مسألة : ( والمبيت
بمنى )
nindex.php?page=treesubj&link=3703السنة للحاج : أن لا يبيت ليالي منى إلا بها ; لأن الله سبحانه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ومعنى التعجل : هو الإفاضة من
منى ، فعلم أنه قبل التعجل يكون مقيما بها ، فلو
[ ص: 642 ] لم يبت بها ليلا - وليس عليه أن يقيم بها نهارا - : لم يكن مقيما بها ، ولم يكن فرق بين إتيانه
منى لرمي الجمار ، وإتيانه
مكة لطواف الإفاضة والوداع .
والآية : دليل على أن عليه أن يقيم في الموضع الذي شرع فيه ذكر الله ، وجعل ذلك المكان والزمان عيدا ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فعلوا ذلك ; ولأن
العباس "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015861استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له " متفق عليه .
فاستئذان
العباس : دليل على أنهم كانوا ممنوعين من المبيت بها ، وإذنه له من أجل السقاية : دليل على أنه لا يؤذن في ترك المبيت بغير عذر .
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015862يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام منى عيدنا أهل الإسلام " .
والعيد : هو المجتمع للعبادة ; فيوم عرفة ويوم النحر يجتمعون
بعرفة ومزدلفة ,
ومنى : وأيام منى ، لا بد أن يجتمعوا ، وهم لا يجتمعون نهارا لأجل مصالحهم ، فإنهم يرمون الجمار متفرقين ، فلا بد من الاجتماع ليلا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " لا يبيتن أحد من الحاج من وراء جمرة
العقبة ، وكان يبعث إلى من وراء
العقبة ، فيدخلون
منى " رواه
مالك وأحمد وهذا لفظه .
وعن
نافع عن
أسلم أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : " لا يبيتن أحد من الحاج وراء جمرة
العقبة ، وكان يرسل رجالا فلا يجدون أحدا شذ من
[ ص: 643 ] منى إلا أدخل " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " لا يبيتن أحد من وراء جمرة
العقبة ليالي
منى " رواهما
أحمد ... فإن
nindex.php?page=treesubj&link=3704ترك المبيت بمنى : فقال
أبو بكر - في الشافي - : روي عنه عليه الدم ، وروي : يتصدق بشيء ، وروي عنه : لا شيء عليه ، وبهذا أقول .
فهذه ثلاث روايات ; إحداهن : لا شيء عليه - قال في رواية
المروذي - : من بات
بمكة ليالي
منى يتصدق بشيء وإن بات من غير عذر أرجو أن لا يكون عليه شيء .
وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أرخص لأهل السقاية في ترك المبيت بها ، وللرعاة . كما أرخص للضعفة في الإفاضة من جمع بليل ، ولو كان واجبا ، لم يسقط إلا لضرورة ، كطواف الوداع .
ولأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : " إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت " رواه
أحمد في رواية
حرب .
[ ص: 644 ] ولأنه أحد المبيتين
بمنى ، فلم يجب كالمبيت بها ليلة عرفة عشية التروية .
والثانية : قال
حنبل : سمعت
أبا عبد الله قال : ولا يبيت أحد ليالي منى من وراء
العقبة ، ومن زار البيت رجع من ساعته ، ولا يبيت آخر الليالي إلا
بمنى ; لأن
عمر - رضي الله عنه - : منع من ذلك ، فمن بات فعليه دم وهذا قول ..... القاضي وأصحابه ، لأنه واجب كما تقدم ، ومن ترك شيئا من نسكه فعليه دم ، كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=3619ترك المبيت بمزدلفة . قال القاضي - في خلافه - فإنها تجب رواية واحدة .
والثانية : يتصدق بشيء وهو أكثر عنه .
قال - في رواية
ابن منصور - : من بات دون
منى ليلة يطعم شيئا .
قال - في رواية
حرب - في
nindex.php?page=treesubj&link=3770_3792الرجل يبيت وراء العقبة ليالي منى : يتصدق بشيء .
[ ص: 645 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : " يتصدق بدرهم " .
ومغيرة عن
شعبة قال
أبو عبد الله : " الدم شديد " .
