الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو وجبت عليهما شاة وعدتهما سواء فظلم الساعي ، وأخذ من غنم أحدهما عن غنمه وغنم الآخر شاة ربي ، فأراد المأخوذ منه الشاة الرجوع على خليطه بنصف قيمة ما أخذ عن غنمهما لم يكن له أن يرجع عليه إلا بقيمة نصف ما وجب عليه ، إن كانت جذعة أو ثنية لأن الزيادة ظلم ( قال ) : ولو كانت " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملة الخلطة ضربان : خلطة أوصاف ، وخلطة أعيان ، فأما خلطة الأوصاف مع تعيين المالين فالكلام فيها في فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : في كيفية الأخذ .

                                                                                                                                            والثاني : في كيفية التراجع ، فأما كيفية أخذ الساعي الزكاة من مالهما فلا يخلو حال المال من أحد أمرين : إما أن يمكن أخذ الزكاة من المالين ، أو لا يمكن أخذها إلا من أحد المالين ، فإن لم يمكن أخذها إلا من أحد المالين ، كمائة وعشرين شاة بين خليطين ، فللساعي أن يأخذ الشاة الواجبة عليهما من أي المالين شاء ؛ لأن أخذها من المالين متعذر ، وإن أمكن أخذ الزكاة من المالين ، كمائتين بين خليطين لكل واحد منهما مائة فعليهما شاتان ، يلزم كل واحد منهما شاة ، أو يكون بينهما أربعمائة يكون لكل واحد منهما مائتان ، فعلى كل واحد منهما شاتان ، ففيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أن على الساعي أن يأخذ زكاة كل واحد منهما من حصته ، وليس له أن يأخذ زكاة جميعها من مال أحدهما ، لم يكن له الرجوع بها على خليطه ، لأنه مظلوم بها .

                                                                                                                                            [ ص: 145 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبى هريرة : أن للساعي أن يأخذها من مالهما ، وله أن يأخذها من مال أحدهما ويرجع المأخوذ منه على خليطه بقدر حصته ؛ لعموم قوله " ويتراجعان بينهما بالسوية " فهذا الكلام في كيفية الأخذ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية