مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : "  ومن كان عليه الصوم من شهر رمضان لمرض أو سفر ، فلم يقضه وهو يقدر عليه حتى دخل عليه شهر رمضان آخر   ، كان عليه أن يصوم الشهر ثم يقضي من بعده الذي عليه ، ويكفر لكل يوم مدا لمسكين بمد النبي صلى الله عليه وسلم " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال إذا أفطر أياما من شهر رمضان لعذر أو غيره ، فالأولى به  
أن يبادر بالقضاء وذلك موسع له ما لم يدخل رمضان ثان ، فإن دخل عليه شهر رمضان ثان صامه عن الفرض ، لا عن القضاء فإذا أكمل صومه قضى ما عليه ثم ينظر في حاله ، فإن كان أخر القضاء لعذر دام به من مرض أو سفر ، فلا كفارة عليه ، وإن أخره غير معذور فعليه مع القضاء الكفارة عن كل يوم بمد من طعام ، وهو إجماع الصحابة ، وبه قال  مالك   وأحمد   وإسحاق   والأوزاعي   والثوري   وقال  أبو حنيفة      : لا كفارة عليه لقوله تعالى : (  فعدة من أيام أخر      ) [ البقرة : 185 ] وفي إيجاب الفدية زيادة في النص ، وذلك نسخ . قال : ولأنه صوم واجب فوجب أن لا يلزم بتأخيره الكفارة ، كالنذر وصوم المتمتع ، ولأنها عبادة واجبة ، فوجب أن لا يلزم بتأخيره الكفارة كالصلاة ، ودليلنا قوله تعالى :  وعلى الذين يطيقونه فدية    [ ص: 452 ]    [ البقرة : 184 ] فكان هذا عاما في كل مطيق إلا ما قام دليله ، وروى  مجاهد   عن  أبي هريرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  من أفطر رمضان بمرض ثم صح ، فلم يقض حتى أدركه رمضان آخر فليصم ما أدركه ، ثم ليقض الذي فاته وليطعم عن كل يوم مسكينا "  ولأنها عبادة تجب الكفارة بإفسادها الكفارة ، فجاز أن تجب بتأخيرها الكفارة كالحج تجب الكفارة بإفساده وتجب بفوات  عرفة   هذا مع إجماع ستة من الصحابة لا يعرف لهم خلاف ، فأما قوله تعالى :  فعدة من أيام أخر      [ البقرة : 185 ] فلا دليل فيه ؛ لأن الفدية لم تجب بالفطر ، وإنما وجبت بالتأخير ، وأما قياسهم على صوم النذر والتمتع ، فيفسد بصوم رمضان إذا أخره بأكل أو جماع على أن المعنى فيه ، أن الكفارة لا تجب بإفساد شيء من جنسه ، وكذا الجواب عن قياسهم على الصلاة ،  فلو أخر القضاء أعواما   ، لم تلزمه إلا فدية واحدة ، في أصح الوجهين وفي الوجه الثاني ، عليه بكل عام فدية .  
				
						
						