ويحيى عن
سفيان : " ليس عليه شيء " ، وكان
سفيان يرخص .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " إذا رميت جمرة
العقبة فبت حيث شئت " .
وقال - في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم - فيمن جاء للزيارة فبات
بمكة يعجبني أن يطعم شيئا ، وخففه بعضهم يقول : " ليس عليه شيء " ،
وإبراهيم قال : " عليه دم " وضحك وقال : " الدم شديد " ، وكذلك نقل
ابن أبي عبدة .
وقال - في رواية
أبي طالب وابن إبراهيم - " لا يبيت أحد
بمكة ليالي منى فمن غلبته عينه فليتصدق بدرهم ، أو بنصف درهم " ، كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، ولا يبيت عامدا .
[ ص: 646 ] فقد أمره أن يتصدق بشيء ولم يقدره ، وقال مرة : درهم أو نصف درهم ; لأنه أقل ما يتصدق به من النقود ، وإن تصدق بطعام ....
وذلك لأن الإذن في ترك هذا المبيت لحاجة غير ضرورية تدل على أنه ليس من المناسك المؤكدة ، فإن المناسك المؤكدة ، لا يرخص في تركها لأحد . ولو قيل : تقدر به .
ولو ترك المبيت ليلة واحدة ، أو ليلتين ، فقال القاضي - في خلافه
وابن عقيل : ليس عليه دم رواية واحدة ، بخلاف ترك المبيت
بمزدلفة ، فإنها نسك واحد ، فإذا تركه لزمه الدم ، وليالي منى جميعها نسك واحد ، فلا يجب في بعضها ما يجب في جميعها ، كما لو ترك حصاة ، أو حصاتين .
واستشهدوا على ذلك بما تقدم عنه : أنه استكثر الدم في ترك ليلة واحدة وأمره أن يتصدق بشيء ، وخرجاها على ثلاث روايات :
إحداهن : يتصدق بدرهم ، أو نصف درهم ، وهو المنصوص عنه هنا .
والثانية : في ليلة مد ، وفي ليلتين مدان .
والثالثة : في ليلة قبضة من طعام ، وفي ليلتين قبضتان ، وهاتان مخرجتان من حلق شعرة ، أو شعرتين .
وأما
أبو الخطاب : فإنه جعل في ترك المبيت ليالي منى الدم قولا واحدا
[ ص: 647 ] وذكر في ترك ليلة ، أو ليلتين أربع روايات .
إحداهن : عليه دم .
والثانية : يتصدق بدرهم ، أو نصف درهم .
والثالثة : مد من طعام .
والرابعة : لا شيء عليه .
ومن سلك هذه الطريقة : حمل كلام
أحمد في الأمر بالصدقة ، وفي كونه لا شيء عليه على الليلة والليلتين ، وأصحاب هاتين الطريقتين : يسوون بين ثلاث حصيات ، وترك ثلاث ليال ، وحلق ثلاث شعرات ، ويجعلون عدد الليالي كعدد الحصى والشعر ، قالوا : لأن كل واحد من هذه الأشياء الثلاثة يجب في جميعه دم ، وفي بعضه صدقة ، فلذلك سوينا بينهما . لكن منصوص
أحمد في أن من بات ليالي منى من وراء العقبة ، يتصدق بشيء ، أو لا شيء عليه تبطل هذه الطريقة .
والطريقة المنصوصة عن
أحمد : أن في الليلة ، والليالي الثلاث ، ثلاث روايات كما تقدم لفظه فيهن ، إحداهن : عليه دم ، والثانية : عليه صدقة ، والثالثة : لا شيء عليه ، وغير مستنكر إيجاب الدم في جملة وإيجابها في بعضها ، فإن رمي الجمار كلها فيها دم ، وفي الجمرة الواحدة - أيضا - دم ، بل المنصوص عنه : أنه إذا ترك
مزدلفة ومنى ورمي الجمار وطواف الوداع ، كفاه دم .
