واعلم بأن المزارعة في جوازها اختلاف بين العلماء - رحمهم الله - وكان الخلاف في الصدر الأول والتابعين - رحمهم الله تعالى - بعدهم واشتبهت فيها الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - ما نقل من الآثار في ذلك ، ثم بنى عليه بيان المسألة من طريق المعنى فممن قال بجوازها من الصحابة رضي الله عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ رضي الله عنه على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس - رحمه الله - قال : قدم علينا
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رضي الله عنه
اليمن ونحن نعطي أراضينا بالثلث والربع فلم يعب ذلك علينا ، وفيه بيان : أن ترك التكثر ممن تعين عليه البيان
[ ص: 10 ] دليل التقرير ، فقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رضي الله عنه متعينا للبيان لأهل
اليمن ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليهم ليبين لهم الأحكام ، واستدل بترك التكثر عليهم بعد ما اشتهر هذا العقد بينهم على جوازه ، ثم روي عنه أنه أمضى ذلك ، وفي هذا تنصيص على الفتوى بالجواز وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس - رحمه الله - أنه سئل عن المخابرة في الأرض فقال : " خابروا على الشطر ، والثلث ، والربع ، ولا تخابروا على كيل معلوم " فكأن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا تعلم من
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رضي الله عنه ، وفيه دليل : أن
nindex.php?page=treesubj&link=6208_6217_7686_6190المزارعة على كيل معلوم يشترطه أحدهما لا تجوز ، وبه يأخذ من يجوز المزارعة ; لأن هذا الشرط يؤدي إلى قطع الشركة في الخارج بعد حصوله ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة قال : أقطع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
عبد الله بن سعد بن مالك nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=211وخبابا ورأيت هذين يعطيان أرضهما بالثلث والربع
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله nindex.php?page=showalam&ids=37وسعدا رضي الله عنهم والمراد
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . وقد ذكره مفسرا بعد هذا وهو من كبار فقهاء الصحابة
وسعد بن مالك من العشرة ، وكانا يباشران المزارعة بالثلث والربع ، وفي الحديث دليل : أن للإمام ولاية الإقطاع فيما ليس بملك لإنسان بعينه ; لأن ما كان الحق فيه لعامة المسلمين فالتدبير فيه إلى الإمام ، وله أن يخص بعضهم بشيء من ذلك على حسب ما يرى ، كما يفعله في بيت المال وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11822أبي الأسود قال : إنا كنا لنزارع على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة والأسود - رحمهما الله - بالثلث والربع فما يعيبان ذلك علينا وهما من كبار أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي وعبد الله رضي الله عنهما ، وفتواهما في ذلك على موافقة فتوى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله رضي الله عنهما حجة أيضا ، وعن
محمد بن رافع بن خديج قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى قوم يطمس عليهم نخلا فجاء أرباب النخيل فقالوا : يا رسول الله إن فلانا قد طمس علينا نخلنا فقال : عليه الصلاة والسلام قد بعثت رجلا في نفسي أمينا فإن أحببتم أن تتخذوا نصيبكم بما طمس ، وإلا أخذنا وأعطيناكم نصيبكم فقالوا : هذا الحق وبالحق قامت السموات والأرض ، والمراد بالطمس المذكور في أول الحديث " الحزر " والمذكور ثانيا " الظلم " فالطمس هو الاستئصال ومنه يقال عين مطموسة قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37 . فطمسنا أعينهم } وكان الحديث في
ابن رواحة رضي الله عنه في أهل
خيبر وإن لم يفسره في هذه الرواية ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت رجلا في نفسي أمينا " في معنى الرد لتعنتهم عليه وهكذا ينبغي للإمام أن يختار لعمله من هو أمين عنده ، ثم يقبل قوله فيما يخبر به ولا يرده لطعن الطاعنين ، فالقائل بحق لا بد أن يطعن فيه بعض الناس ، فالناس أطوار وقليل منهم الشكور ، وقد تحقق تعنتهم لما خيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 11 ] فقالوا : " هذا الحق وبالحق قامت السموات والأرض " وبيانه في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71 : ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض } ، وعن
الضحاك رضي الله عنه أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كان يكري الأرض الجرز بالثلث والربع ، وكان لا يرى بذلك بأسا ، والمراد به الأرض البيضاء التي تصلح للزراعة ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27 : أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز }
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله عنه كان ممن يرى جواز المزارعة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80585أينما دار nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فالحق معه } رضي الله عنه فهو حجة لمن يجوزها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81369وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=46لرافع بن خديج : ما حديث بلغني عن عمومتك في كراء المزارع فقال : دخل عمومتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرجوا إلينا فأخبرونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع } فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه : قد كنت أعلم إنا كنا نكري الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لرب الأرض ماء في الربيع الساقي الذي يتفجر منه الماء ، وطائفة من الدين قال : لا أدري كم هو قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - وهذا عندنا هو الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من كراء المزارع أنهم كانوا يكرونها بشيء لا يدرون كم هو ولا ما يخرج ، وفيه دليل : أن النهي العام يجوز أن يقيد بالسبب الخاص إذا علم ذلك ، فقد قيد
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه النهي المطلق بما عرف من السبب والخصوصية ، وهو تأويل النهي عند من أجاز المزارعة قال : المزارعة بهذه الصفة لا تجوز ; لأنها تؤدي إلى قطع الشركة في الخارج مع حصولها فمن الجائز أن يحصل الخارج في الجانب الذي شرط لأحدهما دون الجانب الآخر ، والربيع الساقي الماء وهو ماء السيل ينحدر من الموضع المرتفع فيجتمع في موضع ثم ، يسقي منه الأرض ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة - رحمه الله - أخذ بعموم النهي بحديثين رويا في الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه أحدهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بحائط فأعجبه فقال لمن هذا فقال
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع رضي الله عنه : لي استأجرته فقال عليه الصلاة والسلام : لا تستأجره بشيء منه وهذا الحديث يمنع حمله على هذا التأويل ، والثاني : ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38698صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع فقلت إنا نكريها بما على الربيع الساقي فقال لا فقلت إنا نكريها بالتبن فقال : لا فقلت إنا نكريها بالثلث والربع فقال عليه السلام : لا ازرعها أو امنحها أخاك } ، وهذا إن ثبت فهو نص وكأن هذه الزيادة لم تثبت عند من يرى جوازها ، وإنما الثابت القدر الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - عن
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81371أن أسد بن ظهير جاء ذات يوم إلى قومه فقال يا بني خارجة [ ص: 12 ] قد دخلت عليكم اليوم مصيبة قالوا : ما هي ؟ قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض قلنا يا رسول الله إنا نكريها بما يكون على الربيع الساقي من الأرض فقال عليه السلام : لا ازرعها أو امنحها أخاك } وإنما سمى ذلك مصيبة لهم ; لأن اكتسابهم كان بطريق المزارعة ، وكانوا قد تعارفوا ذلك وكان يشق عليهم تركها ، فلو كان المراد التأويل الذي أشار إليه في الحديث الأول لم يكن في ذلك كبير مصيبة ; لتمكنهم من تحصيل المقصود بدفع الأرض مزارعة بجزء شائع من الخارج ، فهو دليل
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة - رحمه الله - وظاهر قوله عليه الصلاة والسلام : " ازرعها أو امنحها أخاك " يدل على سد باب المزارعة عليهم بالنهي مطلقا ، وبه يستدل من يقول من المتعسفة : إنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=6062_6190استئجار الأرض بالذهب والفضة لمقصود الزراعة ، ولكن ما روينا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه وهو قوله لي استأجرته دليل على جواز ذلك ، وقد ذكر بعد هذا آثارا تدل على جوازه ، والمراد ههنا الانتداب إلى ما هو من مكارم الأخلاق بأن يمنح الأرض غيره إذا استغنى عن زراعتها بنفسه ، ولا يأخذ منه أجرا على ذلك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية وكان عاملا
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر رضي الله عنه على
نجران فكتب إليه يذكر له أرض
نجران فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ما كان من أرض بيضاء يسقيها السماء ، أو تسقى سحا فادفعها إليهم ، لهم الثلث ولنا الثلثان وما كان من أرض تسقى بالغروب فادفعها إليهم ، لهم الثلثان ولنا الثلث ، وما كان من كرم يسقيه السماء أو يسقى سحا فادفعه إليهم لهم الثلث ، ولنا الثلثان ، وما كان يسقى بالغروب فادفعه إليهم ، لهم الثلثان ولنا الثلث ، والمراد بالأراضي التي هي لبيت المال حق عامة المسلمين أنه يدفعها إليهم مزارعة .
( ألا ترى ) أنه فاوت في نصيبهم بحسب تفاوت عملهم بين ما تسقيها السماء ، أو تسقى بالغروب وهي الدوالي ، فهو دليل لمن يجوز المزارعة ، وعن
عمرو بن دينار قال قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16248لطاوس : يا
nindex.php?page=showalam&ids=12أبا عبد الرحمن لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فقال : أخبرني أعلمهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينه عنها ، ولكنه قال : يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ منه خرجا معلوما ، أو قال خراجا معلوما ، وكل واحد من اللفظين لغة صحيحة ، والمراد بقوله : " أعلمهم "
nindex.php?page=showalam&ids=32 ( معاذ ) رضي الله عنه فكأنه أشار به إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1261أعلمكم بالحلال والحرام nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل } أو قال ذلك ; لأنه أخذ العلم منه ، وهكذا ينبغي لكل متعلم أن يعتقد في معلمه أنه أعلم أقرانه ليبارك له فيما أخذ منه ، ثم قد دعاه
عمرو بن دينار إلى الأخذ بالاحتياط ، والتحرز عن موضع الشبهة والاختلاف فأبى ذلك ; لأنه كان يعتقد فيه الجواز كما تعلمه من
[ ص: 13 ] أستاذه ، وفيه دليل أنه لا بأس للإنسان من مباشرة ما يعتقد جوازه وإن كان فيه اختلاف العلماء - رحمهم الله - ولا يكون ذلك منه تركا للاحتياط في الدين ، وقوله : " يمنح أحدكم أخاه " إشارة إلى الانتداب الذي بيناه في الحديث الأول ، وعن
جعفر بن محمد عن أبيه قال : {
لم ينه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها حتى تظالموا كان الرجل يكري أرضه ويشترط ما يسقيه الربيع والنطف فلما تظالموا نهى عنها ، والنطف جوانب الأرض } فهذا إشارة إلى التأويل الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - وأن النهي كان بناء على تلك الخصومة ، فكان تقييدا بها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نخابر ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها فتركنا من أجل قوله يعني : من أجل روايته
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر كان معروفا بالزهد والفقه بين الصحابة رضي الله عنهم ، وأشار بهذا إلى أنه يعتقد في المزارعة الجواز ، ولكنه تركها لحيثية مطلق النهي المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكم من حلال يتركه المرء على طريق الزهد وإن كان يعتقد الجواز على ما جاء في الحديث : {
لا يبلغ العبد محض الإيمان حتى يدع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام } وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : أكثر
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع رضي الله عنه على نفسه ليكريها كراء الإبل معناه : شدد الأمر على نفسه بروايته النهي مطلقا من غير رجوعه إلى سبب النهي ، ولأجل روايته يترك المزارعة ويكري الأرض بالذهب والفضة كراء الإبل ، فهو دليلنا على جواز
nindex.php?page=treesubj&link=6062الإجارة في الأراضي لمقصود الزراعة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا أكرى الأرض اشترط على صاحبها أن لا يدخلها كلبا ، ولا يعذرها وهذا من المتقرر الذي اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ، ولسنا نأخذ به فلا بأس بإدخال الكلب الأرض لحفظ الزرع .
( ألا ترى ) أن الحديث جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن الكلب للصيد والحرث والماشية وقوله : " لا يعذرها " أي : لا يلقي فيها العذرة وهو ما ينفصل من بني
آدم ، وقد كان بين الصحابة خلاف في جواز استعمال ذلك في الأرض ،
nindex.php?page=showalam&ids=12فابن عمر رضي الله عنه كان لا يجوز ذلك ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما كان ينهى عن إلقاء العذرة في الأرض وعن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد رضي الله عنه أنه كان يجوز ذلك ، وهكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه حتى كان يباشر ذلك بنفسه فعاتبه إنسان على ذلك فجعل يقول : مكيل بر بمكيل بر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فيه روايتان في إحدى الروايتين يجوز إلقاؤها في الأرض إذا كان غير مخلوط بالتراب ، وفي الرواية الأخرى لا يجوز ذلك إلا مخلوطا وهو الظاهر من المذهب إذا صار مغلوبا بالتراب فحينئذ
[ ص: 14 ] يجوز إلقاؤها في الأرض ، ويجوز بيعها ; لأن المغلوب في حكم المستهلك فأما إذا كانت غير مخلوطة بالتراب فلا يجوز بيعها ، ولا استعمالها في الأرض لنجاسة عينها بمنزلة الخمر ، وكانت هذه الحرمة لاحترام بني
آدم فبيع السرقين ، وإلقاؤه في الأرض جائز ولكن لاحترام بني
آدم لا يجوز ذلك في الرجيع وهو كالشعر فإن شعر الآدمي لا ينتفع به بعد ما بان عنه ، بخلاف شعر سائر الحيوانات وصوفها ، وعلى الرواية الأخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إذا ألقاها في الأرض وخلطها بالأرض ، وصارت مستهلكة فيها يجوز استعمالها كذلك ، ولكن لا يجوز بيعها غير مخلوطة بالتراب ، وعن
خالد الحذاء قال : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد فذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه في كراء الأرض فرفع
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس يده فضرب صدره ثم قال : قدم علينا
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رضي الله عنه
اليمن وكان يعطي الأرض على الثلث والربع فنحن نعمل به إلى اليوم ، ومعنى ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا رضي الله عنه كان أعلمهم بالحلال والحرام ، وما كان يخفى عليه النهي الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج وقد كان يباشر المزارعة بالثلث والربع ، فنحن نتبرم في ذلك ونحمل النهي على ما حمله
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ رضي الله عنه ، فقد كان دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمد الله تعالى لما وفقه لما يرضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن
كليب بن وائل قال قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر رضي الله عنهما رجل له أرض وليس له بذر ولا بقر أعطاني أرضه بالنصف فزرعتها ببذري وبقري ، ثم قاسمته فقال : حسن وفيه منه دليل على أن العالم يفتي بما يعتقد فيه الجواز ، وإن كان لا يباشره فقد روينا أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما ترك المزارعة لأجل النهي ، ثم أفتى بحسنها وجوازها للسائل وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81374دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم مبشر فقال يا أم مبشر من غرس هذا النخل مسلم أو كافر ؟ قالت : بل مسلم قال عليه الصلاة والسلام لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا سبع ولا طير إلا كانت له صدقة يوم القيامة } وفي رواية وما أكلت العافية منها فهي له صدقة يعني الطيور الخارجة عن أوكارها ، الطالبة لأرزاقها ، وفيه دليل أن المسلم مندوب إلى الاكتساب بطريق الزراعة ، والغراسة ولهذا قدم بعض مشايخنا - رحمهم الله - الزراعة على التجارة ; لأنها أعم نفعا وأكثر صدقة ، وقد باشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما روينا أنه ازدرع بالجرف ، وفي الحديث رد على من يكره من المتعسفة الغرس والبناء وقالوا : إنه يركن به إلى الدنيا وينتقص بقدره من رغبته في الآخرة ، والآخرة خير لمن اتقى ، وهذا غلط ظنوه فإنه يتوصل بهذا الاكتساب إلى الثواب في الآخرة
[ ص: 15 ] وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام {
نعم مطية المؤمن الدنيا إلى الآخرة : الغرس ، والبناء } وإن كان حسنا من كل واحد ولكن معنى القربة فيه إذا باشره المسلم دون الكافر ، فإن الكافر ليس من أهل القرابة وهو مأمور بتقديم الإسلام على الاشتغال بالغرس ، ولكن قد ورد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يأثر عن ربه عز وجل قال : {
عمروا بلادي فعاش فيها عبادي } فلهذا قلنا هذا الفعل حسن من كل أحد . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب رضي الله عنه أنه كان لا يرى بأسا بكراء الأرض البيضاء بذهب وفضة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=67جبير أنه كان لا يرى بأسا بإجارة الأرض بدراهم ، أو بطعام مسمى ، وقال هل ذلك إلا مثل دار أو بيت ؟ ، وهو حجة على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك - رحمه الله - فإنه لا يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=6123_26879_6122_4709_4712_4711إجارة الأرض بالطعام لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم لا يستأجر بشيء منه ، ولكنا نقول الأرض غير منتفع بها كالدار والبيت ، وكل ما يصلح ثمنا في البيع يصلح أجرة في الإجارة ، وتأويل النهي الاستئجار بأجرة مجهولة معدومة هي على خطر الوجود كما يكون في المزارعة وهذا ينعدم في الاستئجار بطعام مسمى ، وربما يكون في هذا نوع رفق ; لأن من يستأجر الأرض للزراعة فأداء الطعام أجرة أيسر عليه من أداء الدراهم ; لقلة النقود في أيدي الدهاقين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37205نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة ، والمزابنة ، وقال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض فهو يزرعها أو رجل منح أرضا فهو يزرع ما منح ، أو رجل استكرى أرضا بذهب أو فضة } ، والمزابنة بيع التمر على رءوس النخل بتمر مجدود على الأرض خرصا فالنهي عنها حجة لنا في إفساد ذلك العقد ، والمحاقلة قيل : بيع الحنطة في سنبلها بحنطة ، والعرب تقول الحقلة تنبت الحقلة أي : الحنطة تنبت السنبلة وقيل المحاقلة المزارعة وهذا أظهر فقد فسره عليه الصلاة والسلام بقوله : " إنما يزرع ثلاثة " فهو دليل
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة على أن الانتفاع بالأرض للزراعة مقصور على هذه الطرق الثلاثة ، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=6190المزارعة بالربع والثلث لا تكون صحيحة ; لأن كلمة إنما لتقرير الحكم في المذكور ، ونفيه عما عداه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن أمثل ما أنتم صانعون أن يستكري أحدكم الأرض البيضاء بذهب أو فضة عاما بعام يعني : أبعدها عن المنازعة ، والجهالة واختلاف العلماء - رحمهم الله - فإن الأمثل ما يكون أقرب إلى الصواب والصحة وذلك فيما يكون أبعد عن شبهة الاختلاف . ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81377اشترك أربعة نفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم : من عندي البذر ، وقال الآخر : من عندي العمل ، وقال الآخر : من عندي الفدان . وقال الآخر : من عندي الأرض [ ص: 16 ] فقضى في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لصاحب الفدان أجرا مسمى ، وجعل لصاحب العمل درهما كل يوم ، وألحق الزرع كله لصاحب البذر ، وألغى الأرض } وبهذا يأخذ من يجوز المزارعة فيقول : المزارعة بهذه الصفة فاسدة ; لما فيها من اشتراط الفدان وهي البقر وآلات الزراعة على أحدهم مقصودا به وبما فيها من دفع البذر مزارعة على الانفراد ، وكل واحد من هذين مفسد للعقد ، ثم في المزارعة الفاسدة الخارج كله لصاحب البذر ; لأنه بما بذره .
( ألا ترى ) أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحقه بصاحب البذر وألغى الأرض يعني : لم يجعل لصاحب الأرض من الخارج شيئا ، إلا أنه يستوجب على صاحب البذر أجر مثل أرضه ، بل يستوجب ذلك عليه كصاحب الفدان ، وقد أعطاه أجرا مسمى ، والمراد أجر المثل وصاحب العمل فقد أعطاه درهما كل يوم ، وتأويله أن ذلك كان أجر مثله في عمله ، وكما أنه سلم لصاحب البذر منفعة الفدان ، والعامل بحكم عقد فاسد فقد سلم له منفعة الأرض بعقد فاسد فيستوجب أجر المثل ، وبهذا تبين أن المراد بالإلغاء أنه لم يجعل لصاحب الأرض شيئا من الخارج ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي لا يصحح هذا الحديث ويقول : " الخارج لصاحب الأرض " أورد ذلك في المشكل وقال : البذر يصير مستهلكا ; لأن النبات يحصل بقوة الأرض ، فيكون النابت لصاحب الأرض وجعل الأرض كالأم ، وفي الحيوانات الولد يكون مملوكا لصاحب الأم لا لصاحب الفحل ، ولكن هذا وهم منه ، والحديث صحيح وكل قياس بمقابلته متروك ، ثم في الحيوانات توجد الحضانة من الأم لماء الفحل في رحمها ، وفي حجرها بلبنها نموه بعد الانفصال فلهذا جعلت تابعة للأم في الملك ، وذلك لا يوجد في الأرض ، ثم الخارج نماء البذر ألا ترى أنه يكون من جنس البذر وقوة الأرض ، ويكون بصفة واحدة ، ثم جنس الخارج يختلف باختلاف جنس البذر فعرفنا أنه يكون نماء البذر ، فيكون لصاحب البذر ، وهذا هو الحكم في كل مزارعة فاسدة أن للعامل أجر مثل عمله إن عمل بنفسه ، أو بأجرائه أو بغلمانه ، أو بقوم استعان بهم بغير أجر ، ويكون الخارج لصاحب البذر في هذه المسألة بعينها ، قول جميع المتقدمين من أصحابنا - رحمهم الله - أما عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - فلأن المزارعة فاسدة على كل حال ، وعندهما المزارعة فاسدة هنا كما بينا ، ثم صاحب البذر يؤمر فيما بينه وبين ربه عز وجل أن ينظر إلى الخارج فيدفع فيه مثل ما بذر ومقدار ما غرم فيه من الأجر لصاحب الأرض ، ولصاحب العمل ولصاحب البقر فيطيب له ذلك بما غرم فيه ، ويتصدق بالفضل لتمكن الحنث فيه باعتبار فساد العقد ، والأصل في المزارعة الفاسدة
[ ص: 17 ] أنه متى ربى زرعه في أرض غيره يؤمر بالتصدق بالفضل ، وإن ربى زرعه في أرض نفسه بعقد فاسد لا يؤمر بالتصدق في عقد فاسد ، وسيأتي بيان هذا الفصل في موضعه إن شاء الله تعالى
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فِي جَوَازِهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَكَانَ الْخِلَافُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالتَّابِعِينَ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَهُمْ وَاشْتَبَهَتْ فِيهَا الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا نُقِلَ مِنْ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ بَيَانَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى فَمِمَّنْ قَالَ بِجَوَازِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=32وَمُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الْيَمَنَ وَنَحْنُ نُعْطِي أَرَاضِيَنَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيْنَا ، وَفِيهِ بَيَانٌ : أَنَّ تَرْكَ التَّكَثُّرِ مِمَّنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ
[ ص: 10 ] دَلِيلُ التَّقْرِيرِ ، فَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُتَعَيَّنًا لِلْبَيَانِ لِأَهْلِ
الْيَمَنِ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إلَيْهِمْ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الْأَحْكَامَ ، وَاسْتَدَلَّ بِتَرْكِ التَّكَثُّرِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَا اُشْتُهِرَ هَذَا الْعَقْدُ بَيْنَهُمْ عَلَى جَوَازِهِ ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمْضَى ذَلِكَ ، وَفِي هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى الْفَتْوَى بِالْجَوَازِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُخَابَرَةِ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ : " خَابِرُوا عَلَى الشَّطْرِ ، وَالثُّلُثِ ، وَالرُّبُعِ ، وَلَا تُخَابِرُوا عَلَى كَيْلٍ مَعْلُومٍ " فَكَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسًا تَعَلَّمَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6208_6217_7686_6190الْمُزَارَعَةَ عَلَى كَيْلٍ مَعْلُومٍ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لَا تَجُوزُ ، وَبِهِ يَأْخُذُ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُزَارَعَةَ ; لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ بَعْدَ حُصُولِهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17176مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ : أَقْطَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَمْسَةً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=15وَالزُّبَيْرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=211وَخَبَّابًا وَرَأَيْت هَذَيْنِ يُعْطِيَانِ أَرْضَهُمَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ
nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدَ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=37وَسَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالْمُرَادُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ . وَقَدْ ذَكَرَهُ مُفَسَّرًا بَعْدَ هَذَا وَهُوَ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ
وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ مِنْ الْعَشَرَةِ ، وَكَانَا يُبَاشِرَانِ الْمُزَارَعَةَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ : أَنَّ لِلْإِمَامِ وِلَايَةَ الْإِقْطَاعِ فِيمَا لَيْسَ بِمِلْكٍ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ ; لِأَنَّ مَا كَانَ الْحَقُّ فِيهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَالتَّدْبِيرُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ ، وَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى ، كَمَا يَفْعَلُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11822أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ : إنَّا كُنَّا لَنُزَارِعُ عَلَى عَهْدِ
nindex.php?page=showalam&ids=16588عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَمَا يَعِيبَانِ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَهُمَا مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَفَتْوَاهُمَا فِي ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَةِ فَتْوَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حُجَّةٌ أَيْضًا ، وَعَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعِ بْن خَدِيجٍ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا إلَى قَوْمٍ يَطْمِسُ عَلَيْهِمْ نَخْلًا فَجَاءَ أَرْبَابُ النَّخِيلِ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فُلَانًا قَدْ طَمَسَ عَلَيْنَا نَخْلَنَا فَقَالَ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَدْ بَعَثْت رَجُلًا فِي نَفْسِي أَمِينًا فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا نَصِيبَكُمْ بِمَا طَمَسَ ، وَإِلَّا أَخَذْنَا وَأَعْطَيْنَاكُمْ نَصِيبَكُمْ فَقَالُوا : هَذَا الْحَقُّ وَبِالْحَقِّ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَالْمُرَادُ بِالطَّمْسِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ " الْحَزْرُ " وَالْمَذْكُورُ ثَانِيًا " الظُّلْمُ " فَالطَّمْسُ هُوَ الِاسْتِئْصَالُ وَمِنْهُ يُقَالُ عَيْنٌ مَطْمُوسَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37 . فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ } وَكَانَ الْحَدِيثُ فِي
ابْنِ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي أَهْلِ
خَيْبَرَ وَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَعَثْت رَجُلًا فِي نَفْسِي أَمِينًا " فِي مَعْنَى الرَّدِّ لِتَعَنُّتِهِمْ عَلَيْهِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَارَ لِعَمَلِهِ مَنْ هُوَ أَمِينٌ عِنْدَهُ ، ثُمَّ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ لِطَعْنِ الطَّاعِنِينَ ، فَالْقَائِلُ بِحَقٍّ لَا بُدَّ أَنْ يَطْعَنَ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ ، فَالنَّاسُ أَطْوَارٌ وَقَلِيلٌ مِنْهُمْ الشَّكُورُ ، وَقَدْ تَحَقَّقَ تَعَنُّتُهُمْ لَمَّا خَيَّرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 11 ] فَقَالُوا : " هَذَا الْحَقُّ وَبِالْحَقِّ قَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " وَبَيَانُهُ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=71 : وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ } ، وَعَنْ
الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُكْرِي الْأَرْضَ الْجُرُزَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ ، وَكَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=27 : أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ }
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ مِمَّنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80585أَيْنَمَا دَارَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَالْحَقُّ مَعَهُ } رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يُجَوِّزُهَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81369وَعَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=46لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ : مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْ عُمُومَتِك فِي كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقَالَ : دَخَلَ عُمُومَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجُوا إلَيْنَا فَأَخْبَرُونَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ } فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدْ كُنْت أَعْلَمُ إنَّا كُنَّا نُكُرِي الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَاءً فِي الرَّبِيعِ السَّاقِي الَّذِي يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْمَاءُ ، وَطَائِفَةٌ مِنْ الدَّيْنِ قَالَ : لَا أَدْرِي كَمْ هُوَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُكْرُونَهَا بِشَيْءٍ لَا يَدْرُونَ كَمْ هُوَ وَلَا مَا يُخْرِجُ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ : أَنَّ النَّهْيَ الْعَامَّ يَجُوزُ أَنْ يُقَيَّدَ بِالسَّبَبِ الْخَاصِّ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ ، فَقَدْ قَيَّدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّهْيَ الْمُطْلَقَ بِمَا عُرِفَ مِنْ السَّبَبِ وَالْخُصُوصِيَّةِ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ النَّهْيِ عِنْدَ مَنْ أَجَازَ الْمُزَارَعَةَ قَالَ : الْمُزَارَعَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تَجُوزُ ; لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ مَعَ حُصُولِهَا فَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَحْصُلَ الْخَارِجُ فِي الْجَانِبِ الَّذِي شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، وَالرَّبِيعُ السَّاقِي الْمَاءَ وَهُوَ مَاءُ السَّيْلِ يَنْحَدِرُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُرْتَفِعِ فَيَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ ، يَسْقِي مِنْهُ الْأَرْضَ وَلَكِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَذَ بِعُمُومِ النَّهْيِ بِحَدِيثَيْنِ رُوِيَا فِي الْبَابِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَحَدُهُمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِحَائِطٍ فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لِي اسْتَأْجَرْته فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : لَا تَسْتَأْجِرْهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ يُمْنَعُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ، وَالثَّانِي : مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38698صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ فَقُلْت إنَّا نُكْرِيهَا بِمَا عَلَى الرَّبِيعِ السَّاقِي فَقَالَ لَا فَقُلْت إنَّا نَكْرِيهَا بِالتِّبْنِ فَقَالَ : لَا فَقُلْت إنَّا نُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا ازْرَعْهَا أَوْ امْنَحْهَا أَخَاك } ، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ فَهُوَ نَصٌّ وَكَأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَهَا ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ الْقَدْرُ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81371أَنَّ أَسَدَ بْنَ ظُهَيْرٍ جَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ إلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا بَنِي خَارِجَةَ [ ص: 12 ] قَدْ دَخَلَتْ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ مُصِيبَةٌ قَالُوا : مَا هِيَ ؟ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نُكْرِيهَا بِمَا يَكُونُ عَلَى الرَّبِيعِ السَّاقِي مِنْ الْأَرْضِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَا ازْرَعْهَا أَوْ امْنَحْهَا أَخَاك } وَإِنَّمَا سَمَّى ذَلِكَ مُصِيبَةً لَهُمْ ; لِأَنَّ اكْتِسَابَهُمْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ ، وَكَانُوا قَدْ تَعَارَفُوا ذَلِكَ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَرْكُهَا ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ التَّأْوِيلَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مُصِيبَةٍ ; لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ بِدَفْعِ الْأَرْضِ مُزَارَعَةً بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ الْخَارِجِ ، فَهُوَ دَلِيلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : " ازْرَعْهَا أَوْ امْنَحْهَا أَخَاك " يَدُلُّ عَلَى سَدِّ بَابِ الْمُزَارَعَةِ عَلَيْهِمْ بِالنَّهْيِ مُطْلَقًا ، وَبِهِ يَسْتَدِلُّ مَنْ يَقُولُ مِنْ الْمُتَعَسِّفَةِ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=6062_6190اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَقْصُودِ الزِّرَاعَةِ ، وَلَكِنْ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لِي اسْتَأْجَرْته دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا آثَارًا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ ، وَالْمُرَادُ هَهُنَا الِانْتِدَابُ إلَى مَا هُوَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ بِأَنْ يَمْنَحَ الْأَرْضَ غَيْرَهُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ زِرَاعَتِهَا بِنَفْسِهِ ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=120يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ وَكَانَ عَامِلًا
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى
نَجْرَانَ فَكَتَبَ إلَيْهِ يَذْكُرُ لَهُ أَرْضَ
نَجْرَانَ فَكَتَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ بَيْضَاءَ يَسْقِيهَا السَّمَاءُ ، أَوْ تُسْقَى سَحًّا فَادْفَعْهَا إلَيْهِمْ ، لَهُمْ الثُّلُثُ وَلَنَا الثُّلُثَانِ وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضٍ تُسْقَى بِالْغُرُوبِ فَادْفَعْهَا إلَيْهِمْ ، لَهُمْ الثُّلُثَانِ وَلَنَا الثُّلُثُ ، وَمَا كَانَ مِنْ كَرْمٍ يَسْقِيهِ السَّمَاءُ أَوْ يُسْقَى سَحًّا فَادْفَعْهُ إلَيْهِمْ لَهُمْ الثُّلُثُ ، وَلَنَا الثُّلُثَانِ ، وَمَا كَانَ يُسْقَى بِالْغُرُوبِ فَادْفَعْهُ إلَيْهِمْ ، لَهُمْ الثُّلُثَانِ وَلَنَا الثُّلُثُ ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرَاضِيِ الَّتِي هِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ حَقُّ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا إلَيْهِمْ مُزَارَعَةً .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّهُ فَاوَتَ فِي نَصِيبِهِمْ بِحَسَبِ تَفَاوُتِ عَمَلِهِمْ بَيْنَ مَا تَسْقِيهَا السَّمَاءُ ، أَوْ تُسْقَى بِالْغُرُوبِ وَهِيَ الدَّوَالِي ، فَهُوَ دَلِيلٌ لِمَنْ يُجَوِّزُ الْمُزَارَعَةَ ، وَعَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ قُلْت
nindex.php?page=showalam&ids=16248لِطَاوُسٍ : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=12أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ تَرَكْت الْمُخَابَرَةَ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَقَالَ : أَخْبَرَنِي أَعْلَمُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عَنْهَا ، وَلَكِنَّهُ قَالَ : يَمْنَحُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ خَرْجًا مَعْلُومًا ، أَوْ قَالَ خَرَاجًا مَعْلُومًا ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : " أَعْلَمُهُمْ "
nindex.php?page=showalam&ids=32 ( مُعَاذٌ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1261أَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ } أَوْ قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ أَخَذَ الْعِلْمَ مِنْهُ ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُتَعَلِّمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ فِي مُعَلِّمِهِ أَنَّهُ أَعْلَمُ أَقْرَانِهِ لِيُبَارَكَ لَهُ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَدْ دَعَاهُ
عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ إلَى الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ ، وَالتَّحَرُّزِ عَنْ مَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَالِاخْتِلَافِ فَأَبَى ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَعْتَقِدُ فِيهِ الْجَوَازَ كَمَا تَعَلَّمَهُ مِنْ
[ ص: 13 ] أُسْتَاذِهِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ تَرْكًا لِلِاحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ ، وَقَوْلُهُ : " يَمْنَحُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ " إشَارَةً إلَى الِانْتِدَابِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَعَنْ
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : {
لَمْ يَنْهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا حَتَّى تَظَالَمُوا كَانَ الرَّجُلُ يُكْرِي أَرْضَهُ وَيَشْتَرِطُ مَا يَسْقِيهِ الرَّبِيعُ وَالنُّطَفَ فَلَمَّا تَظَالَمُوا نَهَى عَنْهَا ، وَالنُّطَفُ جَوَانِبُ الْأَرْضِ } فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَنَّ النَّهْيَ كَانَ بِنَاءً عَلَى تِلْكَ الْخُصُومَةِ ، فَكَانَ تَقْيِيدًا بِهَا ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا حَتَّى زَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَتَرَكْنَا مِنْ أَجْلِ قَوْلِهِ يَعْنِي : مِنْ أَجْلِ رِوَايَتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنُ عُمَرَ كَانَ مَعْرُوفًا بِالزُّهْدِ وَالْفِقْهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْجَوَازَ ، وَلَكِنَّهُ تَرَكَهَا لِحَيْثِيَّةِ مُطْلَقِ النَّهْيِ الْمَرْوِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَمْ مِنْ حَلَالٍ يَتْرُكُهُ الْمَرْءُ عَلَى طَرِيقِ الزُّهْدِ وَإِنْ كَانَ يَعْتَقِدُ الْجَوَازَ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : {
لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ مَحْضَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَدَعَ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الْحَرَامِ } وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : أَكْثَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيُكْرِيَهَا كِرَاءَ الْإِبِلِ مَعْنَاهُ : شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ بِرِوَايَتِهِ النَّهْيَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ رُجُوعِهِ إلَى سَبَبِ النَّهْيِ ، وَلِأَجْلِ رِوَايَتِهِ يَتْرُكُ الْمُزَارَعَةَ وَيُكْرِي الْأَرْضَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كِرَاءَ الْإِبِلِ ، فَهُوَ دَلِيلُنَا عَلَى جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=6062الْإِجَارَةِ فِي الْأَرَاضِي لِمَقْصُودِ الزِّرَاعَةِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ إذَا أَكْرَى الْأَرْضَ اشْتَرَطَ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ لَا يُدْخِلَهَا كَلْبًا ، وَلَا يَعْذِرَهَا وَهَذَا مِنْ الْمُتَقَرِّرِ الَّذِي اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْكَلْبِ الْأَرْضَ لِحِفْظِ الزَّرْعِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْحَدِيثَ جَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَقَوْلُهُ : " لَا يَعْذِرَهَا " أَيْ : لَا يُلْقِي فِيهَا الْعَذِرَةَ وَهُوَ مَا يَنْفَصِلُ مِنْ بَنِي
آدَمَ ، وَقَدْ كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ خِلَافٌ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12فَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ لَا يُجَوِّزُ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَنْهَى عَنْ إلْقَاءِ الْعَذِرَةِ فِي الْأَرْضِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ ذَلِكَ ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَعَاتَبَهُ إنْسَانٌ عَلَى ذَلِكَ فَجَعَلَ يَقُولُ : مَكِيلُ بُرٍّ بِمَكِيلِ بُرٍّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يَجُوزُ إلْقَاؤُهَا فِي الْأَرْضِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْلُوطٍ بِالتُّرَابِ ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا مَخْلُوطًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ إذَا صَارَ مَغْلُوبًا بِالتُّرَابِ فَحِينَئِذٍ
[ ص: 14 ] يَجُوزُ إلْقَاؤُهَا فِي الْأَرْضِ ، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا ; لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَهْلَكِ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَخْلُوطَةٍ بِالتُّرَابِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا ، وَلَا اسْتِعْمَالُهَا فِي الْأَرْضِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهَا بِمَنْزِلَةِ الْخَمْرِ ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْحُرْمَةُ لِاحْتِرَامِ بَنِي
آدَمَ فَبَيْعُ السِّرْقِينِ ، وَإِلْقَاؤُهُ فِي الْأَرْضِ جَائِزٌ وَلَكِنْ لِاحْتِرَامِ بَنِي
آدَمَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الرَّجِيعِ وَهُوَ كَالشَّعْرِ فَإِنَّ شَعْرَ الْآدَمِيِّ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ مَا بَانَ عَنْهُ ، بِخِلَافِ شَعْرِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَصُوفِهَا ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَلْقَاهَا فِي الْأَرْضِ وَخَلَطَهَا بِالْأَرْضِ ، وَصَارَتْ مُسْتَهْلَكَةً فِيهَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا كَذَلِكَ ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا غَيْرَ مَخْلُوطَةٍ بِالتُّرَابِ ، وَعَنْ
خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَالَ : كُنْت عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ فَرَفَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ يَدَهُ فَضَرَبَ صَدْرَهُ ثُمَّ قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
الْيَمَنَ وَكَانَ يُعْطِي الْأَرْضَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَنَحْنُ نَعْمَلُ بِهِ إلَى الْيَوْمِ ، وَمَعْنَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ أَعْلَمَهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَمَا كَانَ يَخْفَى عَلَيْهِ النَّهْيُ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَقَدْ كَانَ يُبَاشِرُ الْمُزَارَعَةَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ ، فَنَحْنُ نَتَبَرَّمُ فِي ذَلِكَ وَنَحْمِلُ النَّهْيَ عَلَى مَا حَمَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَدْ كَانَ دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى لِمَا وَفَّقَهُ لِمَا يَرْضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ
كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ قُلْت
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ وَلَيْسَ لَهُ بَذْرٌ وَلَا بَقَرٌ أَعْطَانِي أَرْضَهُ بِالنِّصْفِ فَزَرَعْتهَا بِبَذْرِي وَبَقَرِي ، ثُمَّ قَاسَمْته فَقَالَ : حَسَنٌ وَفِيهِ مِنْهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ يُفْتِي بِمَا يَعْتَقِدُ فِيهِ الْجَوَازَ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبَاشِرُهُ فَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا تَرَكَ الْمُزَارَعَةَ لِأَجْلِ النَّهْيِ ، ثُمَّ أَفْتَى بِحُسْنِهَا وَجَوَازِهَا لِلسَّائِلِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81374دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ فَقَالَ يَا أُمَّ مُبَشِّرٍ مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ ؟ قَالَتْ : بَلْ مُسْلِمٌ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا سَبُعٌ وَلَا طَيْرٌ إلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَفِي رِوَايَةٍ وَمَا أَكَلَتْ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ يَعْنِي الطُّيُورَ الْخَارِجَةَ عَنْ أَوْكَارِهَا ، الطَّالِبَةَ لِأَرْزَاقِهَا ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ الْمُسْلِمَ مَنْدُوبٌ إلَى الِاكْتِسَابِ بِطَرِيقِ الزِّرَاعَةِ ، وَالْغِرَاسَةِ وَلِهَذَا قَدَّمَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - الزِّرَاعَةَ عَلَى التِّجَارَةِ ; لِأَنَّهَا أَعَمُّ نَفْعًا وَأَكْثَرُ صَدَقَةً ، وَقَدْ بَاشَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا رَوَيْنَا أَنَّهُ ازْدَرَعَ بِالْجُرْفِ ، وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَكْرَهُ مِنْ الْمُتَعَسِّفَةِ الْغَرْسَ وَالْبِنَاءَ وَقَالُوا : إنَّهُ يَرْكَنُ بِهِ إلَى الدُّنْيَا وَيُنْتَقَصُ بِقَدْرِهِ مِنْ رَغْبَتِهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى ، وَهَذَا غَلَطٌ ظَنُّوهُ فَإِنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهَذَا الِاكْتِسَابِ إلَى الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ
[ ص: 15 ] وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
نِعْمَ مَطِيَّةُ الْمُؤْمِنِ الدُّنْيَا إلَى الْآخِرَةِ : الْغَرْسُ ، وَالْبِنَاءُ } وَإِنْ كَانَ حَسَنًا مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَكِنَّ مَعْنَى الْقُرْبَةِ فِيهِ إذَا بَاشَرَهُ الْمُسْلِمُ دُونَ الْكَافِرِ ، فَإِنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَابَةِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِتَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالْغَرْسِ ، وَلَكِنْ قَدْ وَرَدَ أَثَرٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَأْثُرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : {
عَمَّرُوا بِلَادِي فَعَاشَ فِيهَا عِبَادِي } فَلِهَذَا قُلْنَا هَذَا الْفِعْلُ حَسَنٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنِ الْمُسَيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِكِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=67جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِإِجَارَةِ الْأَرْضِ بِدَرَاهِمَ ، أَوْ بِطَعَامٍ مُسَمًّى ، وَقَالَ هَلْ ذَلِكَ إلَّا مِثْلُ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ ؟ ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ
nindex.php?page=treesubj&link=6123_26879_6122_4709_4712_4711إجَارَةُ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَسْتَأْجِرُ بِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْأَرْضُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهَا كَالدَّارِ وَالْبَيْتِ ، وَكُلُّ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَصْلُحُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ ، وَتَأْوِيلُ النَّهْيِ الِاسْتِئْجَارُ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ مَعْدُومَةٍ هِيَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ كَمَا يَكُونُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَهَذَا يَنْعَدِمُ فِي الِاسْتِئْجَارِ بِطَعَامٍ مُسَمًّى ، وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي هَذَا نَوْعُ رِفْقٍ ; لِأَنَّ مَنْ يَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ لِلزِّرَاعَةِ فَأَدَاءُ الطَّعَامِ أُجْرَةً أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَدَاءِ الدَّرَاهِمِ ; لِقِلَّةِ النُّقُودِ فِي أَيْدِي الدَّهَاقِينِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=46رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37205نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ ، وَالْمُزَابَنَةِ ، وَقَالَ : إنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ : رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ فَهُوَ يَزْرَعُهَا أَوْ رَجُلٌ مُنِحَ أَرْضًا فَهُوَ يَزْرَعُ مَا مُنِحَ ، أَوْ رَجُلٌ اسْتَكْرَى أَرْضًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ } ، وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ التَّمْرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَجْدُودٍ عَلَى الْأَرْضِ خَرْصًا فَالنَّهْيُ عَنْهَا حُجَّةٌ لَنَا فِي إفْسَادِ ذَلِكَ الْعَقْدِ ، وَالْمُحَاقَلَةُ قِيلَ : بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا بِحِنْطَةٍ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ الْحَقْلَةُ تُنْبِتُ الْحَقْلَةَ أَيْ : الْحِنْطَةُ تُنْبِتُ السُّنْبُلَةَ وَقِيلَ الْمُحَاقَلَةُ الْمُزَارَعَةُ وَهَذَا أَظْهَرُ فَقَدْ فَسَّرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِقَوْلِهِ : " إنَّمَا يَزْرَعُ ثَلَاثَةٌ " فَهُوَ دَلِيلٌ
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ مَقْصُورٌ عَلَى هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلَاثَةِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6190الْمُزَارَعَةَ بِالرُّبُعِ وَالثُّلُثِ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً ; لِأَنَّ كَلِمَةَ إنَّمَا لِتَقْرِيرِ الْحُكْمِ فِي الْمَذْكُورِ ، وَنَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : إنَّ أَمْثَلَ مَا أَنْتُمْ صَانِعُونَ أَنْ يَسْتَكْرِيَ أَحَدُكُمْ الْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَامًا بِعَامٍ يَعْنِي : أَبْعَدَهَا عَنْ الْمُنَازَعَةِ ، وَالْجَهَالَةِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَإِنَّ الْأَمْثَلَ مَا يَكُونُ أَقْرَبَ إلَى الصَّوَابِ وَالصِّحَّةِ وَذَلِكَ فِيمَا يَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ شُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ . ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81377اشْتَرَكَ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : مِنْ عِنْدِي الْبَذْرُ ، وَقَالَ الْآخَرُ : مِنْ عِنْدِي الْعَمَلُ ، وَقَالَ الْآخَرُ : مِنْ عِنْدِي الْفَدَّانُ . وَقَالَ الْآخَرُ : مِنْ عِنْدِي الْأَرْضُ [ ص: 16 ] فَقَضَى فِي ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَدَّانِ أَجْرًا مُسَمًّى ، وَجَعَلَ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ ، وَأَلْحَقَ الزَّرْعَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ، وَأَلْغَى الْأَرْضَ } وَبِهَذَا يَأْخُذُ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُزَارَعَةَ فَيَقُولُ : الْمُزَارَعَةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَاسِدَةٌ ; لِمَا فِيهَا مِنْ اشْتِرَاطِ الْفَدَّانِ وَهِيَ الْبَقَرُ وَآلَاتُ الزِّرَاعَةِ عَلَى أَحَدِهِمْ مَقْصُودًا بِهِ وَبِمَا فِيهَا مِنْ دَفْعِ الْبَذْرِ مُزَارَعَةً عَلَى الِانْفِرَادِ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ ، ثُمَّ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ; لِأَنَّهُ بِمَا بَذَرَهُ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَهُ بِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَأَلْغَى الْأَرْضَ يَعْنِي : لَمْ يَجْعَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ الْخَارِجِ شَيْئًا ، إلَّا أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ ، بَلْ يَسْتَوْجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَصَاحِبِ الْفَدَّانِ ، وَقَدْ أَعْطَاهُ أَجْرًا مُسَمًّى ، وَالْمُرَادُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَصَاحِبِ الْعَمَلِ فَقَدْ أَعْطَاهُ دِرْهَمًا كُلَّ يَوْمٍ ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ أَجْرَ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ ، وَكَمَا أَنَّهُ سَلَّمَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مَنْفَعَةَ الْفَدَّانِ ، وَالْعَامِلُ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَقَدْ سَلَّمَ لَهُ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَسْتَوْجِبُ أَجْرَ الْمِثْلِ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِلْغَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ ، فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطَّحَاوِيُّ لَا يُصَحِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَقُولُ : " الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ " أَوْرَدَ ذَلِكَ فِي الْمُشْكِلِ وَقَالَ : الْبَذْرُ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا ; لِأَنَّ النَّبَاتَ يَحْصُلُ بِقُوَّةِ الْأَرْضِ ، فَيَكُونُ النَّابِتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَجَعْلُ الْأَرْضِ كَالْأُمِّ ، وَفِي الْحَيَوَانَاتِ الْوَلَدُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِ الْأُمِّ لَا لِصَاحِبِ الْفَحْلِ ، وَلَكِنْ هَذَا وَهْمٌ مِنْهُ ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ وَكُلُّ قِيَاسٍ بِمُقَابَلَتِهِ مَتْرُوكٌ ، ثُمَّ فِي الْحَيَوَانَاتِ تُوجَدُ الْحَضَانَةُ مِنْ الْأُمِّ لِمَاءِ الْفَحْلِ فِي رَحِمِهَا ، وَفِي حِجْرِهَا بِلَبَنِهَا نُمُوُّهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلِهَذَا جُعِلَتْ تَابِعَةً لِلْأُمِّ فِي الْمِلْكِ ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ الْخَارِجُ نَمَاءُ الْبَذْرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْبَذْرِ وَقُوَّةِ الْأَرْضِ ، وَيَكُونُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ جِنْسُ الْخَارِجِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْبَذْرِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ يَكُونُ نَمَاءَ الْبَذْرِ ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مُزَارَعَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّ لِلْعَامِلِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ عَمِلَ بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِأُجَرَائِهِ أَوْ بِغِلْمَانِهِ ، أَوْ بِقَوْمٍ اسْتَعَانَ بِهِمْ بِغَيْرِ أَجْرٍ ، وَيَكُونُ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا ، قَوْلُ جَمِيعِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - أَمَّا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ فَاسِدَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَعِنْدَهُمَا الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ هُنَا كَمَا بَيَّنَّا ، ثُمَّ صَاحِبُ الْبَذْرِ يُؤْمَرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْخَارِجِ فَيَدْفَعَ فِيهِ مِثْلَ مَا بَذَرَ وَمِقْدَارَ مَا غَرِمَ فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ، وَلِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَلِصَاحِبِ الْبَقَرِ فَيَطِيبَ لَهُ ذَلِكَ بِمَا غَرِمَ فِيهِ ، وَيَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ لِتَمَكُّنِ الْحِنْثِ فِيهِ بِاعْتِبَارِ فَسَادِ الْعَقْدِ ، وَالْأَصْلُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ
[ ص: 17 ] أَنَّهُ مَتَى رَبَّى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ يُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ بِالْفَضْلِ ، وَإِنْ رَبَّى زَرْعَهُ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يُؤْمَرُ بِالتَّصَدُّقِ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى