مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كان بين رجلين أربعون شاة ولأحدهما ببلد آخر أربعون شاة أخذ المصدق من الشريكين شاة ، ثلاثة أرباعها عن صاحب الأربعين الغائبة وربعها عن الذي له عشرون لأني أضم مال كل رجل إلى ماله " .
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في ، ففي قدر الزكاة لأصحابنا أربعة مذاهب . أربعين شاة بين رجلين ، ولأحدهما ببلد آخر أربعون شاة مفردة
أحدها : وهو نص الشافعي وبه قال أبو إسحاق وجمهور أصحابنا أن عليهما شاة ثلاثة أرباعها عن صاحب الستين ، وربعها عن صاحب العشرين ؛ لأن ملك الرجل يجب ضم بعضه إلى بعض وإن افترق ، فإذا ضمت الغائبة إلى الحاضرة صار كأنه خليط بجميعه وذلك ستون شاة من جملة ثمانين شاة ، وهذا أصح المذاهب .
والمذهب الثاني : وبه قال أبو علي بن أبي هريرة أن على صاحب العشرين نصف شاة ، لأنها من جملة أربعين وعلى صاحب الستين شاة كما لو انفردت ، قال : لأنه لو كانت الخلطة ببعض المال خلطة بجميعه لوجب إذا كان بينهما ثلاثون شاة ، ولأحدهما ببلد آخر عشر أن تضم إلى الثلاثين ليكمل النصاب وتؤخذ منه الزكاة ، وفي إجماعهم على أن لا زكاة في هذا المال ، دليل على أن الخلطة ببعض المال لا تكون خلطة بجميعه ، وأن ما انفرد من مال الخلطة له حكم نفسه .
والمذهب الثالث : أن على صاحب العشرين نصف شاة ، وعلى صاحب الستين شاة إلا نصف سدس شاة ، لأنه إنما يرتفق بالخلطة فيما هو خليط به دون غيره ، يزكي عن المنفرد زكاة المنفرد ، وعن المختلط زكاة الخلطة ، فيقال لو كان منفردا بجميع ماله وهو ستون لكان عليه شاة ، فيكون عليه في الأربعين ثلثا شاة ، لأنها ثلثا الستين ، ولو كان خليطا بجميع ماله لكان عليه ثلاثة أرباع شاة ، لأنها ستون من جملة ثمانين ، فيكون عليه في العشرين التي هو خليط بها ربع شاة ، لأنها ربع الثمانين ثم يجمع الثلثين الواجبين في الأربعين إلى الربع الواجب في العشرين ، فيكون خمسة أسداس ونصف .
[ ص: 151 ] والمذهب الرابع : أن على صاحب العشرين نصف شاة ، وعلى صاحب الستين ثلاثة أرباع شاة ، ليرتفق صاحب الستين بضم ماله الغائب إلى الحاضر ، إذ لا يجوز تفريقه ، ولا يرتفق صاحب العشرين إلا بمال الخلطة دون ما انفرد .