الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اشترى المسلم أو التاجر أرضا في دار الحرب ، فدفعها إلى حربي مزارعة بالنصف ، فلما استحصد الزرع ظهر المسلمون على تلك الدار - فالزرع [ ص: 122 ] والأرض كلهما لمن افتتحها ; لأن الأرض وإن كانت مملوكة للمسلم فهي بقعة من بقاع دار الحرب ، فتصير غنيمة لظهور المسلمين على الدار ، والزرع قبل الحصاد تبع للأرض لاتصاله بها ، ولهذا يستحق بالشفعة . ولو كان الزرع حصد ولم يحمل من الأرض حتى ظهروا على الدار - كانت الأرض ونصيب الحربي من الزرع فيئا ، وللمسلم نصيبه من الزرع ; لأن التبعية زالت بالحصاد ، وصارت كسائر المنقولات فنصيب الحربي من ذلك يصير غنيمة كسائر أمواله ونصيب المسلم لا يصير غنيمة كسائر أمواله من المنقولات . والدليل على زوال التبعية حكم الشفعة ، فإن الزرع المحصود لا يستحق بالشفعة وإن لم يحمل من الأرض . ومن أيهما كان البذر فالجواب سواء . وكذلك لو كان صاحب الأرض هو الحربي والزارع هو المسلم ، فإن كان الزرع لم يحصد فترك الإمام أهلها ، وتركه في أيديهم يؤدون الخراج كما فعل عمر - رضي الله عنه - بأهل السواد - كانت الأرض لصاحبها أيهما كان ، والزرع بينهما على ما اشترطا ; لأن الإمام قرر ملكهما فيه بالمن ، وإذا جاز ذلك في حصة الحربي ففي حصة المسلم أولى .

التالي السابق


الخدمات العلمية