الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وصيغتها ) لفظا أو إشارة أخرس أو كتابة تشعر بها وكل من الأولين صريح أو كناية فمن صرائحها ( كاتبتك ) أو أنت مكاتب ( على كذا ) كألف ( منجما ) بشرط أن ينضم إلى ذلك قوله ( إذا أديته ) مثلا ( فأنت حر ) لأن لفظها يصلح للمخارجة أيضا فاحتيج لتميزها بإذا وما بعدها ،

                                                                                                                            ولا يتقيد بما ذكر بل مثله فإذا برئت منه أو فرغت ذمتك منه فأنت حر ، ويشمل برئت منه حصول ذلك بأداء النجوم والبراءة الملفوظ بها .

                                                                                                                            وفراغ الذمة شامل للاستيفاء والبراءة باللفظ .

                                                                                                                            قال البلقيني : لو قال كاتبتك على كذا منجما الكتابة التي يحصل فيها العتق كان كافيا في الصراحة لأن القصد إخراج كتابة الخراج ( ويبين ) وجوبا قدر العوض وصفته بما مر في السلم كما يأتي نعم إن كان بمحل العقد نقد غالب لم يشترط بيانه كالبيع و ( عدد النجوم ) استوت ، أو اختلفت نعم لا يجب كونها ثلاثة كما يأتي ( وقسط كل نجم ) أي ما يؤدى عند حلول كل نجم لأنها عقد معاوضة فاشترط فيه معرفة العوض كالبيع وابتداء النجوم من العقد ، والمراد هنا بالنجم هو الوقت المضروب ، ويطلق على المال المؤدى عنه كما يأتي في قوله أو اتفقت النجوم ، مما يلغز به هنا أن يقال عقد معاوضة يحكم فيه لأحد المتعاقدين بملك العوض [ ص: 406 ] والمعوض معا ، إذ السيد يملك النجوم فيه بمجرد العقد مع بقاء المكاتب على ملكه إلى أداء جميع النجوم ، وقول بعضهم ملغزا فيه بأنه مملوك لا مالك له مبني على مرجوح ، وهو أن المكاتب مع بقائه على الرق لا مالك له ( ولو ) ( ترك لفظ التعليق ) للحرية بالأداء ( ونواه ) بقوله كاتبتك على كذا ( جاز ) لحصول المقصود ومحل ذلك في الصحيحة ، وأما الفاسدة فلا بد فيها من التلفظ به ( ولا يكفي لفظ كتابة بلا تعليق ولا نية على المذهب ) لما مر من كون الكتابة تقع على هذا العقد وعلى المخارجة فلا بد من تمييز باللفظ أو النية ، وفي قول من طريق ثان مخرج يكفي كالتدبير ، وفرق الأول بأن التدبير مشهور في معناه ، بخلاف الكتابة لا يعرف معناه إلا الخواص ( ويقول المكاتب ) على الفور ( قبلت ) كغيره من العقود فلا يكفي قبول الأجنبي ، ويتجه عدم الاكتفاء بقبول وكيل العبد لأنه لا يصير أهلا للتوكيل إلا بعد تمام القبول ، ويكفي استيجاب وإيجاب ككاتبني على كذا فيقول كاتبتك ، وإنما لم يكف الأداء بلا قبول كالإعطاء في الخلع لأن هذا أشبه بالبيع من ذلك .

                                                                                                                            يقال : تعبير أصله بالعبد أولى من تعبيره بالمكاتب إذ لا يصير مكاتبا إلا بعد القبول .

                                                                                                                            لأنا نقول : إطلاق المكاتب عليه صحيح باعتبار الأول كما في قوله تعالى { إني أراني أعصر خمرا } وقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : إذا أديته ) أي آتيته كما يأتي في كلامه ، والتعبير بالأداء للغالب من وجود الأداء في الكتابة وإلا فيكفي كما قال جمع أن يقول إذا برئت أو فرغت ذمتك منه فأنت حر أو ينوي ذلك ، ويأتي أن نحو الإبراء يقوم مقام الأداء ، والمراد به شرعا هنا فراغ الذمة ا هـ حج .

                                                                                                                            وقول حج : يأتي أي بعد قول المصنف فمن أدى حصته إلخ ، ومنها يعلم أنه لا فرق بين قوله إذا برئت أو فرغت ذمتك فقول الشارح بالنسبة للبراءة أنه يعتق بأداء النجوم والبراءة الملفوظ بها وبالنسبة لفراغ الذمة يعتق بالاستفتاء ، والبراءة باللفظ ليس لفرق بين البراءة وفراغ الذمة بل مجرد تفنن في التعبير ، ثم قضية ما ذكر أنه لا يعتق بالبراءة إذا كانت الصيغة إذا أديت فأنت حر ، وسيأتي ما يخالفه في قوله ولهذا يعتق بالإبراء مع انتفاء الأداء ( قوله : التي يحصل فيها العتق ) أي مع ذكر بقية الشروط من بيان كل نجم وما يؤدى فيه وإلا كانت فاسدة ( قوله : نعم لا يجب كونها ثلاثة كما يأتي ) [ ص: 406 ] أشار به إلى أن النجوم في كلام المصنف أريد بها ما فوق الواحد ( قوله : لا يعرف معناها إلا الخواص ) في توجيه الأول بأن الكتابة مشتركة ما يغني عن هذا الفرق ( قوله : إلا بعد تمام القبول ) ظاهره وإن أذن له السيد في التوكيل ( قوله : ويكفي استيجاب ) أي واستقبال وقبول كما لو قال السيد قبل الكتابة أو تكاتب مني بكذا إلى آخر الشروط فقال العبد قبلت ( قوله : فيقول كاتبتك ) أي فورا كما فهم من الفاء



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بشرط أن ينضم إلى ذلك قوله إلخ ) أي أو نية كما سيأتي ( قوله : نعم لا يجب كونها إلخ ) هو استدراك [ ص: 406 ] على ظاهر المتن في جمعه النجوم ( قوله : بأنه مملوك ) الباء زائدة لأنه مقول القول فكان الأولى حذفها ( قوله مخرج ) وهو وصف لقول .




                                                                                                                            الخدمات العلمية