[ ص: 11 ] كتاب الأشربة جمع شراب بمعنى مشروب ، وذكر فيه التعازير تبعا ، وجمع الأشربة لاختلاف أنواعها ، وإن كان حكمها متحدا ، ولم يعبر بحد الأشربة كما قال قطع السرقة ; لأن الفرض ثم ليس إلا بيان القطع ومتعلقاته ، وأما التحريم فمعلوم بالضرورة ، والغرض هنا بيان التحريم لخفائه بالنسبة في كثير من المسائل .
nindex.php?page=treesubj&link=17190_17189وشرب الخمر من الكبائر وإن مزجها بمثلها من الماء ، وكان شربها جائزا أول الإسلام بوحي ولو إلى حد يزيل العقل على الأصح ، ولا ينافيه قولهم إن الكليات الخمس لم تبح في ملة من الملل ; لأن ذاك بالنسبة للمجموع ، قيل إنه باعتبار ما استقر عليه أمر ملتنا .
وحقيقة الخمر المسكر من عصير العنب وإن لم يقذف بالزبد ، وتحريم غيرها بنصوص دلت على ذلك ، ولكن لا يكفر مستحل قدر لا يسكر من غيره للخلاف فيه : أي من حيث الجنس لحل قليله على قول جماعة ، أما المسكر بالفعل فهو حرام إجماعا كما حكاه الحنفية فضلا عن غيرهم ، بخلاف مستحله من عصير العنب الصرف الذي لم يطبخ ولو قطرة ; لأنه مجمع عليه ضروري ، والأصل في الباب قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إنما الخمر } الآية وخبر
[ ص: 12 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28762كل شراب أسكر فهو حرام } وخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كل مسكر خمر وكل خمر حرام } وخبر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32483لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة : عاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وواهبها وآكل ثمنها }
nindex.php?page=treesubj&link=10075_10091_17190 ( كل شراب أسكر كثيره ) من خمر أو غيرها ومنه المتخذ من لبن الرمكة فإنه مسكر مائع ( حرم قليله ) وكثيره ( وحد شاربه ) وإن لم يسكر : أي متعاطيه ولو ممن يعتقد إباحته لضعف أدلته ، إذ العبرة في الحدود بمذهب الحاكم لا المتداعيين وقول
الزركشي فيمن لا يسكر بشرب الخمر إن الحرمة من حيث النجاسة لا الإسكار ففي الحد عليه نظر لانتفاء العلة وهي الإسكار عجيب وغفلة عن وجوب الحد في القليل الذي لا يتصور منه إسكار ، فمعنى كونه علة أنه مظنة له ، وخرج بالشراب
nindex.php?page=treesubj&link=17190_17221_23300_10065_10066_10067_17195ما حرم من الجامدات كالبنج والأفيون وكثير الزعفران والجوزة والحشيش فلا حد به وإن أذيبت إذ ليس فيها شدة مطربة ، بخلاف جامد الخمر اعتبارا بأصلهما بل التعزير الزاجر له عن هذه المعصية الدنية ، ويحرم شرب ما ذكر ويحد شاربه ( إلا صبيا ومجنونا ) لعدم تكليفهما ( وحربيا ) أو معاهدا لعدم التزامه ( وذميا ) ; لأنه لم يلتزم بالذمة مما لا يعتقده إلا ما يتعلق بالآدميين ( وموجرا ) مسكرا قهرا إذ لا صنع له ( وكذا مكرها على شربه على المذهب ) لرفع القلم عنه ويلزمه ككل آكل أو شارب حرام تقيؤه إن أطاقه كما في المجموع وغيره ولا نظر إلى عذره وإن لزمه التناول ; لأنه استدامة في الباطن لا انتفاع به ، وهو محرم وإن حل ابتداؤه لزوال سببه
[ ص: 13 ] فاندفع استبعاد
الأذرعي لذلك ، وعلى نحو السكران إذا شرب مسكرا حد واحد ما لم يحد قبل شربه فيحد ثانيا ، ومقابل المذهب طريق حاك لوجهين
[ ص: 11 ] كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ جَمْعُ شَرَابٍ بِمَعْنَى مَشْرُوبٍ ، وَذُكِرَ فِيهِ التَّعَازِيرُ تَبَعًا ، وَجُمِعَ الْأَشْرِبَةُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا ، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا مُتَّحِدًا ، وَلَمْ يُعَبِّرْ بِحَدِّ الْأَشْرِبَةِ كَمَا قَالَ قَطْعُ السَّرِقَةِ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ ثَمَّ لَيْسَ إلَّا بَيَانُ الْقَطْعِ وَمُتَعَلِّقَاتُهُ ، وَأَمَّا التَّحْرِيمُ فَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ ، وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ التَّحْرِيمِ لِخَفَائِهِ بِالنِّسْبَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ .
nindex.php?page=treesubj&link=17190_17189وَشُرْبُ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِنْ مَزَجَهَا بِمِثْلِهَا مِنْ الْمَاءِ ، وَكَانَ شُرْبُهَا جَائِزًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ بِوَحْيٍ وَلَوْ إلَى حَدٍّ يُزِيلُ الْعَقْلَ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسَ لَمْ تُبَحْ فِي مِلَّةٍ مِنْ الْمِلَلِ ; لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْمُوعِ ، قِيلَ إنَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُ مِلَّتِنَا .
وَحَقِيقَةُ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَإِنْ لَمْ يُقْذَفُ بِالزَّبَدِ ، وَتَحْرِيمُ غَيْرِهَا بِنُصُوصٍ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَكِنْ لَا يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّ قَدْرٍ لَا يُسْكِرُ مِنْ غَيْرِهِ لِلْخِلَافِ فِيهِ : أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِ لِحِلِّ قَلِيلِهِ عَلَى قَوْلِ جَمَاعَةٍ ، أَمَّا الْمُسْكِرُ بِالْفِعْلِ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ الْحَنَفِيَّةُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ ، بِخِلَافِ مُسْتَحِلِّهِ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ الصِّرْفِ الَّذِي لَمْ يُطْبَخْ وَلَوْ قَطْرَةً ; لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ضَرُورِيٌّ ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=90إنَّمَا الْخَمْرُ } الْآيَةَ وَخَبَرُ
[ ص: 12 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28762كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ } وَخَبَرُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28821كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ } وَخَبَرُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32483لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً : عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَوَاهِبَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا }
nindex.php?page=treesubj&link=10075_10091_17190 ( كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ ) مِنْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا وَمِنْهُ الْمُتَّخَذُ مِنْ لَبَنِ الرَّمَكَةِ فَإِنَّهُ مُسْكِرٌ مَائِعٌ ( حَرُمَ قَلِيلُهُ ) وَكَثِيرُهُ ( وَحُدَّ شَارِبُهُ ) وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ : أَيْ مُتَعَاطِيهِ وَلَوْ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ إبَاحَتُهُ لِضَعْفِ أَدِلَّتِهِ ، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْحُدُودِ بِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ لَا الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَقَوْلُ
الزَّرْكَشِيّ فِيمَنْ لَا يَسْكَرُ بِشُرْبِ الْخَمْرِ إنَّ الْحُرْمَةَ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةِ لَا الْإِسْكَارِ فَفِي الْحَدِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْإِسْكَارُ عَجِيبٌ وَغَفْلَةٌ عَنْ وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ إسْكَارٌ ، فَمَعْنَى كَوْنِهِ عِلَّةً أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لَهُ ، وَخَرَجَ بِالشَّرَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=17190_17221_23300_10065_10066_10067_17195مَا حَرُمَ مِنْ الْجَامِدَاتِ كَالْبَنْجِ وَالْأَفْيُونِ وَكَثِيرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْجَوْزَةِ وَالْحَشِيشِ فَلَا حَدَّ بِهِ وَإِنْ أُذِيبَتْ إذْ لَيْسَ فِيهَا شِدَّةُ مُطْرَبَةٍ ، بِخِلَافِ جَامِدِ الْخَمْرِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِمَا بَلْ التَّعْزِيرُ الزَّاجِرُ لَهُ عَنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الدَّنِيَّةِ ، وَيَحْرُمُ شُرْبُ مَا ذُكِرَ وَيُحَدُّ شَارِبُهُ ( إلَّا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا ( وَحَرْبِيًّا ) أَوْ مُعَاهِدًا لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ ( وَذِمِّيًّا ) ; لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالذِّمَّةِ مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ إلَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْآدَمِيِّينَ ( وَمُوجَرًا ) مُسْكَرًا قَهْرًا إذْ لَا صُنْعَ لَهُ ( وَكَذَا مُكْرَهًا عَلَى شُرْبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُ وَيَلْزَمُهُ كَكُلِّ آكِلِ أَوْ شَارِبِ حَرَامٍ تَقَيُّؤُهُ إنْ أَطَاقَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى عُذْرِهِ وَإِنْ لَزِمَهُ التَّنَاوُلُ ; لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا انْتِفَاعَ بِهِ ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَإِنْ حَلَّ ابْتِدَاؤُهُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ
[ ص: 13 ] فَانْدَفَعَ اسْتِبْعَادُ
الْأَذْرَعِيِّ لِذَلِكَ ، وَعَلَى نَحْوِ السَّكْرَانِ إذَا شَرِبَ مُسْكِرًا حُدَّ وَاحِدٌ مَا لَمْ يُحَدَّ قَبْلَ شُرْبِهِ فَيُحَدُّ ثَانِيًا ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ طَرِيقٌ حَاكٍ لِوَجْهَيْنِ