الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4886 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 35 جـ 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه قال اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن البراء) بن عازب، رضي الله عنهما، (أن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم، كان إذا أخذ مضجعه، قال: اللهم ! باسمك أحيى، وباسمك أموت) .

                                                                                                                              [ ص: 611 ] قيل: معناه: بذكر اسمك المحيي: أحيى ما حييت. وعلى اسمك المميت: أموت. إذ معاني أسماء الله الحسنى: ثابتة له تعالى.

                                                                                                                              فكل ما ظهر في الوجود، فهو صادر عن تلك المقتضيات.

                                                                                                                              وقيل: معناه: أنت تحييني، وأنت تميتني. والاسم هنا: "هو المسمى". قال القرطبي : فهو كقوله تعالى: "سبح اسم ربك الأعلى أي: سبح ربك. انتهى.

                                                                                                                              والمعنى: نزه تسمية ربك، بأن تذكره وأنت له معظم. ولذكره محترم. فالاسم يكون بمعنى: التسمية.

                                                                                                                              وقال الإمام: كما يجب تنزيه ذاته وصفاته عن النقائص: يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة: عن الرفث، وسوء الأدب. انتهى.

                                                                                                                              وبهذا: عرفت قبح صنع الشعراء، في مدحه عز وجل، ونعته صلى الله عليه وآله وسلم: باستعمال الألفاظ، التي استعملت في المعاشيق، وفي حق العشاق. فإنها إساءة أدب، وأي إساءة ! وفي من هذه الإساءة؟ ولا تتبعها. ولا يتبعها إلا الغاوون ، { ألم تر أنهم في كل واد يهيمون } . { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا } .

                                                                                                                              (وإذا استيقظ، قال: الحمد لله، الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وإليه النشور) .

                                                                                                                              المراد بـ "أماتنا": "النوم". لأن النوم أخ الموت.

                                                                                                                              [ ص: 612 ] قال "ابن الأثير": سمي النوم موتا -: لأنه يزول معه: العقل، والحركة -: تمثيلا، وتشبيها. انتهى.

                                                                                                                              قال الله تعالى: { الله يتوفى الأنفس حين موتها } ، أي: يسلب ما هي به: حية، حساسة، دراكة. { والتي لم تمت في منامها } أي: يتوفاها حين تنام. تشبيها للنائمين بالموتى، حيث لا يميزون ولا يتصرفون. كما أن الموتى كذلك.

                                                                                                                              وقيل: هي أنفس التمييز. فالتي تتوفى في المنام: هي نفس التمييز، لا نفس الحياة. لأن نفس الحياة، إذا زالت: زال معها النفس. والنائم يتنفس.

                                                                                                                              ولكل إنسان نفسان؛ نفس الحياة، التي تفارقه عند الموت. والأخرى: نفس التمييز، التي تفارقه إذا نام.

                                                                                                                              وعن ابن عباس، رضي الله عنهما: "في بني آدم: نفس، وروح، بينهما مثل شعاع الشمس. فالنفس: التي بها العقل، والتمييز. والروح: التي بها النفس والتحرك. فإذا نام الإنسان: قبض الله نفسه، ولم يقبض روحه".

                                                                                                                              (وأما "النشور) : فهو الإحياء للبعث، يوم القيامة. فنبه "صلى الله [ ص: 613 ] عليه وآله وسلم"، بإعادة اليقظة - بعد النوم الذي هو كالموت -: على إثبات البعث، بعد الموت.

                                                                                                                              قال العلماء: "وحكمة الدعاء، عند إرادة النوم": أن يكون خاتمة أعماله كما سبق. "وحكمته، إذا أصبح": أن يكون أول عمله: بذكر التوحيد، والكلم الطيب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية