الحائض " . 
وعنه أيضا :   " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف بالبيت إذا كانت قد طافت في الإفاضة "   . رواه أحمد    . 
فإن قيل : فقد روى يعلى بن عطاء  ، عن الوليد بن عبد الرحمن  ، عن الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفي  قال : " سألت  عمر بن الخطاب  عن المرأة تطوف بالبيت ثم تحيض ؟ قال : ليكن آخر عهدها الطواف بالبيت ، قال : 
 [ ص: 571 ] فقال الحارث    : كذلك أفتاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فقال عمر    : أربت عن يديك ، سألتني عن شيء سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكيما أخالف " رواه أحمد   وأبو داود    . 
قيل : الحارث  كان قد سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت ، واللفظ ظاهر في العموم ، ثم سأل عمر  عن صورة من صور العموم ، وأفتاه بما يطابق العموم ، ولم يعلما أن تلك الصورة مخصوصة من هذا اللفظ ، ولم يذكر الحارث  أنه استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الصورة بعينها ، يبين ذلك ما روي في بعض طرقه عن الحارث  هذا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :   " من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت " فبلغ حديثه عمر  فقال له : خررت من يديك ! سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم تخبرنا به ؟ " رواه أحمد  ،  وابن ماجه  ،  والترمذي  وقال : حديث غريب . 
				
						
						
