الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فلا يحل له قبل الاستبراء التلذذ بمباشرتها ولا نظر بشهوة إليها وقد تكون أم ولد لغيره "

                                                                                                                                            . قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا وجب استبراء الأمة على من استحدث ملكها حرم عليه في مدة الاستبراء وطؤها ؛ لأن الاستبراء هو اعتزال الوطء سواء ملكها عن شراء أو سبي ، فأما الاستمتاع بما عدا الوطء من القبلة والملامسة والتلذذ بما دون الفرج فمعتبر بحال الحمل إن ظهر بها هل تصير به أم ولد لمن كان مالكها ، فإن كانت تصير به أم ولد له : لأنها مشتراة من مالك كانت له فراشا أو موروثة عنه أو مستوهبة منه حرم عليه التلذذ بمباشرتها ، والنظرة إليها بشهوة كما يحرم عليه وطؤها لجواز أن تكون أم ولد لغيره ، وإن كانت لا تصير له أم ولد كالمسبية والحامل من زنا ففي تحريم التلذذ بمباشرتها وما دون الفرج منها وجهان : أحدهما : يحرم تبعا للوطء كالمشتراة من ذي فراش . والوجه الثاني : لا تحرم ؛ لأن المشتراة تصير بالحمل أم ولد لغيره محرمة عليه بعد الولادة فحرمت قبلها ، والمسبية والزانية لا تصير بحملها أم ولد لغيره ، ولا تحرم عليه بعد الولادة ، وإنما يستبرئها في حق نفسه لئلا يختلط بمائه ماء غيره ، فإذا اجتنب الوطء حل له ما عداه ، وقد روي عن ابن عمر أنه قال : وقع في سهمي جارية من سبي جلولاء فرأيت لها عنقا كإبريق الفضة فما تمالكت أن قبلتها ، ولو كان ذلك محرما لامتنع منه ولأنكره الناس عليه ، وهكذا إذا وطئت زوجة بشبهة ، ولزمها الاعتداد من وطئه حرم على زوجها وطؤها في عدة الشبهة ، وفي تحريم التلذذ بما دون الوطء [ ص: 351 ] وجهان ؛ لأن المقصود بالعدة حذرا من اختلاط المائين ، وهي بعد العدة حلال للزوج فأشبهت المسبية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية