( 3954 ) فصل : وإذا غصب أرضا ، فحكمها في جواز دخول غيره إليها حكمها قبل الغصب .  فإن كانت محوطة ، كالدار والبستان المحوط ، لم يجز لغير مالكها دخولها ; لأن ملك مالكها لم يزل عنها ، فلم يجز دخولها بغير إذنه ، كما لو كانت في يده . 
قال  أحمد  ، في الضيعة تصير غيضة فيها سمك : لا يصيد فيها أحد إلا بإذنهم . وإن كانت صحراء ، جاز الدخول فيها ورعي حشيشها . قال  أحمد  لا بأس برعي الكلأ في الأرض المغصوبة ; وذلك لأن الكلأ لا يملك بملك الأرض . ويتخرج في كل واحدة من الصورتين مثل حكم الأخرى . قياسا لها عليها . ونقل عنه المروذي  ، في رجل والداه في دار طوابيقها غصب . لا يدخل على والديه ، وذلك لأن دخوله عليهما تصرف في الطوابيق المغصوبة . 
ونقل عنه الفضل بن عبد الصمد ،  في رجل له إخوة في أرض غصب : يزورهم ويراودهم على الخروج ، فإن أجابوه ، وإلا لم يقم معهم ، ولا يدع زيارتهم . يعني يزورهم بحيث يأتي باب دارهم ، ويتعرف أخبارهم ، ويسلم عليهم ، ويكلمهم ، ولا يدخل إليهم . ونقل المروذي  عنه : أكره المشي على العبارة التي يجري فيها الماء . 
وذلك لأن العبارة وضعت لعبور الماء ، لا للمشي عليها ، وربما كان المشي عليها يضر بها . وقال  أحمد    : لا يدفن في الأرض المغصوبة ; لما في ذلك من التصرف في أرضهم بغير إذنهم . وقال  أحمد  ، في من ابتاع طعاما من موضع غصب ، ثم علم :  رجع إلى الموضع الذي أخذه منه ، فرده . 
وروي عنه ، أنه قال : يطرحه . يعني على من ابتاعه منه ; وذلك لأن قعوده فيه حرام ، منهي عنه ، فكان البيع فيه محرما ، ولأن الشراء ممن يقعد في الموضع المحرم يحملهم على القعود والبيع فيه ، وترك الشراء منهم يمنعهم من القعود . وقال : لا يبتاع من الخانات التي في الطرق ، إلا أن لا يجد غيره . كأنه بمنزلة المضطر . وقال في السلطان إذا بنى دارا ، وجمع الناس إليها : أكره الشراء منها . 
وهذا إن شاء الله تعالى على سبيل الورع ، لما فيه من الإعانة على الفعل المحرم ، والظاهر صحة البيع ; لأنه إذا صحت الصلاة في  [ ص: 150 ] الدار المغصوبة ، في رواية ، وهي عبادة ، فما ليس بعبادة أولى . 
وقال في من غصب ضيعة ، وغصبت من الغاصب ، فأراد الثاني ردها :  جمع بينهما . يعني بين مالكها والغاصب الأول . وإن مات بعضهم ، جمع ورثته . إنما قال هذا احتياطا ، خوف التبعة من الغاصب الأول ; لأنه ربما طالب بها ، وادعاها ملكا باليد ، وإلا فالواجب ردها على مالكها . وقد صرح بهذا في رواية عبد الله  ، في رجل استودع رجلا ألفا ، فجاء رجل إلى المستودع ، فقال : إن فلانا غصبني الألف الذي استودعكه . 
وصح ذلك عند المستودع ، فإن لم يخف التبعة ، وهو أن يرجعوا به عليه ، دفعه إليه . " 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					