الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثالث : أن يقوم دليل على الترجيح وهذا على طريقة كثير من الأصوليين ، لكن الفقهاء يخالفونهم وتابعهم في المحصول " وشرطوا أن لا يمكن العمل بكل واحد منهما ، فإن أمكن ، ولو من وجه ، امتنع ، بل يصار إلى ذلك لأنه أولى من إلقاء أحدهما ، والاستعمال أولى من التعطيل قال في المحصول " : العمل بكل منهما من وجه أولى من العمل بالراجح من كل وجه وترك الآخر ، لأن دلالة الدليل على بعض مدلولاته تابعة لدلالته على كلها ، لأن دلالة التضمن تابعة لدلالة المطابقة ، [ ص: 149 ] وترك التبع أولى من ترك الأصل فإذا عملنا بكل واحد منهما من وجه دون وجه فقد تركنا العمل بالدلالة التضمينية ، وإن عملنا بأحدهما دون الثاني فقد تركنا العمل بالدلالة السمعية إذا علمت هذا فالعمل بكل واحد منهما من وجه يقع على ثلاثة أوجه : ( أحدها ) : توزيع متعلق الحكم إن أمكن ، كما تقسم الدار المدعى ملكها عند تعارض البينتين ( ثانيها ) : ينزل على الأحكام بعض كل واحد عند التعدد ، بأن يكون كل واحد منهما مقتضيا أحكاما ، فيعمل بواحد منهما في بعضها ، وبالآخر في البعض الآخر ، كالنهي عن الشرب والبول قائما ثم فعله ، فإن فعله يقتضي عدم الأولوية والحرج ، ونهيه بالعكس فيحمل النهي على عدم الأولوية والفعل على رفع الحرج وبيان الجواز وكنهيه عن الاغتسال بفضل وضوء المرأة ثم فعله مع عائشة ( ثالثها ) : التنزيل على بعض الأحوال عند الإطلاق ، كقوله : { ألا أخبركم عن خير الشهود ؟ أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد } وقوله في حديث آخر : { ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد } فيحمل الأول على حق الله تعالى والثاني على حق الآدميين .

                                                      [ ص: 150 ] وهذه الطريقة أطبق عليها الفقهاء ، أعني الجمع المستقل بنفسه من غير إقامة دليل ، وعزوا ذلك إلى تعارض القراءتين ، كقراءة " أرجلكم " بالنصب والخفض ، فحملوا إحداهما على مسح الخف والأخرى على غسل الرجلين ، وحمل بعضهم قوله " يطهرن " و " يطهرن " إحداهما على ما دون العشرة ، والأخرى على العشرة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية