الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3859 ) فصل : وإن قال : لك علي مائة درهم . ثم أحضرها ، وقال : هذه التي أقررت بها ، وهي وديعة كانت لك عندي . فقال المقر له : هذه وديعة ، والتي أقررت بها غيرها ، وهي دين عليك . فقول الخرقي يقتضي أن القول قول المقر له . وهو قول أبي حنيفة . وقال القاضي : القول قول المقر مع يمينه . وللشافعي قولان ، كالوجهين ، وتعليلهما ما تقدم .

                                                                                                                                            وإن كان قال في إقراره : لك علي مائة في ذمتي . فإن القاضي وافق هاهنا في أنه لا يقبل قول المقر ; لأن الوديعة عين لا تكون في الذمة . قال : وقد يقبل ; لأنه يحتمل : في ذمتي أداؤها . ولأنه يجوز أن يكون عنده وديعة تعدى فيها ، فكان ضمانها عليه في ذمته . ولأصحاب الشافعي في هذه وجهان .

                                                                                                                                            فأما إن وصل ذلك بكلامه ، فقال : لك علي مائة وديعة . قبل ; لأنه وصل كلامه بما يحتمله ، فصح . كما لو قال : له علي دراهم ناقصة . وإن قال : له علي مائة وديعة دينا ، أو مضاربة دينا . صح ، ولزمه ضمانها ; لأنها قد يتعدى فيها ، فتكون دينا . وإن قال : أردت أنه شرط علي ضمانها . لم يقبل ; لأنها لا تصير بذلك دينا . وإن قال : عنده مائة وديعة ، شرط علي ضمانها . لم يلزمه ضمانها ; لأن الوديعة لا تصير بالشرط مضمونة .

                                                                                                                                            وإن قال : علي أو عندي مائة درهم عارية . لزمته ، وكانت مضمونة عليه ، سواء حكمنا بصحة العارية في الدراهم أو بفسادها ; لأن ما ضمن في العقد الصحيح ضمن في الفاسد . وإن قال : أودعني مائة ، فلم أقبضها . أو أقرضني مائة ، فلم آخذها . قبل قوله متصلا ، ولم يقبل إذا كان منفصلا . وهكذا إذا قال : نقدني مائة ، فلم أقبضها . وهذا قول الشافعي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية