( 3795 ) فصل : وليس له أن يبيع بدون ثمن المثل ، أو دون ما قدره له ، ولا يشتري بأكثر من ثمن المثل أو أكثر مما قدر له . وبهذا قال  الشافعي  ،  وأبو يوسف  ،  ومحمد  وقال  أبو حنيفة    : إذا أطلق الوكالة في البيع  ، فله البيع بأي ثمن كان ; لأن لفظه في الإذن مطلق ، فيجب حمله على إطلاقه . ولنا ، أنه توكيل مطلق في عقد معاوضة ، فاقتضى ثمن المثل ، كالشراء ، فإنه وافق عليه ، وما ذكره ينتقض بالشراء . 
فإن باع بأقل من ثمن المثل ، أو اشترى بأكثر منه مما لا يتغابن الناس بمثله ، أو باع بدون ما قدره له ، أو اشترى بأكثر منه ،  فحكمه حكم من لم يؤذن له في البيع والشراء . وهذا قول  الشافعي  وعن  أحمد  أن البيع جائز دون الشراء ، ويضمن الوكيل النقص ; لأن من صح بيعه بثمن المثل ، صح بدونه كالمريض . فعلى هذه الرواية يكون البيع صحيحا ، وعلى الوكيل ضمان النقص ، وفي قدره وجهان ; أحدهما ، ما بين ثمن المثل وما باعه به . 
والثاني ، ما بين ما يتغابن الناس به ، وما لا يتغابن الناس به ، لأن ما يتغابن الناس به يصح بيعه به ولا ضمان عليه . والأول أقيس ; لأنه لم يؤذن للوكيل في هذا البيع ، فأشبه بيع الأجنبي . ولو أذن له في البيع لم يكن عليه ضمان ، فأشبه الشراء . وكل تصرف كان الوكيل مخالفا فيه لموكله ، فحكمه فيه حكم تصرف الأجنبي ، على ما يذكر في موضعه إن شاء الله . وأما ما يتغابن الناس به عادة ، فمعفو عنه إذا لم يكن الموكل قدر له الثمن ; لأن ما يتغابن الناس به يعد ثمن المثل ، ولا يمكن التحرز عنه . ولو حضر من يزيد على ثمن المثل ، لم يجز أن يبيع بثمن المثل ; لأن عليه الاحتياط وطلب الحظ لموكله . 
وإن باع بثمن المثل ، فحضر من يزيد في مدة الخيار ، لم يلزمه فسخ العقد ، في الصحيح ; لأن الزيادة ممنوع منها ، منهي عنها ، فلا يلزم الرجوع إليها ، ولأن المزايد قد لا يثبت على الزيادة ، فلا يلزم الفسخ بالشك . ويحتمل أن يلزمه ذلك ; لأنها زيادة في الثمن أمكن تحصيلها ، فأشبه  [ ص: 79 ] ما لو أجاز به قبل البيع ، والنهي يتوجه إلى الذي زاد لا إلى الوكيل ، فأشبه من جاءته الزيادة قبل البيع وبعد الاتفاق عليه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					