الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ويجوز وقف العقار ) لأن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهموقفوه ( ولا يجوز وقف ما ينقل ويحول ) . [ ص: 408 ] قال رضي الله عنه : وهذا على الإرسال قول أبي حنيفة رحمه الله ( وقال أبو يوسف إذا وقف ضيعة ببقرها وأكرتها وهم عبيده جاز ) وكذا سائر آلات الحراثة لأنه تبع للأرض في تحصيل ما هو المقصود ، وقد يثبت من الحكم تبعا ما لا يثبت مقصودا كالشرب في البيع والبناء في الوقف . ومحمد رحمه الله معه فيه لأنه لما جاز إفراد بعض المنقول بالوقف عنده فلأن يجوز الوقف فيه تبعا أولى .

                                                                                                        [ ص: 407 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 407 ] قوله : ويجوز وقف العقار ، لأن جماعة من الصحابة وقفوه ; قلت : أخرج الحاكم في " المستدرك في كتاب الفضائل " عن الواقدي حدثني عثمان بن هنيد بن عبد الله بن عثمان بن الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي أخبرني أبي عن يحيى بن عثمان بن الأرقم حدثني عثمان بن الأرقم المخزومي أنه كان يقول : أنا ابن سبع الإسلام ، أسلم أبي سابع سبعة ، وكانت داره على الصفا ، وهي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في الإسلام ، وفيها دعا الناس إلى الإسلام ، فأسلم فيها خلق كثير : منهم عمر بن الخطاب ، فسميت دار الإسلام ، وتصدق بها الأرقم على ولده ، فقرأت نسخة صدقته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا ، أنها صدقة بمكانها من الحرم ، لا تباع ، ولا تورث ، شهد هشام بن العاص بذلك ، وفلان مولى هشام بن العاص ، قال : [ ص: 408 ] فلم تزل هذه الدار صدقة قائمة فيها ولده ، يسكنون ، ويؤاجرون ، ويأخذون عليها ، مختصر . وسكت عنه .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى الطبراني في " معجمه " من حديث بشير السلمي ، قال : { لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء ، وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها : رومة ، وكان يبيع منها القربة بمد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعنيها بعين في الجنة ، فقال : يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها ، لا أستطيع ذلك ، فبلغ ذلك عثمان بن عفان ، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم : فقال يا رسول الله أتجعل لي مثل الذي جعلته له عينا في الجنة إن اشتريتها ؟ قال : نعم ، قال : قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى إبراهيم الحربي في كتابه " غريب الحديث " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام وقف دارا له على المردودة من بناته انتهى .

                                                                                                        وقال : المردودة هي المطلقة ، والفاقد التي مات زوجها ; وفي الباب ما أخرجه البخاري { عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت الحارث ، قال : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ، ولا درهما ، ولا عبدا ، ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة }انتهى . وفي " الخلافيات " للبيهقي ، قال أبو بكر عبد الله بن [ ص: 409 ] الزبير الحميدي : تصدق أبو بكر بداره بمكة على ولده ، فهي إلى اليوم ، وتصدق عمر بربعه عند المروة ، وبالثنية على ولده ، فهي إلى اليوم ، وتصدق علي بأرضه ، وداره بمصر ، وبأمواله بالمدينة على ولده ، فذلك إلى اليوم ، وتصدق سعد بن أبي وقاص بداره بالمدينة ، وبداره بمصر على ولده ، فذلك إلى اليوم ، وعثمان برومة ، فهي إلى اليوم ، وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف ، وداره بمكة ، والمدينة على ولده ، فذلك إلى اليوم ، قال : وما لا يحضرني كثير انتهى . .




                                                                                                        الخدمات العلمية