مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن تقيأ عامدا أفطر ، وإن ذرعه القيء لم يفطر ، واحتج في القيء بابن عمر رضي الله عنهما ( قال المزني ) وقد رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال المزني ) أقرب ما يحضرني للشافعي فيما يجري به الريق أنه لا يفطر ما غلب الناس من الغبار في الطريق ، وغربلة الدقيق وهدم الرجل الدار ، وما يتطاير من ذلك في العيون والأنوف والأفواه ، وما كان من ذلك يصل إلى الحلق حين يفتحه فتدخل فيه ، فتشبه ما قال الشافعي من قلة ما يجري به الريق ( قال ) وحدثني إبراهيم قال سمعت الربيع أخبر عن الشافعي قال الذي أحب أن يفطر يوم الشك أن لا يكون صوما كان يصومه ، ويحتمل مذهب ابن عمر أن يكون متطوعا قبله ويحتمل خلافه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال القيء عندنا كالأكل سواء إن استقاء عامدا أفطر ولزمه القضاء وإن ذرعه القيء وغلبه لم يفطر .
وحكي عن ابن عباس وابن مسعود أن القيء لا يفطر بحال تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم " ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام " . وحكي عن عطاء وأبي ثور : أن القيء يفطر بكل حال ، ويوجب القضاء والكفارة .
والدلالة على صحة ما قلناه ، وإبطال ما عداه : رواية ابن سيرين عن أبي هريرة أن [ ص: 420 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من استقاء عامدا فعليه القضاء ، ومن ذرعه القيء قلا قضاء " وروى نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من استقاء عامدا أفطر ومن ذرعه القيء لم يفطر " وروى معدان بن طلحة عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر فإن قيل : إنما يكون الفطر بما يدخل الجوف لا بما يخرج منه ، قلنا : قد يكون الفطر بالأمرين معا ، ألا ترى أن من قبل أو لمس فأنزل أفطر ، وإن كان المني خارجا منه ، على أنه لا بد من عود بعض القيء إلى جوفه ، وأما قوله " ثلاث لا يفطرن الصائم " فمحمول عليه إذا ذرعه القيء بدليل ما ذكرناه فأما خبرنا ففيه دلائل :
أحدها : منها أن الأكل عامدا يلزمه القضاء ولا كفارة ؛ لأنه كالمتقيئ عامدا .
ومنها أن الأكل ناسيا لا قضاء عليه ، ولا كفارة .
ومنها أن المكره على الإفطار لا قضاء عليه لأنها في معنى من غلبه القيء .


