الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويحرم بيعها ) لما مر من الأحاديث وأجمع التابعون فمن بعدهم عليه . قال المصنف في شرح المهذب : هذا هو المعتمد في المسألة إن قلنا الإجماع بعد الخلاف يرفع الخلاف ، وحينئذ فيستدل بالأحاديث وبالإجماع على نسخ الأحاديث في بيعها .

                                                                                                                            قال الصيمري وغيره : وأجمعوا على المنع إذا كانت حاملا بحر ، وإنما اختلفوا بعد الولادة ولهذا احتج ابن سريج في الودائع بالاتفاق على أنها لا تباع في حال الحبل قال : فدلالة اتفاقهم قاضية على حكم ما اختلفوا فيه بعد الولادة ، ونقض هذا الاستدلال بالحامل بحر من وطء شبهة فإنها لا تباع في حال الحبل وتباع بعد الوضع . وأجيب عنها بقيام الدليل فيها بجواز البيع بعد الوضع بخلاف أم الولد ، ونص الشافعي رضي الله عنه على منع بيعها في خمسة عشر كتابا ، ولو حكم قاض بجواز بيعها نقض قضاؤه لمخالفته الإجماع ، وما كان في بيعها من خلاف بين القرن الأول فقد انقطع وصار مجمعا على منعه ، وأما خبر أبي داود وغيره عن جابر { كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا نرى بذلك بأسا } فأجيب عنه بأنه منسوخ وبأنه منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم استدلالا واجتهادا فيقدم عليه ما نسب إليه قولا ونصا وهو الأحاديث المتقدمة ، وبأنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك كما ورد في خبر المخابرة عن ابن عمر : كنا نخابر لا نرى بذلك بأسا حتى أخبرنا رافع بن خديج { أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة فتركناها } . وزاد الحاكم فيه : لا نرى بذلك بأسا في زمن أبي بكر ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا . ورواه البيهقي بدون هذه الزيادة وقال : يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشعر بذلك ، ويحتمل [ ص: 437 ] أن يكون ذلك قبل النهي أو قبل ما استدل به عمر وغيره من أمر النبي صلى الله عليه وسلم على عتقهن ، ومن فعله منهم لم يبلغه ذلك ا هـ . وهو ظاهر في أن قوله لا نرى بالنون لا بالياء . وقال البيهقي : ليس في شيء من الطرق أنه اطلع عليه ا هـ . وكما يحرم بيعها لا يصح ، ومحل ما ذكره المصنف إذا لم يرتفع الإيلاد فإن ارتفع بأن كانت كافرة وليست لمسلم وسبيت وصارت قنة صح جميع ذلك ، ويستثنى من ذلك مسائل يجوز بيعها : الأولى المرهونة رهنا وضعيا أو شرعيا حيث كان المستولد معسرا حال الإيلاد . الثانية : الجانية وسيدها كذلك ، الثالثة : مستولدة المفلس .

                                                                                                                            الرابعة بيعها من نفسها بناء على أنه عقد عتاقة وهو الأصح وكبيعها في ذلك هبتها كما صرح به البلقيني والأذرعي ، بخلاف الوصية بها لاحتياجها إلى القبول وهو إنما يكون بعد الموت والعتق يقع عقبه . قال الأذرعي : وددت لو قيل بجواز بيعها ممن تعتق عليه بقرابة . وقال الزركشي : ينبغي صحة بيعها ممن تعتق عليه كأصلها أو فرعها أي ومن أقر بحريتها ا هـ . وهو مردود . الخامسة إذا سبي سيد المستولدة واسترق فيصح بيعها ولا تعتق بموته . السادسة إذا كانت حربية وقهرها حربي آخر ملكها ، وقد مر أنه تجوز كتابة أم الولد

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : يرفع الخلاف ) [ ص: 437 ] معتمد ( قوله : رهنا وضعيا ) أي بأن رهنها المالك في حياته والشرعي بأن يموت وعليه دين فالتركة مرهونة به رهنا شرعيا ( قوله : وسيدها كذلك ) أي معسرا حال الإيلاد ( قوله : وهو مردود ) أي قول الأذرعي



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وما كان في بيعها إلخ ) هذا وما بعده يغني عنه ما مر عقب المتن ( قوله : استدلالا واجتهادا ) أي منا أخذا بظاهر قول جابر والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا نرى بذلك بأسا ( قوله : كما ورد في خبر المخابرة ) غرضه من سياق هذا بيان أنه لا يلزم من قول الصحابي لا نرى بذلك بأسا أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليه ، لكن قد يقال : إنه لا دليل في ذلك لأنه لم ينص فيه على أنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، بخلاف خبر جابر على أن جزم الشارح بأنه صلى الله عليه وسلم لم يطلع عليه واستناده فيه إلى مجرد ما ذكره فيه ما لا يخفى ( قوله : وزاد الحاكم ) يعني في أمهات الأولاد بدليل ما بعده [ ص: 437 ] قوله : على عتقهن ) متعلق باستدل وانظر ما المراد بأمره صلى الله عليه وسلم ( قوله : الأولى المرهونة إلخ ) هذه والمسائل الثلاث بعدها لا تستثنى لأن صحة بيعها لعدم صحة إيلادها كما مر ( قوله : بخلاف الوصية بها ) أي لنفسها : أي فتحرم : أي لتعلق العقد الفاسد .




                                                                                                                            الخدمات العلمية