الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما خلطة الأوصاف فتعتبر فيها الشروط الخمسة المعتبرة في الانفراد وخلطة الأعيان ، ثم تختص بست شرائط أخرى تعتبر في خلطة الأوصاف لا غير .

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون المراح الذي تأوي إليه واحدا .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون المسرح الذي ترعى فيه واحدا .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون السقي الذي تشرب فيه من نهر أو بئر أو حوض واحدا .

                                                                                                                                            والرابع : أن تكون الفحول التي تطرقها واحدة .

                                                                                                                                            والخامس : نقله المزني ولم يروه الربيع : أن يكون حلابهما واحدا ، فاختلف أصحابنا في نقل المزني هذا الشرط على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه غلط من المزني في نقله ، وليس ذلك شرطا معتبرا بحال ؛ لأن غيره لم يروه عن الشافعي .

                                                                                                                                            [ ص: 141 ] والوجه الثاني : أن نقله صحيح ، وقد ساعده حرملة ، فروى عن الشافعي مثله . فعلى هذا في كيفية هذا الشرط ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون موضع حلابهما واحدا .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون الحالب واحدا .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون إناء الحلب واحدا ، ولا يكون اختلاط اللبنين ربا ، كما يخلط المسافرون أزوادهم ، إذا اجتمعوا للأكل ولا يكون ربا ، والتأويل الأول أصح وهو أن معناه : أن يكون موضع الحلاب واحدا ، وقد نص عليه الشافعي في " الإملاء " فقال : وأن تحلب في مكان واحد فإن تفرقا في مكان الحلاب قبل الحول زكياه زكاة الاثنين ، فقد أفصح بصواب هذا التأويل ، وصحة نقل المزني .

                                                                                                                                            والشرط السادس : مختلف فيه وهو نية الخلطة ، فأحد الوجهين : أنها معتبرة لا تصح الخلطة إلا بها ؛ لأن للخلطة تأثيرا في الزكاة فافتقرت إلى قصد كالسوم ، فعلى هذا إن خلط الرعاة المواشي بغير أمر أرباب الأموال لم يثبت حكم الخلطة . والوجه الثاني : أن النية بعضها ونبه على باقيها ، فلو انخرم شرط منها بطل حكم الخلطة وزكياه زكاة غير معتبرة في الخلطة لأنه لما سقط اعتبارها في خلطة الاعتبار سقط اعتبارها في خلطة الأوصاف ، فعلى هذا لو خلط الرعاة المواشي بغير أمر أرباب الأموال على الشرائط المعتبرة ثبت حكم الخلطة ، فهذه ست شرائط تختص بخلطة الأوصاف ، أربعة منها متفق عليها ، وهي المراح والمسرح والسقي والفحول ، وشرطان مختلف فيهما وهما الحلاب والنية .

                                                                                                                                            وأصل هذه الشرائط قوله صلى الله عليه وسلم " والخليطان ما اختلطا في الرعي والسقي والفحول " فنص على الانفراد ، فعلى هذا لو كان أحد الخليطين عبدا أو مكاتبا أو كاتبا زكى الحر المسلم زكاة المنفرد ، ولو افترقا في مراح أو مسرح أو سقي أو فحول زكيا زكاة المنفرد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية