[ ص: 87 ] الباب السادس 
في العمومات ، وفيه سبعة فصول 
الفصل الأول : أدوات العموم  ، وهي نحو عشرين صيغة قال الإمام : وهي إما أن تكون موضوعة للعموم بذاتها نحو كل ، أو بلفظ يضاف إليها كالنفي ولام التعريف والإضافة ، وفيه نظر ، فمنها : كل ، وجميع ، ومن ، وما ، والمعرف باللام جمعا ومفردا ، والذي ، والتي ، وتثنيتهما ، وجمعهما ، وأي ، ومتى في الزمان ، وأين وحيث في المكان ، قاله  عبد الوهاب  ، واسم الجنس إذا أضيف ، والنكرة في سياق النفي ، فهذه عندنا للعموم ، واختلف في الفعل في سياق النفي نحو قوله : والله لا آكل ، فعند   الشافعي  هو للعموم في المواكيل ، وله تخصيصه بنيته في بعضها ، وهذا هو الظاهر من مذهبنا ، وقال  أبو حنيفة  لا يصح لأن الفعل يدل على المصدر ، وهو لا واحد ، ولا كثير ، فلا تعميم ، ولا تخصيص ، واتفق الإمامان على قوله لا أكلت أكلا أنه عام يصح تخصيصه ، وعلى عدم تخصيص الأول ببعض الأزمنة ، أو البقاع . لنا : إن كان عاما صح التخصيص ، وإلا فمطلق يصح تقييده ببعض حاله ، وهو المطلوب ، وقال   الشافعي  رحمه الله : ترك الاستفصال في حكايات الأحوال يقوم مقام العموم في المقال نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -  لابن غيلان  حين أسلم على عشر نسوة : أمسك أربعا ، وفارق سائرهن من غير كشف عن تقدم عقودهن ، أو تأخرها ، أو اتحادها ، أو تعددها . وخطاب المشافهة لا يتناول من يحدث بعد إلا بدليل ، وقول الصحابي نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ، أو قضى بالشفعة ، أو حكم بالشاهد واليمين ، قال  الإمام فخر الدين  رحمه الله تعالى : لا عموم له لأن الحجة في المحكي لا في   [ ص: 88 ] الحكاية . وكذلك قوله كان يفعل كذا ، وقيل يفيده عرفا . وقال   القاضي عبد الوهاب  إن سائر ليست للعموم ، فإن معناها باقي الشيء لا جملته ، وقال صاحب الصحاح وغيره من الأدباء : إنها بمعنى جملة الشيء ، وهي مأخوذة من سور المدينة المحيط لا من السؤر الذي هو البقية فعلى هذا تكون للعموم . والأول عليه الجمهور والاستعمال ، وقال  الجبائي     : الجمع المنكر للعموم خلافا للجميع في حملهم له على أقل الجمع ، والعطف على العام لا يقتضي العموم نحو قوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء    ) ، ثم قال تعالى : ( وبعولتهن أحق بردهن    ) ، فهذا الضمير لا يلزم أن يكون عاما في جملة ما تقدم لأن العطف مقتضاه التشريك في الحكم الذي سبق الكلام لأجله فقط ، وقال   الغزالي     : المفهوم لا عموم له . قال الإمام : إن عنى أنه لا يسمى عاما لفظا ، فقريب ، وإن عنى أنه لا يفيد عموم انتفاء الحكم ، فدليل كون المفهوم حجة بنفيه ، وخالف  القاضي أبو بكر  في جميع هذه الصيغ ، وقال بالوقف مع الواقفية  ، وقال أكثر الواقفية  إن الصيغ مشتركة بين العموم والخصوص ، وقيل تحمل على أقل الجمع ، وخالف  أبو هاشم  مع الواقفية  في المجمع المعرف باللام ، وخالف  الإمام فخر الدين  مع الواقفية  في الفرد المعرف باللام . 
لنا : أن العموم هو المتبادر ، فيكون مسمى اللفظ كسائر الألفاظ ، ولصحة الاستثناء في كل فرد ، وما صح استثناؤه وجب اندراجه . 
تنبيه : النكرة في سياق النفي  يستثنى منها صورتان إحداهما لا رجل في الدار بالرفع ، فإن المنقول عن العلماء أنها لا تعم ، وهي تبطل على الحقيقة ما ادعوه من أن النكرة عمت لضرورة نفي المشترك ، وعند غيرهم عمت لأنها موضوعة لغة لإثبات السلب لكل واحد من أفرادها ، وثانيتهما سلب الحكم عن العمومات   [ ص: 89 ] نحو ليس كل بيع حلالا ، فإنه وإن كان نكرة في سياق النفي فإنه لا يعم لأنه سلب للحكم عن العموم لا حكم بالسلب على العموم . 
فائدة : النكرة في سياق النفي تعم سواء دخل النفي عليها نحو لا رجل في الدار ، أو دخل على ما هو متعلق بها نحو ما جاءني أحد . 
				
						
						
