الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا قضى القاضي بالدم بشهادة الشاهدين فلم يقتل حتى رجعا استحسنت أن أدرأ القصاص عنه ، وهو قول أبي حنيفة الآخر وكان يقول أولا يستوفى القصاص ، وهو القياس ; لأن القصاص محض حق العبد فيتم القضاء بنفسه ، والرجوع بعد القضاء لا يمنع الاستيفاء كالمال ، والنكاح فإن القاضي إذا قضى بالنكاح ، ثم رجع الشهود لا يمنع استيفاء الوطء على الزوج ، وإن كان في القصاص يحتاط في الاستيفاء فكذلك في الوطء وجه قوله الآخر أن القصاص عقوبة تندرئ بالشبهات ، والغلط فيه لا يمكن تداركه فيكون بمنزلة الحدود فكما أن في الحدود لا يتم القضاء بنفسه ويجعل رجوع الشهود مع القضاء قبل الاستيفاء بمنزلة الرجوع قبل القضاء فكذلك في القصاص بخلاف المال فإنه يثبت مع الشبهات وبخلاف النكاح ; لأن العقد هناك ينعقد بقضاء القاضي ظاهرا وباطنا وهاهنا ما لم يكن واجبا من القصاص لا يصير واجبا بقضاء القاضي ولا بد من قيام الحجة عند الاستيفاء وأصل شهادة الشهود ، فإذا لم يبقى حجة بعد رجوعهم يمتنع الاستيفاء وكل دية وجبت بغير صلح فهي في ثلاث سنين ; لأنها وجبت بالقتل وتقوم الدم بالمال ثابت شرعا بخلاف القياس ، وإنما قومه الشرع بمال مؤجل فكما لا يزاد في قدر ذلك بحال فكذلك لا يزاد في صفته بأن يجعل حالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية