ومن
nindex.php?page=treesubj&link=9298_9300_9289_9291حكمه : وجوب المال به عند التراضي أو عند تعذر إيجاب القصاص للشبهة ثبت ذلك بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } أي فمن أعطي له من دم أخيه شيء ; لأن العفو بمعنى الفضل قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك ماذا ينفقون قل العفو } ، والمراد به إذا
nindex.php?page=treesubj&link=9292_9289_9291رغب القاتل في أداء الدية فالمولى مندوب إلى مساعدته على ذلك ، وعلى القاتل أداؤه إليه بإحسان إذا ساعده الولي ، وهذه الدية تجب في مال القاتل إذا كان بطريق الصلح والتراضي فكأنه هو الذي التزمه بالعقد ، وأما إذا كان عند تعذر استيفاء القصاص فلأن في الدية الواجبة عليه معنى الزجر ، ومعنى الزجر إنما يتحقق فيما يكون أداؤه مجحفا به ، وهو الكثير من ماله ، ويختلفون في وجوب الدية بهذا الفصل عند وجوب القصاص به فالمذهب عندنا أنه لم تجب
nindex.php?page=treesubj&link=9300_9289_9191الدية بالعمد الموجب للقصاص إلا أن يصالح الولي القاتل على الدية
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي رضي الله عنه فيه قولان في أحد القولين : موجب العمد أحد شيئين القصاص أو الدية يتعين ذلك باختيار المولى ، وفي القول الآخر : موجبه القصاص إلا أن للولي أن يختار أخذ الدية من غير رضا القاتل ، واحتج في ذلك بقوله : عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37025من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية } فهذا تنصيص
[ ص: 61 ] على أن كل واحد منهما موجب القتل ، وأن الولي مخير بينهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81468، ولما أتي بالقاتل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليه السلام للولي أتعفو فقال : لا فقال أتأخذ الدية فقال : لا فقال القتل فقال نعم } ففي هذا بيان أن الولي يستبد بأخذ الدية كما يستبد بالعفو ، والقتل .
والمعنى فيه أن هذا إتلاف حيوان متقوم فيكون موجبا ضمان القيمة كإتلاف سائر الحيوانات ، وقيمة النفس الدية ; وهذا لأن الحيوان ليس من ذوات الأمثال ، وإتلاف المقوم مما لا مثل له يوجب القيمة ، وقيمة النفس الدية بدليل حالة الخطأ فإن الدية إنما تجب بالإتلاف لا بصفة الخطأ ; لأنه عذر مسقط ، والمتلف في حالة العمد ما هو المتلف في حالة الخطأ ، إلا أن الشرع أوجب القصاص بمعنى الانتقام وشفاء الصدر للولي ، ودفع الغيظ عنه فكان ذلك بخلاف القياس ; لأنه إتلاف ، والإتلاف لا يكون واجبا بمقابلة الإتلاف وهو ليس بمثل .
( ألا ترى ) أن الجماعة يقتلون بالواحد ولا مماثلة بين العشرة والواحد فعرفنا أنه ممنوع بمعنى زيادة النظر للولي ، وذلك في أن لا يسقط حقه في الواجب الأصلي بل يكون متمكنا فيه كما لو قطع يد إنسان ويد القاطع شلاء أو ناقصة بأصبع فإن القصاص واجب ، ولصاحب الحق أن يأخذ الأرش بغير رضا الجاني لهذا المعنى ; ولأن النفس محترمة بحرمتين ، وفي إتلافها هتك الحرمتين جميعا حرمة حق الله تعالى وحرمة حق صاحب النفس وجزاء حرمة الله العقوبة زجرا وجزاء هتك حرمة العبد الغرامة جبرا .
ولكن تعذر الجمع بينهما هاهنا ; لأن كل واحد منهما يوجب حقا للعبد حتى يعمل فيه إسقاطه ويورث عنه ويسقط بإذنه ، ولا يجوز الجمع بين الحقين لمستحق واحد بمقابلة محل واحد فأثبتنا الجمع بينهما على سبيل التخيير ، وقلنا : إن شاء مال إلى جانب هتك حرمة حق الله تعالى واستوفى العقوبة ، وإن شاء مال إلى جهة حرمة حق العباد فاستوفى الدية .
وَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=9298_9300_9289_9291حُكْمِهِ : وُجُوبُ الْمَالِ بِهِ عِنْدَ التَّرَاضِي أَوْ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْقِصَاصِ لِلشُّبْهَةِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=178فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } أَيْ فَمَنْ أُعْطِيَ لَهُ مِنْ دَمِ أَخِيهِ شَيْءٌ ; لِأَنَّ الْعَفْوَ بِمَعْنَى الْفَضْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ } ، وَالْمُرَادُ بِهِ إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=9292_9289_9291رَغِبَ الْقَاتِلُ فِي أَدَاءِ الدِّيَةِ فَالْمَوْلَى مَنْدُوبٌ إلَى مُسَاعَدَتِهِ عَلَى ذَلِكَ ، وَعَلَى الْقَاتِلِ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ بِإِحْسَانٍ إذَا سَاعَدَهُ الْوَلِيُّ ، وَهَذِهِ الدِّيَةُ تَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ إذَا كَانَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَالتَّرَاضِي فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فَلِأَنَّ فِي الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ مَعْنَى الزَّجْرِ ، وَمَعْنَى الزَّجْرِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا يَكُونُ أَدَاؤُهُ مُجْحِفًا بِهِ ، وَهُوَ الْكَثِيرُ مِنْ مَالِهِ ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ بِهَذَا الْفَصْلِ عِنْدَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِهِ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَمْ تَجِبْ
nindex.php?page=treesubj&link=9300_9289_9191الدِّيَةُ بِالْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ إلَّا أَنْ يُصَالِحَ الْوَلِيُّ الْقَاتِلَ عَلَى الدِّيَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَلِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ : مُوجِبُ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِ الْمَوْلَى ، وَفِي الْقَوْلِ الْآخَرِ : مُوجِبُهُ الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْقَاتِلِ ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37025مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الدِّيَةَ } فَهَذَا تَنْصِيصٌ
[ ص: 61 ] عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُوجِبُ الْقَتْلِ ، وَأَنَّ الْوَلِيَّ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=81468، وَلَمَّا أُتِيَ بِالْقَاتِلِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْوَلِيِّ أَتَعْفُو فَقَالَ : لَا فَقَالَ أَتَأْخُذُ الدِّيَةَ فَقَالَ : لَا فَقَالَ الْقَتْلَ فَقَالَ نَعَمْ } فَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَسْتَبِدُّ بِأَخْذِ الدِّيَةِ كَمَا يَسْتَبِدُّ بِالْعَفْوِ ، وَالْقَتْلِ .
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا إتْلَافُ حَيَوَانٍ مُتَقَوِّمٍ فَيَكُونُ مُوجِبًا ضَمَانَ الْقِيمَةِ كَإِتْلَافِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ ، وَقِيمَةُ النَّفْسِ الدِّيَةُ ; وَهَذَا لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ ، وَإِتْلَافُ الْمُقَوَّمِ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ ، وَقِيمَةُ النَّفْسِ الدِّيَةُ بِدَلِيلِ حَالَةِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْإِتْلَافِ لَا بِصِفَةِ الْخَطَأِ ; لِأَنَّهُ عُذْرٌ مُسْقِطٌ ، وَالْمُتْلِفُ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ مَا هُوَ الْمُتْلِفُ فِي حَالَةِ الْخَطَأِ ، إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ بِمَعْنَى الِانْتِقَامِ وَشِفَاءِ الصَّدْرِ لِلْوَلِيِّ ، وَدَفْعِ الْغَيْظِ عَنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ ; لِأَنَّهُ إتْلَافٌ ، وَالْإِتْلَافُ لَا يَكُونُ وَاجِبًا بِمُقَابَلَةِ الْإِتْلَافِ وَهُوَ لَيْسَ بِمِثْلٍ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُقْتَلُونَ بِالْوَاحِدِ وَلَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالْوَاحِدِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ بِمَعْنَى زِيَادَةِ النَّظَرِ لِلْوَلِيِّ ، وَذَلِكَ فِي أَنْ لَا يَسْقُطَ حَقُّهُ فِي الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ بَلْ يَكُونُ مُتَمَكِّنًا فِيهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ إنْسَانٍ وَيَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءُ أَوْ نَاقِصَةٌ بِأُصْبُعٍ فَإِنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ ، وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي لِهَذَا الْمَعْنَى ; وَلِأَنَّ النَّفْسَ مُحْتَرَمَةٌ بِحُرْمَتَيْنِ ، وَفِي إتْلَافِهَا هَتْكُ الْحُرْمَتَيْنِ جَمِيعًا حُرْمَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحُرْمَةِ حَقِّ صَاحِبِ النَّفْسِ وَجَزَاءُ حُرْمَةِ اللَّهِ الْعُقُوبَةُ زَجْرًا وَجَزَاءُ هَتْكِ حُرْمَةِ الْعَبْدِ الْغَرَامَةُ جَبْرًا .
وَلَكِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا هَاهُنَا ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُوجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ إسْقَاطُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَيَسْقُطُ بِإِذْنِهِ ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ لِمُسْتَحِقٍّ وَاحِدٍ بِمُقَابَلَةِ مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَأَثْبَتْنَا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ ، وَقُلْنَا : إنْ شَاءَ مَالَ إلَى جَانِبِ هَتْكِ حُرْمَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَوْفَى الْعُقُوبَةَ ، وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ حُرْمَةِ حَقِّ الْعِبَادِ فَاسْتَوْفَى الدِّيَةَ .