الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  لما ذكر المسغبة والمتربة شرع في بيان ما يفعل بذي مسغبة وبذي متربة ، فقال فلا اقتحم العقبة في الدنيا ، يعني فلم يجاوز هذا الإنسان العقبة في الدنيا فيأمن ، والاقتحام الدخول والمجاوزة بشدة ومشقة ، ثم عظم أمر العقبة فأشار إليه بقوله : وما أدراك ما العقبة وكل شيء قال : وما أدراك فإنه أخبره به ، وما قال : وما يدريك فإنه لم يخبره به ، ثم فسر العقبة بقوله : فك رقبة إلى قوله : متربة ، وشبه عظم الذنوب وثقلها على مرتكبها بعقبة ، فإذا أعتق رقبة وعمل عملا صالحا كان مثله مثل من اقتحم العقبة التي هي الذنوب حتى تذهب وتذوب كمن يقتحم عقبة فيستوي عليها ويجوزها ، وذكر عن ابن عمر أن هذه العقبة جبل في جهنم ، وعن الحسن ، وقتادة هي عقبة في النار دون الجسر ، فاقتحموها بطاعة الله تعالى ، عن مجاهد ، والضحاك ، والكلبي هي الصراط يضرب على جهنم كحد السيف مسيرة ثلاثة آلاف سنة سهلا وصعودا وهبوطا ، وإن بجنبيه كلاليب وخطاطيف كشوك السعدان ، وعن كعب هي سبعون دركة في جهنم . قوله : فك رقبة بدلا من اقتحم العقبة ، أو إطعام عطف عليه ، وقوله وما أدراك ما العقبة جملة معترضة ، ومعنى فك رقبة أعتق رقبة كانت فداءه من النار ، وعن عكرمة فك رقبة من الذنوب بالتوبة . قوله : أو إطعام في يوم ذي مسغبة " مجاعة يتيما ذا مقربة ، أي ذا قرابة أو مسكينا ذا متربة قد لصق بالتراب من الفقر ، فليس له مأوى إلا التراب ، والمسغبة ، والمقربة ، والمتربة مفعلات من سغب إذا جاع ، وقرب في النسب وترب إذا افتقر ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي فك بفتح الكاف وأطعم بفتح الميم على الفعل كقوله ثم كان ، والباقون بالإضافة على الاسم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية