الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع إليه الأرض على أن يغرسها المدفوع إليه لنفسه ما بدا له من الغرس ويزرعها ما بدا له على أن الخارج بينهما نصفان ، وعلى أن للغارس على رب الأرض مائة درهم ، أو سمى شيئا غير المائة - فهو فاسد ، والخارج كله للغارس ، ولرب الأرض أجر مثل أرضه ; لأن رب الأرض وإن صار كالمشتري للغرس والبذر بما شرط له على نفسه من المال المسمى ، ولكنه لم يملكه لفساد العقد وانعدام القبض من جهته ، فيكون الغارس عاملا لنفسه ، فكان الكل له بخلاف ما سبق ، فهناك الغارس يصير قابضا لما اشتراه شراء فاسدا . فإن قيل : هنا ينبغي أن يصير رب الأرض قابضا أيضا باتصاله بأرضه . قلنا : ابتداء عمله في الغرس والزرع يكون لنفسه ; لأنه ملك له قبل أن يتصل بالأرض ، ثم هو في يد الغارس حقيقة ، والمشتري شراء فاسدا وإن كان يملك المشترى بالقبض فرده مستحق شرعا لفساد العقد فلا يجوز جعله في يد المشتري حكما مع كونه في يد البائع حقيقة ; لأن يد البائع فيه يد بحق ويد المشتري محرم شرعا ، فأما فيما سبق فبنقض العامل يخرج من يد رب الأرض ويصير العامل قابضا له حقيقة . وكذلك لو لم يشترط المائة واشترط أن الأرض بينهما نصفان . ولو كان البذر والغرس من رب الأرض ، على أن يغرسه ويبذره العامل لرب الأرض ، على أن ما خرج من ذلك فهو بينهما نصفان ، وعلى أن لرب الأرض على العامل أجرا مائة درهم - فهو فاسد ، والخارج كله لرب الأرض وللعامل أجر مثل عمله ; لأنه صرح في كلامه بما ينفي بيع الغرس والبذر منه ، فإنه شرط أن يعمل فيها لرب الأرض ، وإنما يكون عاملا لرب الأرض إذا كان الغرس والبذر [ ص: 107 ] من جهته ، فعرفنا أنه ما باع شيئا من ذلك من العامل ، ولكنه استأجره للعمل بنصف الخارج وشرط عليه بإزاء نصف الخارج لنفسه أيضا مائة درهم ، فكان فساد العقد من قبل أن العامل اشترى منه بعض الخارج الذي هو معدوم بالمسمى من المائة ، فكان الخارج لرب الأرض ، وللعامل أجر مثل عمله .

التالي السابق


الخدمات العلمية