الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3993 ) فصل : وإذا باع عبدا ، فادعى إنسان على البائع أنه غصبه العبد ، وأقام بذلك بينة ، انتقض البيع ، ورجع المشتري على البائع بثمنه ، وإن لم تكن بينة ، فأقر البائع والمشتري بذلك ، فهو كما لو قامت به بينة . وإن أقر البائع وحده ، لم يقبل في حق المشتري ; لأنه لا يقبل إقراره في حق غيره ، ولزمت البائع قيمته ; لأنه حال بينه وبين ملكه ، ويقر العبد في يد المشتري ; لأنه ملكه في الظاهر ، وللبائع إحلافه ، ثم إن كان البائع لم يقبض الثمن ، فليس له مطالبة المشتري به ; لأنه لا يدعيه .

                                                                                                                                            ويحتمل أن يملك مطالبته بأقل الأمرين من الثمن أو قيمة العبد ; لأنه يدعي القيمة على المشتري ، والمشتري يقر له بالثمن ، فقد اتفقا على استحقاق أقل الأمرين ، فوجب ولا يضر اختلافهما في السبب بعد اتفاقهما على حكمه ، كما لو قال : عليك ألف من ثمن البيع . فقال : بل ألف من قرض .

                                                                                                                                            وإن كان قد قبض الثمن ، فليس للمشتري استرجاعه ; لأنه لا يدعيه . ومتى عاد العبد إلى البائع بفسخ أو غيره ، وجب عليه رده على مدعيه ، وله استرجاع ما أخذ منه . وإن كان إقرار البائع في مدة الخيار له ، انفسخ البيع ; لأنه يملك فسخه ، فقبل إقراره بما يفسخه . وإن أقر المشتري وحده ، لزمه رد العبد ولم يقبل إقراره على البائع ، ولا يملك الرجوع عليه بالثمن ، إن كان قبضه ، ويلزمه دفعه إليه إن كان لم يقبضه .

                                                                                                                                            وإن أقام المشتري بينة بما أقر به ، قبلت ، وله الرجوع بالثمن . وإن أقام البائع بينة ، إذا كان هو المقر نظرنا ; فإن كان في حال البيع قال : بعتك عبدي هذا أو ملكي هذا . لم تقبل بينته ; لأنه يكذبها وتكذبه ، وإن لم يكن قال ذلك ، قبلت ; لأنه يبيع ملكه وغير ملكه . وإن أقام المدعي البينة ، سمعت ، ولا تقبل شهادة البائع له ; لأنه يجربها إلى نفسه نفعا .

                                                                                                                                            وإن أنكراه جميعا ، فله إحلافهما إن لم تكن له بينة . قال أحمد ، في رجل يجد سرقته بعينها عند إنسان ، قال : هو ملكه ، يأخذه ، أذهب إلى حديث سمرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من وجد متاعه عند رجل ، فهو أحق به ، ويتبع المبتاع من باعه } . رواه هشيم ، عن موسى بن السائب ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة ، وموسى بن السائب ثقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية