[ ص: 79 ] ( فصل ) في أمان الكفار
الذي هو قسيم الجزية والهدنة ، وقسم من مطلق الأمن لهم المنحصر في هذه الثلاثة ; لأنه إن تعلق بمحصور فالأول أو بغيره لا إلى غاية فالثاني أو إليها فالثالث .
والأصل فيه قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وإن أحد من المشركين استجارك } الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87053ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما } أي نقض عهده {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24324فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } رواه الشيخان والذمة العهد والأمان والحرمة والحق ، وكل صحيح هنا ، وقد تطلق على الذات والنفس اللتين هما محلها في نحو في ذمته كذا وبرئت ذمته منه وعلى المعنى الذي يصلح للإلزام
[ ص: 80 ] وللالتزام كما مر
nindex.php?page=treesubj&link=26762_9098_9079_9084_9075_9069_9065 ( يصح من كل مسلم مكلف ) وسكران ( مختار ) ولو أمة لكافر وسفيها وفاسقا وهرما لقوله في الخبر {
يسعى بها أدناهم } ولأن
عمر أجاز أمان عبد على جميع الجيش فلا يصح من كافر لاتهامه وصبي ومجنون ومكره كبقية العقود ، نعم لو جهل كافر فساد أمان من ذكر عرف به ليبلغ مأمنه ( أمان حربي ) ولو امرأة وقنا كما اعتمده
البلقيني لا أسيرا كما قالاه ، وقيده
الماوردي بغير آسره ، أما هو فيجوز له ما بقي في يده ( وعدد محصور ) من أهل الحرب كمائة ( فقط ) أي دون غير المحصور كأهل بلد كبير ; لأن هذه هدنة ، وهي ممتنعة من غير الإمام ، ولو آمن مائة ألف منا مائة ألف منهم ، وظهر بذلك سد باب الجهاد أو بعضه بطل الجميع حيث وقع معا ، وإلا فما ظهر الخلل به فقط
[ ص: 79 ] ( فَصْلٌ ) فِي أَمَانِ الْكُفَّارِ
الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ ، وَقَسَمَ مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْنِ لَهُمْ الْمُنْحَصِرُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ; لِأَنَّهُ إنْ تَعَلَّقَ بِمَحْصُورٍ فَالْأَوَّلُ أَوْ بِغَيْرِهِ لَا إلَى غَايَةٍ فَالثَّانِي أَوْ إلَيْهَا فَالثَّالِثُ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ } الْآيَةَ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=87053ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا } أَيْ نَقَضَ عَهْدَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24324فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ وَالْحُرْمَةُ وَالْحَقُّ ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ هُنَا ، وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الذَّاتِ وَالنَّفْسِ اللَّتَيْنِ هُمَا مَحَلُّهَا فِي نَحْوِ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ وَعَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ
[ ص: 80 ] وَلِلِالْتِزَامِ كَمَا مَرَّ
nindex.php?page=treesubj&link=26762_9098_9079_9084_9075_9069_9065 ( يَصِحُّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ ) وَسَكْرَانَ ( مُخْتَارٍ ) وَلَوْ أَمَةً لِكَافِرٍ وَسَفِيهًا وَفَاسِقًا وَهَرِمًا لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ {
يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ } وَلِأَنَّ
عُمَرَ أَجَازَ أَمَانَ عَبْدٍ عَلَى جَمِيعِ الْجَيْشِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِاتِّهَامِهِ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ كَبَقِيَّةِ الْعُقُودِ ، نَعَمْ لَوْ جَهِلَ كَافِرٌ فَسَادَ أَمَانِ مَنْ ذُكِرَ عُرِّفَ بِهِ لِيَبْلُغَ مَأْمَنَهُ ( أَمَانُ حَرْبِيٍّ ) وَلَوْ امْرَأَةً وَقِنًّا كَمَا اعْتَمَدَهُ
الْبُلْقِينِيُّ لَا أَسِيرًا كَمَا قَالَاهُ ، وَقَيَّدَهُ
الْمَاوَرْدِيُّ بِغَيْرِ آسِرِهِ ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ( وَعَدَدٍ مَحْصُورٍ ) مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ كَمِائَةٍ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ بَلَدٍ كَبِيرٍ ; لِأَنَّ هَذِهِ هُدْنَةٌ ، وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ ، وَلَوْ آمَنَ مِائَةُ أَلْفٍ مِنَّا مِائَةَ أَلْفٍ مِنْهُمْ ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْجِهَادِ أَوْ بَعْضِهِ بَطَلَ الْجَمِيعُ حَيْثُ وَقَعَ مَعًا ، وَإِلَّا فَمَا ظَهَرَ الْخَلَلُ بِهِ فَقَطْ