الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الكلام في كيفية التراجع فذلك ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون الساعي قد أخذ قدر الواجب من غير زيادة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون قد أخذ زيادة على الواجب ، فإن كان قد أخذ الواجب فذلك ضربان أيضا :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون قد أخذ غير الواجب من غير أن يعدل في القيمة ، فللمأخوذ منه أن يرجع على خليطه بقيمة حصته من الزكاة ، كأن بينهما أربعون شاة أخذ الساعي زكاتها شاة من مال أحدهما ، فله أن يرجع على شريكه بقيمة نصفها ، فإن اختلفا في القيمة ولا بينة ، فالقول قول الخليط الغارم مع يمينه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الساعي قد أخذ منه قيمة الواجب دراهم أو دنانير ، كالحنفي الذي يرى أخذ القيم في الزكاة ، ففيه وجهان : أحدهما وهو قول أبي إسحاق المروزي : إن ذلك غير مجزئ وليس للمأخوذ منه أن يرجع على خليطه بشيء ؛ لأن أخذ القيم في الزكوات لا يجوز عندالشافعي .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، وقد نص عليه الشافعي في كتاب " الأم " أن ذلك مجزئ ، وله أن يرجع على خليطه بحصته من القيمة ؛ لأن ذلك حكم من الساعي يسوغ في الاجتهاد فلم يجز نقضه ، هذا كله إذا أخذ منه قدر الواجب من غير زيادة ، فأما إذا أخذ منه زيادة على الواجب فذلك على ضربين .

                                                                                                                                            أحدهما : أن يأخذ الزيادة متأولا ، كالمالكي الذي يرى أخذ الكبار من الصغار ، فهذا يرجع عليه بقيمة حصته مما أخذ مع الزيادة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يأخذ الزيادة غير متأول ، كأخذ الربا والماخض والأكولة ، وما أجمع على أن دفعه لا يلزم ، فهذا يرجع على خليطه بقيمة الواجب من غير زيادة ، لأنه مظلوم بالزيادة فلم يكن له أن يرجع بها على غير من ظلمه ، فهذا الكلام في خلطة الأوصاف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية