( سادس عشرها ) المقصود به بيان الحكم ، كقوله : { فيما سقت  [ ص: 193 ] السماء العشر من التمر   } مع قوله : { ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة   } ولا يجوز أن يتأول فيقال : معناه ليس فيها صدقة يأخذها العامل . بدليل الخبر الآخر ، لأن أحدهما قصد فيه بيان المزكى ، والآخر بيان الزكاة    . وهذا معنى قول  الشافعي    : الكلام يجمل في غير مقصوده ويفصل في مقصوده ، ومنه قوله { في سائم الغنم زكاة   } مع قوله : { في أربعين شاة شاة   } وكذلك { ليس فيما دون خمسة أوسق من الورق صدقة   } مع قوله : { في الرقة ربع العشر   } فيحمل الأمر على بيان المزكى والزكاة ، لا على ما لم ينقل له الخبر ولم يدل عليه المسموع ، ذكره إلكيا    . ثم قال : نعم : قد يرد على صورة البيان وإن لم يكن بيانا حقا ، كقوله في حديث ماعز    : { أشهدت على نفسك أربعا   } ، وفي لفظ : أنت تشهد ؟ وأنه ردده ، فقال أهل العراق    : إنه لما ردده مرارا ثم قال : { أشهدت على نفسك أربعا   } ، دل على أن قوله : { فإن اعترفت فارجمها   } أي اعترفت أربعا . فقلنا    : لم يكن التردد والرد لأنه لا يجب الحد بالاعتراف الأول ، ولكن لم يفصح أولا بما يلزمه الحد ورأى فيه دلائل الخبل والجنون ، ولذلك قال : { لعلك لمست   } ، وسأل عن النون والكاف فقلنا في مثل ذلك : رواية ماعز  مقدمة ، وقلبوا الأمر فلم يجعلوا البيان في القسم المتقدم معتبرا ، قدموا العموم عليه ، وقدموا البيان على العموم هاهنا . ومن هذا اختلاف الروايات في سجود السهو قبل السلام وبعده ، فكان ما رواه  الشافعي  أولى ، لأن فيما رواه : { واسجد سجدتي السهو قبل السلام ، فإن كان أربعا فالسجدتان ترغيما للشيطان وإن كان خمسا شفعتها بالسجدتين   } فذكر الترغيم ، والشفع لا يكون مع الفصل والتخلل ، فكان ما نقلناه إيماء إلى بيان السبب على ما ردده . وله وجه آخر من الترجيح ، وهو ورود الأمر والفعل ، ونقلوا الأمر فقط ، والأمر أبين من الفعل الذي يمكن تقدير اختصاصه برسول الله صلى الله عليه وسلم . . 
				
						
						
