الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3806 ) فصل : فإن شهد أحدهما أنه وكله يوم الجمعة ، وشهد آخر أنه وكله يوم السبت ، لم تتم الشهادة ; لأن التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت ، فلم تكمل شهادتهما على فعل واحد . وإن شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة ، وشهد الآخر أنه أقر به يوم السبت ، تمت الشهادة ; لأن الإقرارين إخبار عن عقد واحد ، ويشق جمع الشهود ليقر عندهم حالة واحدة ، فجوز له الإقرار عند كل واحد وحده .

                                                                                                                                            وكذلك لو شهد أحدهما أنه أقر عنده بالوكالة بالعربية ، وشهد الآخر أنه أقر بها بالعجمية ، ثبتت . ولو شهد أحدهما أنه وكله بالعربية ، وشهد الآخر أنه وكله بالعجمية ، لم تكمل الشهادة ; لأن التوكيل بالعربية غير التوكيل بالعجمية ، فلم تكمل الشهادة على فعل واحد . وكذلك لو شهد أحدهما أنه قال : وكلتك . وشهد الآخر ، أنه قال : أذنت لك في التصرف . أو أنه قال : جعلتك وكيلا . أو شهد أنه قال : جعلتك جريا . لم تتم الشهادة ; لأن اللفظ مختلف . والجري : الوكيل .

                                                                                                                                            ولو قال أحدهما : أشهد أنه وكله . وقال الآخر : أشهد أنه أذن له في التصرف تمت الشهادة ; لأنهما لم يحكيا لفظ الموكل ، وإنما عبرا عنه بلفظهما ، واختلاف لفظهما لا يؤثر إذا اتفق معناه . ولو قال أحدهما : أشهد أنه أقر عندي أنه وكله . وقال الآخر : أشهد أنه أقر أنه جريه . أو أنه أوصى إليه بالتصرف في حياته . ثبتت الوكالة بذلك .

                                                                                                                                            وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده ، وشهد الآخر أنه وكله وزيدا ، أو شهد أنه وكله في بيعه ، وقال : لا تبعه حتى تستأمرني ، أو تستأمر فلانا . لم تتم الشهادة ; لأن الأول أثبت استقلاله بالبيع من غير شرط . والثاني ينفي ذلك ، فكانا مختلفين . وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده ، وشهد الآخر أنه وكله في بيع عبده وجاريته ، حكم بالوكالة في العبد ; لاتفاقهما عليه ، وزيادة الثاني لا تقدح في تصرفه في الأول ، فلا تضره . وهكذا لو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه لزيد ، وشهد الآخر أنه وكله في بيعه لزيد وإن شاء لعمرو .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية