( 4116 ) فصل : وإن ، مثل أن يكون الأصل بينهما نصفين ، فجعل له الثلثين من الثمرة ، صح ، وكان السدس حصته من المساقاة ، فصار كأنه قال : ساقيتك على نصيبي بالثلث . وإن ساقاه على أن تكون الثمرة بينهما نصفين ، أو على أن يكون للعامل الثلث ، فهي مساقاة فاسدة ; لأن العامل يستحق نصفها بملكه ، فلم يجعل له في مقابلة عمله شيئا . وإذا شرط له الثلث ، فقد شرط أن غير العامل يأخذ من نصيب العامل ثلثه ، ويستعمله بلا عوض . فلا يصح ساقى أحد الشريكين شريكه ، وجعل له من الثمر أكثر من نصيبه
فإذا عمل في الشجر بناء على هذا ، كانت الثمرة بينهما نصفين ، بحكم الملك ، ولا يستحق العامل بعمله شيئا ; لأنه تبرع به برضاه بالعمل بغير عوض ، فأشبه ما لو قال له : أنا أعمل فيه بغير شيء . وذكر أصحابنا وجها آخر ، أنه يستحق أجر مثله ; لأن المساقاة تقتضي عوضا ، فلا تسقط برضاه بإسقاطه ، كالنكاح ، ولم يسلم له العوض ، فيكون له أجر مثله . ولنا أنه عمل في مال غيره متبرعا ، فلم يستحق عوضا ، كما لو لم يعقد المساقاة . ويفارق النكاح لوجهين : أحدهما أن عقد النكاح صحيح
فوجب به العوض لصحته ، وهذا فاسد ، لا يوجب شيئا . والثاني أن الأبضاع لا تستباح بالبذل والإباحة ، والعمل ها هنا يستباح بذلك ، ولأن المهر في النكاح لا يخلو من أن يكون واجبا بالعقد ، أو بالإصابة ، أو بهما ، فإن وجب بالعقد ، لم يصح قياس هذا عليه ، لوجهين : أحدهما أن النكاح صحيح ، وهذا فاسد . والثاني أن العقد ها هنا لا يوجب ، ولو أوجب لأوجب قبل العمل . ولا خلاف أن هذا لا يوجب قبل العمل شيئا ، وإن أوجب بالإصابة ، لم يصح القياس عليها لوجهين : أحدهما ، أن الإصابة لا تستباح بالإباحة والبذل ، بخلاف العمل
والثاني أن الإصابة لو خلت عن العقد لأوجبت ، وهذا بخلافه . وإن وجب [ ص: 231 ] بهما امتنع القياس لهذه الوجوه كلها . فأما إن ساقى أحدهما شريكه على أن يعملا معا ، فالمساقاة فاسدة ، والثمرة بينهما على قدر ملكيهما ، ويتقاصان العمل إن تساويا فيه ، وإن كان لأحدهما فضل نظرت فإن كان قد شرط له فضل ما في مقابلة عمله ، استحق ما فضل له من أجر المثل ، وإن لم يشرط له شيء ، فلا شيء له إلا على الوجه الذي ذكره أصحابنا ، وتكلمنا عليه .