مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " ولا أكره في الصوم  السواك   بالعود الرطب وغيره وأكرهه بالعشي لما أحب من خلوف فم الصائم " .  
قال  الماوردي      : وهذا كما قال .  
يكره للصائم أن يستاك عشيا من زوال الشمس إلى غروبها ، ولم يحدده  الشافعي    [ ص: 467 ] بالزوال وإنما ذكر العشي فحده أصحابنا بالزوال ، فأما السواك غدوة إلى قبل الزوال فجائز ، وحكي عن مالك   وأبي حنيفة   جوازه قبل الزوال وبعده ؛ تعلقا بما روي عن  عامر بن ربيعة   أنه قال :  رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم .  
وروي عن  عائشة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  خير خصال الصائم السواك     " وروي  عن  أنس بن مالك   أنه سئل عن الصائم هل يجوز له أن يستاك بالغداة والعشي ؟ فقال : نعم . شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم     . ولأن ما يستحب فعله للصائم قبل الزوال يستحب له فعله بعد الزوال كالمضمضة والاستنشاق ، والدلالة على كراهته عشيا ما روي عن  أبي هريرة   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  يقول الله تعالى كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك     " وما هذه صفته يجب أن يكون مستحبا ، وما كان مستحبا فإزالته مكروهة ، وخلوف الصوم يكون عشيا ، فأما غدوة فعن نوم ، وروي عن  خباب بن الأرت   أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "  إذا صام أحدكم فليستك بالغداة ولا يستك بالعشي ، فما من صائم تيبس شفتاه إلا كان ذلك نورا بين عينيه يوم القيامة     " ولأنها عبادة تعلقت بالفم فجاز أن يكون للصوم تأثير في منعها كالمبالغة في المضمضة والاستنشاق ولأنها رائحة تولدت من عبادة ، فجاز أن يكره قطعها ، أصله غسل دم الشهيد ، فأما خبر  عامر بن ربيعة   وعائشة  فمحمول على ما قبل الزوال بدليل ما روينا ، وأما حديث  أنس   فغير ثابت على أنه يحمل على الجواز وإخبارنا على الكراهة على أن خبرنا أولى ؛ لأنه يقتضي الحظر مع ما فيه من التعليل ، وأما قياسهم على المضمضة فالمعنى فيها أنها لا تزيل الخلوف ، ولا تقطع بها الرائحة .  
				
						
						
