[ ص: 71 ] قال : ( وإذا تزوجها ، وشرط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها  فلها شرطها لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {   : أحق ما أوفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج   } وإن تزوجها ، وشرط لها أن لا يتزوج عليها ،  فلها فراقه إذا تزوج عليها ) وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة ، أحدها ما يلزم الوفاء به ، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته ، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها ، أو لا يتزوج عليها ، ولا يتسرى عليها ، فهذا يلزمه الوفاء لها به ، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح . يروى هذا عن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه  وسعد بن أبي وقاص  ،  ومعاوية   وعمرو بن العاص  رضي الله عنهم وبه قال  شريح  ،  وعمر بن عبد العزيز  ،  وجابر بن زيد  ،  وطاوس  ، والأوزاعي  ، وإسحاق    . وأبطل هذه الشروط الزهري  ،  وقتادة  وهشام بن عروة  ومالك  ،  والليث  ،  والثوري  ،  والشافعي  ،  وابن المنذر  ، وأصحاب الرأي . قال  أبو حنيفة  ،  والشافعي    : ويفسد المهر دون العقد ، ولها مهر المثل . واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم { كل شرط ليس في كتاب الله ، فهو باطل ، وإن كان مائة شرط   } وهذا ليس في كتاب الله . 
لأن الشرع لا يقتضيه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم { المسلمون على شروطهم ، إلا شرطا أحل حراما ، أو حرم حلالا   } وهذا يحرم الحلال ، وهو التزويج والتسري والسفر ; ولأن هذا شرط ليس من مصلحة العقد ولا مقتضاه ، ولم يبن على التغليب والسراية ، فكان فاسدا ، كما لو شرطت أن لا تسلم نفسها . 
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج   } رواه سعيد  وفي لفظ : { إن أحق الشروط أن توفوا بها ، ما استحللتم به الفروج   } متفق عليه 
وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم { المسلمون على شروطهم   } ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، ولا نعلم لهم مخالفا في عصرهم ، فكان إجماعا . وروى  الأثرم  بإسناده : أن رجلا تزوج امرأة ، وشرط لها دارها ، ثم أراد نقلها ، فخاصموه إلى  عمر  فقال : لها شرطها فقال الرجل : إذا تطلقينا . فقال  عمر    : مقاطع الحقوق عند الشروط ; ولأنه شرط لها فيه منفعة ومقصود لا يمنع المقصود من النكاح ، فكان لازما ، كما لو شرطت عليه زيادة في المهر أو غير نقد البلد . وقوله عليه السلام { كل شرط ليس في كتاب الله ، فهو باطل   } أي : ليس في حكم الله وشرعه ، وهذا مشروع وقد ذكرنا ما دل على مشروعيته وعلى من ادعى الخلاف في مشروعيته وعلى من نفى ذلك الدليل ، وقولهم : إن هذا يحرم الحلال . 
قلنا : لا يحرم حلالا ، وإنما يثبت للمرأة خيار الفسخ إن لم يف لها به . وقولهم : ليس من مصلحته قلنا : لا نسلم ذلك فإنه من مصلحة المرأة ، وما كان من مصلحة العاقد كان من مصلحة عقده ، كاشتراط الرهن والضمين في البيع ، ثم يبطل بالزيادة على مهر المثل . وشرط غير نقد البلد إذا ثبت أنه شرط لازم فلم يف لها به ، فلها الفسخ ، ولهذا قال الذي قضى عليه  عمر  بلزوم الشرط : إذا تطلقنا فلم يلتفت  عمر  إلى ذلك ، وقال : مقاطع الحقوق عند الشروط ; ولأنه شرط لازم في عقد فيثبت حق الفسخ بترك الوفاء به ، كالرهن والضمين في البيع . 
				
						
						
