الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( أو ) أحبل ( أمة غيره بنكاح ) لا غرور فيه بحريتها أو زنا ( فالولد رقيق ) تبعا لأمه فيكون لمالك أمه بالإجماع ، إذ الفرع يتبع الأب في النسب والأم في الرق والحرية وأشرفهما في الدين وإيجاب البدل وتقرير الجزية وأخفهما في عدم وجوب الزكاة وأخسهما في النجاسة وتحريم الذبيحة والمناكحة ، ويطلق الرقيق على نقيض الغليظ والثخين ( ولا تصير أم ولد ) له ( إذا ملكها ) لانتفاء العلوق بحر إذ ثبوت الحرية للأم فرع ثبوتها للولد ، فإذا انعقد الولد رقيقا يتفرع عنه ذلك ، ولو ملكها حاملا من نكاحه عتق عليه الولد كما في المحرر ، ومعلوم أن ولد المالك انعقد حرا . قالالصيدلاني : وصورة ملكها حاملا أن تضعه قبل ستة أشهر من يوم ملكها ، أو لا يطؤها بعد الملك وتلده لدون أربع سنين ، ولو كان سيد الأمة المنكوحة ممن يعتق عليه الولد لكونه بعضا له فإنه يصير حرا ، ولو نكح أمة غر بحريتها فالولد قبل العلم حر كما ذكره المصنف في خيار النكاح ، أو نكح حر جارية أجنبي ثم ملكها ابنه أو عبد جارية ابنه ثم عتق لم ينفسخ النكاح .

                                                                                                                            فلو أولدها لم يثبت الإيلاد كما قاله الشيخ أبو حامد والعراقيون والشيخ أبو علي والبغوي وغيرهم ورجحه الأصفوني وجزم به ابن المقري والحجازي لأنه رضي برق ولده حين نكحها ، ولأن النكاح حاصل محقق فيكون واطئا بالنكاح لا بشبهة الملك ، بخلاف ما إذا لم يكن نكاح ، وقيل يثبت وبه قال الشيخ أبو محمد ومال إليه الإمام ورجحه البلقيني ، ولو نزع أمة بحجة ثم أحبلها ثم أكذب نفسه لم يقبل قوله وإن وافقه المقر له ، لكنه يغرم نقصها أو قيمتها والمهر وتعتق بموته ويوقف ولاؤها ، فإن لم يجد حجة فحلف المنكر وأحبلها ثم أكذب [ ص: 434 ] نفسه وأقر بها له فكما مر ، وبقي ما لو أولدها الأول ثم الثاني ثم أكذب الثاني نفسه والأقرب ثبوت إيلادها للأول لاتفاقهما عليه آخرا ويلزم الثاني له قيمة الولد والمهر والنقص ( أو بشبهة ) كأن ظنها زوجته الحرة أو أمته كما في المحرر ولعله حذفه للعلم به مما خرج به وهو ما لو ظنها زوجته الأمة فإن الولد رقيق من قوله أولا بنكاح ، لا إن ظنها مشتركة بينه وبين غيره أو أمة فرعه أو مشتركة بين فرعه وغيره خلافا لبعضهم ( فالولد حر ) عملا بظنه أما لو ظنها زوجته الأمة فالولد رقيق وسواء أكان الواطئ حرا أم رقيقا ، ولو كان لشخص زوجتان حرة وأمة فوطئ الأمة ظانا أنها الحرة فالأشبه كما قاله الزركشي أن الولد حر كما في أمة الغير إذا ظنها زوجته الحرة ، وأطلق المصنف الشبهة ومقتضى تعليلهم إرادة شبهة الفاعل فتخرج شبهة الطريق وهي الجهة التي أباح الوطء بها عالم فيكون الولد فيها رقيقا ، وهو ظاهر لانتفاء ظن الزوجية والملك ، ولو وطئ جارية بيت المال حد فلو أولدها فلا نسب ولا إيلاد سواء الغني والفقير لأنه لا يجب فيه الإعفاف ، أو وطئ جارية أبيه أو أمه ظانا حلها له ، أو أكره على الوطء فالذي يظهر كما قاله الأذرعي أن الولد رقيق .

                                                                                                                            ( ولا تصير أم ولد ) له ( إذا ملكها في الأظهر ) لأن الولد وإن انعقد حرا لكنها علقت به في غير ملك اليمين فهو كما لو علقت به منه في النكاح ولأن الاستيلاد لم يثبت في الحال ، فكذلك بعد الملك كما لو أعتق رقيق الغير ثم ملكه ولأن الكتابة والتدبير لا يثبتان في مثل ذلك حالا ولا مآلا فكذلك الإيلاد . والثاني تصير لأنها علقت بحر وهو سبب في الحرية بعد الموت ، وشمل كلام المصنف ما لو غر بحريتها أو شراها شراء فاسدا فأولدها ثم ملكها ، ومحل الخلاف في الحر ، فلو وطئ العبد أمة غيره بشبهة فأحبلها ثم عتق وملكها لم تصر أم ولد له قطعا لأنه لم ينفصل من حر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويطلق الرقيق ) أي لغة ( قوله : ولو ملكها حاملا من نكاحه ) بخلاف ما لو ملك الحامل منه من زنا فلا يعتق عليه لعدم نسبته له شرعا ( قوله : عتق عليه الولد ) أي ولا تصير به أم ولد ( قوله : وصورة ملكها حاملا ) أي على وجه يعتق فيه الولد لا تصير مستولدة ( قوله لكونه بعضا له ) بأن تزوج شخص بأمة أبيه مثلا فأحبلها فإن الولد يعتق على سيدها لأنه ولد ولده ( قوله : لكنه يغرم نقصها ) أي للمقر له ( قوله : وتعتق بموته ) أي الذي أكذب نفسه [ ص: 434 ] قوله : فكما مر ) أي من عدم قبوله قوله ( قوله : لاتفاقهما عليه آخرا ) أي بإكذابه نفسه ( قوله : أو مشتركة ) أي فلا يكون الولد حرا ( قوله : وهي الجهة التي أباح الوطء إلخ ) كأن أباحه سيد الأمة وطأها عند من يقول بجوازه بإباحة السيد فأتت بولد فإنه لا يكون حرا ( قوله : فلا نسب ولا إيلاد ) أي وعليه المهر حيث لم تطاوعه ( قوله : أو وطئ جارية أبيه أو أمه ) أي ومثله بالأولى ما لو وطئ جارية زوجته ظانا ذلك ( قوله : أن الولد رقيق ) أي ولا حد عليه إذا كان ممن يخفى عليه ذلك للشبهة وهل يثبت نسبه منه في الصور الثلاث أم لا ؟ فيه نظر ، وظاهر اقتصاره على نفي الحرية في هذه دون نفي النسب والتصريح بنفيه فيما قبلها ثبوته في الثلاث فيترتب عليه الإرث إذا عتق وعدم القتل بقتله إلى غير ذلك من الأحكام فليراجع ( قوله : كما لو أعتق رقيق الغير ) أي تعديا أو لظنه ملكه



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ومعلوم أن ولد المالك إلخ ) هذا لا تعلق له بما قبله كما لا يخفى فانظر ما وجه إيراده هنا ( قوله : وصورة ملكها حاملا أن تضعه إلخ ) في هذه العبارة مساهلة لا تخفى والمقصود منها ظاهر ( قوله : فالولد قبل العلم إلخ ) أي فالولد الحادث قبل العلم إلخ : أي بخلاف الحادث بعده ( قوله : وقيل يثبت ) أي وينفسخ النكاح ( قوله : لكنه يغرم نقصها وقيمتها ) أي للمقر له ومثل هذا في التحفة وانظر ما المراد بالنقص المغروم مع القيمة ، وسيأتي آخر مسألة في الكتاب نقلا عن أصل الروضة أنه يغرم قيمتها وقيمة الولد والمهر ، وسيأتي ثم أنه [ ص: 434 ] يحرم عليه وطؤها حتى يستبرئها من المنتزعة منه ، وظاهر أن محل الحرمة إن كان صادقا في إكذابه نفسه ( قوله : فكما مر ) أي فيجرى في المدعى عليه نظير ما مر في المدعي ( قوله : وسكت ) انظر مرجع الضمير ( قوله : ويلزم الثاني له قيمة الولد ) علم منه أنه لا يحكم بحريته ( قوله : لا إن ظنها مشتركة ) هو معطوف على قوله كأن ظنها زوجته الحرة أو أمته : أي وإلا فالولد رقيق في هذه الثلاث كما رجحه والده في حواشي شرح الروض ( قوله : فتخرج شبهة الطريق ) أي أما شبهة الملك كالمشتركة فقد مرت في كلامه آنفا




                                                                                                                            الخدمات العلمية