الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4019 ) فصل : ويملك الشفيع الشقص بأخذه بكل لفظ يدل على أخذه ، بأن يقول : قد أخذته بالثمن . أو تملكته بالثمن . أو نحو ذلك ، إذا كان الثمن والشقص معلومين ، ولا يفتقر إلى حكم حاكم . وبهذا قال الشافعي . وقال القاضي ، وأبو الخطاب : يملكه بالمطالبة ; لأن البيع السابق سبب ، فإذا انضمت إليه المطالبة ، كان كالإيجاب في البيع انضم إليه القبول . وقال أبو حنيفة : يحصل بحكم الحاكم ; لأنه نقل للملك عن مالكه إلى غيره قهرا فافتقر إلى حكم الحاكم ، كأخذ دينه .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه حق ثبت بالنص والإجماع ، فلم يفتقر إلى حاكم ، كالرد بالعيب . وما ذكروه ينتقض بهذا الأصل ، وبأخذ الزوج نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول ، ولأنه مال يتملكه قهرا ، فملكه بالأخذ ، كالغنائم والمباحات ، وملكه باللفظ الدال على الأخذ ; لأنه بيع في الحقيقة ، لكن الشفيع يستقل به ، فانتقل باللفظ الدال عليه .

                                                                                                                                            وقولهم : يملك بالمطالبة بمجردها . لا يصح ; لأنه لو ملك بها لما سقطت الشفعة بالعفو بعد المطالبة ، ولوجب أنه إذا كان له شفيعان . فطلبا الشفعة ، ثم ترك أحدهما ، أن يكون للآخر أخذ قدر نصيبه ، ولا يملك أخذ نصيب صاحبه . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا قال : قد أخذت الشقص بالثمن الذي تم عليه العقد . وهو عالم بقدره ، وبالمبيع ، صح الأخذ ، وملك الشقص ، ولا خيار له ، ولا للمشتري ; لأن الشقص يؤخذ قهرا ، والمقهور لا خيار له ، والآخذ قهرا ، لا خيار له أيضا كمسترجع المبيع لعيب في ثمنه ، أو الثمن لعيب في المبيع .

                                                                                                                                            وإن كان الثمن مجهولا أو الشقص ، لم يملكه بذلك ; لأنه بيع في الحقيقة ، فيعتبر العلم بالعوضين ، كسائر البيوع . وله المطالبة بالشفعة ، ثم يتعرف مقدار الثمن من المشتري ، أو من غيره ، والمبيع ، فيأخذه بثمنه . ويحتمل أن له الأخذ مع جهالة الشقص ، بناء على بيع الغائب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية