[ ص: 186 ] فصل ) في الحلف على السكنى والمساكنة وغيرهما مما يأتي
والأصل في هذا وما بعده أن الألفاظ تحمل على حقائقها ، إلا أن يكون المجاز متعارفا ويريد دخوله فيدخل أيضا ، فلا يحنث أمير حلف لا يبني داره وأطلق إلا بفعله ، ولا من حلف لا يحلق رأسه فحلق غيره له بأمره إذا ( فليخرج ) منها حالا بنية التحول في كل من مسألة الإقامة والسكنى فيما يظهر من كلامهم إن أراد عدم الحنث ، ومحل ذلك كما قاله ( حلف لا يسكنها ) أي هذه الدار أو دارا ( أو لا يقيم فيها ) وهو فيها عند الحلف الأذرعي حيث كان متوطنا فيه قبل حلفه ، فلو دخله لنحو تفرج فحلف لا يسكنه لم يحتج لنية التحول قطعا ( في الحال ) ببدنه فقط [ ص: 187 ] وإن ترك أمتعته لأنه المحلوف عليه ولا يكلف العدو ، ولا الخروج من أقرب البابين ، نعم لو عدل لباب السطح مع تمكنه من غيره حنث كما قاله الماوردي لأنه بصعوده في حكم المقيم : أي ولا نظر لتساوي المسافتين ولا لأقربية طريق السطح على ما أطلقه لأنه بمشيه إلى الباب آخذ في سبب الخروج ، وبالعدول عنه إلى الصعود غير آخذ في ذلك عرفا ، أما خروجه بغير نية التحول فيحنث معه لأنه مع ذلك يسمى ساكنا أو مقيما عرفا ( فإن مكث بلا عذر ) ولو لحظة وهو مراد الروضة بساعة ، وقول الغزي كما لو وقف ليشرب مثلا يتعين تقييد مثاله بما إذا لم يكن شربه لعطش لا يحتمل مثله عادة كما أفهمه قولهم ( حنث وإن بعث متاعه ) وأهله لأن المحلوف عليه سكناه وهو موجود إذ السكنى تطلق على الدوام كالابتداء ، فإن كان لعذر كأن أغلق عليه الباب لم يحنث ، وجعل الماوردي من ذلك ضيق وقت الصلاة ، وقد علم أنه لو اشتغل بالخروج لفاتته فإن طرأ العجز بعد الحلف فكالمكره ( وإن ) نوى التحول لكنه ( اشتغل بأسباب الخروج كجمع متاع وإخراج أهل ولبس ثوب ) يعتاد لبسه في الخروج ( لم يحنث ) لأنه لا يعد ساكنا وإن طال مقامه بسبب ذلك ، وكذا لو طرأ عليه عقب حلفه نحو مرض منعه من خروجه ولم يجد من يخرجه أو خاف على نفسه أو ماله لو خرج فمكث ولو ليلة أو أكثر فلا حنث ، ويتجه ضبط المرض هنا بما [ ص: 188 ] يشق معه الخروج مشقة لا تحتمل غالبا .
نعم لو أمكنه استئجار من يحمله بأجرة مثله ووجدها فترك ذلك حنث ، وقليل المال ككثيره كما اقتضاه إطلاقهم ، ولو خرج ثم عاد إليها لنحو عيادة أو زيادة لم يحنث ما دام يطلق عليه زائرا وعائدا عرفا وإلا حنث ، وقيد المصنف رحمه الله عدم الحنث بمقامه لجمع متاع ونحوه بما إذا لم تمكنه الاستنابة وإلا حنث ، وبه صرح الماوردي والشاشي ، والأوجه أن وجود من لا يرضى بأجرة المثل أو يرضى بها ولا يقدر عليها بأن لم يكن معه ما يبقى له مما مر في الفلس كالعدم فلا يحنث لعذره