وكذلك لا فرق بين أن يحرم دون الميقات بمسافة قليلة ، أو كثيرة ولا فرق بين أن يخرج من
عرفات قبل المغيب بزمن طويل ، أو طويل ... ، وإلحاق هذه
[ ص: 648 ] بالحصى ، وبحلق الشعر : لا يصح ; لأن ذاك قد ثبت بالنص والإجماع أن في جميعه دما ، وهنا الخلاف في أصل وجوبه .
فصل :
nindex.php?page=treesubj&link=3703وقدر المبيت الواجب بمنى ....
مَسْأَلَةٌ : ( وَالْمَبِيتُ
بِمِنًى )
nindex.php?page=treesubj&link=3703السُّنَّةُ لِلْحَاجِّ : أَنْ لَا يَبِيتَ لَيَالِيَ مِنًى إِلَّا بِهَا ; لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=203وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) وَمَعْنَى التَّعَجُّلِ : هُوَ الْإِفَاضَةُ مِنْ
مِنًى ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَبْلَ التَّعَجُّلِ يَكُونُ مُقِيمًا بِهَا ، فَلَوْ
[ ص: 642 ] لَمْ يَبِتْ بِهَا لَيْلًا - وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ بِهَا نَهَارًا - : لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِهَا ، وَلَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ إِتْيَانِهِ
مِنًى لِرَمْيِ الْجِمَارِ ، وَإِتْيَانِهِ
مَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ .
وَالْآيَةُ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ ، وَجُعِلَ ذَلِكَ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ عِيدًا ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ فَعَلُوا ذَلِكَ ; وَلِأَنَّ
الْعَبَّاسَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015861اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ ، فَأَذِنَ لَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فَاسْتِئْذَانُ
الْعَبَّاسِ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنَ الْمَبِيتِ بِهَا ، وَإِذْنُهُ لَهُ مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِغَيْرِ عُذْرٍ .
وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015862يَوْمُ عَرَفَةَ ، وَيَوْمُ النَّحْرِ ، وَأَيَّامُ مِنًى عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ " .
وَالْعِيدُ : هُوَ الْمُجْتَمَعُ لِلْعِبَادَةِ ; فَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ يَجْتَمِعُونَ
بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ ,
وَمِنًى : وَأَيَّامُ مِنًى ، لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَمِعُوا ، وَهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ نَهَارًا لِأَجْلِ مَصَالِحِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ يَرْمُونَ الْجِمَارَ مُتَفَرِّقِينَ ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاجْتِمَاعِ لَيْلًا .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : " لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ مِنْ وَرَاءِ جَمْرَةِ
الْعَقَبَةِ ، وَكَانَ يَبْعَثُ إِلَى مَنْ وَرَاءَ
الْعَقَبَةِ ، فَيَدْخُلُونَ
مِنًى " رَوَاهُ
مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَهَذَا لَفْظُهُ .
وَعَنْ
نَافِعٍ عَنْ
أَسْلَمَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : " لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنَ الْحَاجِّ وَرَاءَ جَمْرَةِ
الْعَقَبَةِ ، وَكَانَ يُرْسِلُ رِجَالًا فَلَا يَجِدُونَ أَحَدًا شَذَّ مِنْ
[ ص: 643 ] مِنًى إِلَّا أُدْخِلَ " .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : " لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنْ وَرَاءِ جَمْرَةِ
الْعَقَبَةِ لَيَالِيَ
مِنًى " رَوَاهُمَا
أَحْمَدُ ... فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3704تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى : فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ - فِي الشَّافِي - : رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الدَّمُ ، وَرُوِيَ : يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ ، وَرُوِيَ عَنْهُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا أَقُولُ .
فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ; إِحْدَاهُنَّ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - قَالَ فِي رِوَايَةِ
الْمَرُّوذِيِّ - : مَنْ بَاتَ
بِمَكَّةَ لَيَالِيَ
مِنًى يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَإِنْ بَاتَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ .
وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَرْخَصَ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِهَا ، وَلِلرُّعَاةِ . كَمَا أَرْخَصَ لِلضَّعَفَةِ فِي الْإِفَاضَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا ، لَمْ يَسْقُطْ إِلَّا لِضَرُورَةٍ ، كَطَوَافِ الْوَدَاعِ .
وَلِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ : " إِذَا رَمَيْتَ الْجَمْرَةَ فَبِتْ حَيْثُ شِئْتَ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ
حَرْبٍ .
[ ص: 644 ] وَلِأَنَّهُ أَحَدُ الْمُبَيِّتِينَ
بِمِنًى ، فَلَمْ يَجِبْ كَالْمَبِيتِ بِهَا لَيْلَةَ عَرَفَةَ عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ .
وَالثَّانِيَةُ : قَالَ
حَنْبَلٌ : سَمِعْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : وَلَا يَبِيتُ أَحَدٌ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ
الْعَقَبَةِ ، وَمَنْ زَارَ الْبَيْتَ رَجَعَ مِنْ سَاعَتِهِ ، وَلَا يَبِيتُ آخِرَ اللَّيَالِي إِلَّا
بِمِنًى ; لِأَنَّ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ، فَمَنْ بَاتَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهَذَا قَوْلُ ..... الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ ، كَمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3619تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ . قَالَ الْقَاضِي - فِي خِلَافِهِ - فَإِنَّهَا تَجِبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً .
وَالثَّانِيَةُ : يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَهُوَ أَكْثَرُ عَنْهُ .
قَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مَنْصُورٍ - : مَنْ بَاتَ دُونَ
مِنًى لَيْلَةً يُطْعِمُ شَيْئًا .
قَالَ - فِي رِوَايَةِ
حَرْبٍ - فِي
nindex.php?page=treesubj&link=3770_3792الرَّجُلِ يَبِيتُ وَرَاءَ الْعَقَبَةِ لَيَالِيَ مِنًى : يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ .
[ ص: 645 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ : " يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ " .
وَمُغِيرَةُ عَنْ
شُعْبَةَ قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " الدَّمُ شَدِيدٌ " .
وَيَحْيَى عَنْ
سُفْيَانَ : " لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ، وَكَانَ
سُفْيَانُ يُرَخِّصُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : " إِذَا رَمَيْتَ جَمْرَةَ
الْعَقَبَةِ فَبِتْ حَيْثُ شِئْتَ " .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13665الْأَثْرَمِ - فِيمَنْ جَاءَ لِلزِّيَارَةِ فَبَاتَ
بِمَكَّةَ يُعْجِبُنِي أَنْ يُطْعِمَ شَيْئًا ، وَخَفَّفَهُ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : " لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ،
وَإِبْرَاهِيمُ قَالَ : " عَلَيْهِ دَمٌ " وَضَحِكَ وَقَالَ : " الدَّمُ شَدِيدٌ " ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ
ابْنُ أَبِي عَبْدَةَ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ إِبْرَاهِيمَ - " لَا يَبِيتُ أَحَدٌ
بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى فَمَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِرْهَمٍ ، أَوْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ " ، كَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ ، وَلَا يَبِيتُ عَامِدًا .
[ ص: 646 ] فَقَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ ، وَقَالَ مَرَّةً : دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُ دِرْهَمٍ ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ مِنَ النُّقُودِ ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِطَعَامٍ ....
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي تَرْكِ هَذَا الْمَبِيتِ لِحَاجَةٍ غَيْرِ ضَرُورِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمَنَاسِكِ الْمُؤَكَّدَةِ ، فَإِنَّ الْمَنَاسِكَ الْمُؤَكَّدَةَ ، لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِأَحَدٍ . وَلَوْ قِيلَ : تُقَدَّرُ بِهِ .
وَلَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ لَيْلَةً وَاحِدَةً ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ ، فَقَالَ الْقَاضِي - فِي خِلَافِهِ
وَابْنُ عَقِيلٍ : لَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، بِخِلَافِ تَرْكِ الْمَبِيتِ
بِمُزْدَلِفَةَ ، فَإِنَّهَا نُسُكٌ وَاحِدٌ ، فَإِذَا تَرَكَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ ، وَلَيَالِي مِنًى جَمِيعُهَا نُسُكٌ وَاحِدٌ ، فَلَا يَجِبْ فِي بَعْضِهَا مَا يَجِبُ فِي جَمِيعِهَا ، كَمَا لَوْ تَرَكَ حَصَاةً ، أَوْ حَصَاتَيْنِ .
وَاسْتَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ : أَنَّهُ اسْتَكْثَرَ الدَّمَ فِي تَرْكِ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِشَيْءٍ ، وَخَرَّجَاهَا عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ :
إِحْدَاهُنَّ : يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ هُنَا .
وَالثَّانِيَةُ : فِي لَيْلَةٍ مُدٌّ ، وَفِي لَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ .
وَالثَّالِثَةُ : فِي لَيْلَةٍ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ ، وَفِي لَيْلَتَيْنِ قَبْضَتَانِ ، وَهَاتَانِ مُخْرِجَتَانِ مِنْ حَلْقِ شَعْرَةٍ ، أَوْ شَعْرَتَيْنِ .
وَأَمَّا
أَبُو الْخَطَّابِ : فَإِنَّهُ جَعَلَ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى الدَّمَ قَوْلًا وَاحِدًا
[ ص: 647 ] وَذَكَرَ فِي تَرْكِ لَيْلَةٍ ، أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ .
إِحْدَاهُنَّ : عَلَيْهِ دَمٌ .
وَالثَّانِيَةُ : يَتَصَدَّقُ بِدِرْهَمٍ ، أَوْ نِصْفِ دِرْهَمٍ .
وَالثَّالِثَةُ : مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ .
وَالرَّابِعَةُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ : حَمَلَ كَلَامَ
أَحْمَدَ فِي الْأَمْرِ بِالصَّدَقَةِ ، وَفِي كَوْنِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ ، وَأَصْحَابُ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ : يُسَوُّونَ بَيْنَ ثَلَاثِ حَصَيَاتٍ ، وَتَرْكِ ثَلَاثِ لَيَالٍ ، وَحَلْقِ ثَلَاثِ شَعْرَاتٍ ، وَيَجْعَلُونَ عَدَدَ اللَّيَالِي كَعَدَدِ الْحَصَى وَالشَّعْرِ ، قَالُوا : لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ يَجِبُ فِي جَمِيعِهِ دَمٌ ، وَفِي بَعْضِهِ صَدَقَةٌ ، فَلِذَلِكَ سَوَّيْنَا بَيْنَهُمَا . لَكِنَّ مَنْصُوصَ
أَحْمَدَ فِي أَنَّ مَنْ بَاتَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ ، يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ ، أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ تَبْطُلُ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ .
وَالطَّرِيقَةُ الْمَنْصُوصَةُ عَنْ
أَحْمَدَ : أَنَّ فِي اللَّيْلَةِ ، وَاللَّيَالِي الثَّلَاثِ ، ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِيهِنَّ ، إِحْدَاهُنَّ : عَلَيْهِ دَمٌ ، وَالثَّانِيَةُ : عَلَيْهِ صَدَقَةٌ ، وَالثَّالِثَةُ : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ إِيجَابُ الدَّمِ فِي جُمْلَةٍ وَإِيجَابُهَا فِي بَعْضِهَا ، فَإِنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ كُلِّهَا فِيهَا دَمٌ ، وَفِي الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ - أَيْضًا - دَمٌ ، بَلِ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ : أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ
مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَرَمْيَ الْجِمَارِ وَطَوَافَ الْوَدَاعِ ، كَفَاهُ دَمٌ .
وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ دُونَ الْمِيقَاتِ بِمَسَافَةٍ قَلِيلَةٍ ، أَوْ كَثِيرَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ
عَرَفَاتٍ قَبْلَ الْمَغِيبِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ ، أَوْ طَوِيلُ ... ، وَإِلْحَاقُ هَذِهِ
[ ص: 648 ] بِالْحَصَى ، وَبِحَلْقِ الشَّعْرِ : لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ ذَاكَ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ فِي جَمِيعِهِ دَمًا ، وَهُنَا الْخِلَافُ فِي أَصْلِ وُجُوبِهِ .
فَصْلٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=3703وَقَدْرُ الْمَبِيتِ الْوَاجِبِ بِمِنًى ....