" وأدوات الشرط ستة " .
كذا وقع بخط المصنف رحمه الله : ستة ، بالهاء ، والوجه : ست بحذفها ، ويمكن تخريجه على الحمل على المعنى ، على تأويل الأدوات بالألفاظ جمع لفظ ، واللفظ مذكر ، ونظير ذلك قول الشاعر :
ثلاثة أنفس وثلاث ذود لقد جار الزمان على عيالي
.
" والنفس : مؤنثة ، لكنها أريد بها الإنسان
[ ص: 339 ] " .
" إن ، وإذا ، ومتى ، ومن ، وأي ، وكلما " .
" إن " : المكسورة المخففة الرابطة بين جملتي الشرط والجواب ، موضوعة للشرط ، وهو ربط الجزاء بالشرط ، فيوجد بوجوده ، ويعدم بعدمه من جهته ، فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=27330قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، دار الطلاق بدخول الدار مع دخولها وجودا ، وعدما . ثم تضمنت معناها أسماء ، فربطت كربطها ، وهي المذكورة ، فمنها " إذا " : وهي : ظرف لما يستقبل من الزمان غالبا ، متضمنة معنى الشرط غالبا ، فإذا قال : إذا قمت فأنت طالق ، كان ذلك شائعا في الزمن المستقبل ، متى حصل قيامها فيه ، طلقت . ومنها " متى " وهي ظرف زمان ، متضمن معنى الشرط ، شائع في الزمن المستقبل ، فأي زمن وجد فيه الشرط ، يعقبه جزاؤه ، ومنها " من " وهو اسم متضمن معنى الشرط ، موضوع لمن يعقل ، شائع فيه ، فإذا قال : من دخلت الدار فهي طالق ، أو فهي حرة ، كان شائعا في نسائه ، وإمائه ، ومنها " أي " وهو اسم متضمن معنى الشرط ، شائع فيما يضاف إليه كائنا ما كان ، كقوله : أي امرأة قامت فهي طالق ، وأي مكان جلست فيه فأنت طالق ، وأي زمان حللت فيه فأنت طالق ، ونحو ذلك ، ومنها " كلما " ف " كل " : اسم موضوع للعموم ، مقتض للتكرار كما ذكر . و " ما " ظرفية ، أي : كل وقت فعلت كذا فأنت طالق ، فإن حذفت منها " ما " : عمت بحسب ما تضاف إليه ، كقولك : كل امرأة تقوم فهي طالق ، فهو شائع في النساء ، وكل يوم أو موضع جلست فيه ، فأنت طالق ، ونحو ذلك .
" وكلها على التراخي " .
إذا تجردت عن " لم " فإن اتصل بها " لم " صارت على الفور ، إلا أنه إذا علق الطلاق بغير " إن " و " إذا " بإيجاد فعل ، كان على التراخي ، لأنه معلق بذلك لا يوجد قبله ، وإذا علق بالنفي ، كان على الفور ، لأنه إذا مضى عقيب اليمين أي زمن كان لم يوجد فيه الفعل ، فقد وجدت الصفة . وأما " إن " فلا
[ ص: 340 ] تقتضي وقتا أصلا ، إلا من جهة لزوم الفعل وقتا يقع فيه ، فهي مطلقة في الزمن كله ، وأما " إذا " ففيها وجهان : الفور ، والتراخي ، بناء على الشرط كـ " إن " ، والظرفية ، كـ " متى " .
" وإن قال العامي " .
العامي : منسوب إلى العامة الذين هم خلاف الخاصة ، لأن العامة لا تعرف العلم ، وإنما يعرفه الخاصة ، فكل واحد عامي بالنسبة إلى ما لم يحصل علمه ، وإن حصل علما سواه .
" الجزاء " .
أي : الجواب ، فجواب الشرط يسمى جوابا وجزاء .
" بمقتضاه " .
أي : بمطلوبه .
" فضرائرها طوالق " .
جمع : ضرة ؛ سميت به ، لما بينهما من المضارة .
" بالعكس " .
مصدر عكس الشيء : رد آخره على أوله ، فالعكس هنا : عدم وقوع الطلاق بوجود الحمل ، وكان يقع الطلاق بوجود الحمل .
" ولغا ما زاد " .
أي : سقط ما زاد .
" بالمشيئة " .
المشيئة : الإرادة . وأصلها : الهمز ، تقول : شاء الشيء يشاؤه مشيئة وشيئا ، ويجوز تليين همزته ، فتصير ياء ، ثم تدغم في الياء فتصير مشية بوزن : برية .
" من بشرتني " .
التبشير : الإخبار بما يظهر أثره على البشرة ، وهو ظاهر جلد الإنسان ، سواء كان خيرا أو شرا ، لكنه لا يستعمل في الشر إلا مقيدا به ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=138بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما [ النساء 138 ] وعند إطلاقه لا يكون إلا في الخير .
" بر " .
بفتح الباء ، أي : صدق . يبر بفتحها .
" وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ سِتَّةٌ " .
كَذَا وَقَعَ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ : سِتَّةٌ ، بِالْهَاءِ ، وَالْوَجْهُ : سِتٌّ بِحَذْفِهَا ، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى ، عَلَى تَأْوِيلِ الْأَدَوَاتِ بِالْأَلْفَاظِ جَمْعِ لَفْظٍ ، وَاللَّفْظُ مُذَكَّرٌ ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ وَثَلَاثُ ذَوْدٍ لَقَدْ جَارَ الزَّمَانُ عَلَى عِيَالِي
.
" وَالنَّفْسُ : مُؤَنَّثَةٌ ، لَكِنَّهَا أُرِيدَ بِهَا الْإِنْسَانُ
[ ص: 339 ] " .
" إِنْ ، وَإِذَا ، وَمَتَى ، وَمَنْ ، وَأَيٌّ ، وَكُلَّمَا " .
" إِنِ " : الْمَكْسُورَةُ الْمُخَفَّفَةُ الرَّابِطَةُ بَيْنَ جُمْلَتَيِ الشَّرْطِ وَالْجَوَابِ ، مَوْضُوعَةٌ لِلشَّرْطِ ، وَهُوَ رَبْطُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ ، فَيُوجَدُ بِوُجُودِهِ ، وَيَعْدَمُ بِعَدَمِهِ مِنْ جِهَتِهِ ، فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=27330قَالَ : إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، دَارَ الطَّلَاقُ بِدُخُولِ الدَّارِ مَعَ دُخُولِهَا وُجُودًا ، وَعَدَمًا . ثُمَّ تَضَمَّنَتْ مَعْنَاهَا أَسْمَاءٌ ، فَرَبَطَتْ كَرَبْطِهَا ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ ، فَمِنْهَا " إِذَا " : وَهِيَ : ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ غَالِبًا ، مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الشَّرْطِ غَالِبًا ، فَإِذَا قَالَ : إِذَا قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، كَانَ ذَلِكَ شَائِعًا فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ ، مَتَى حَصَلَ قِيَامُهَا فِيهِ ، طُلِّقَتْ . وَمِنْهَا " مَتَى " وَهِيَ ظَرْفُ زَمَانٍ ، مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ ، شَائِعٌ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ ، فَأَيُّ زَمَنٍ وُجِدَ فِيهِ الشَّرْطُ ، يَعْقُبُهُ جَزَاؤُهُ ، وَمِنْهَا " مَنْ " وَهُوَ اسْمٌ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ ، مَوْضُوعٌ لِمَنْ يَعْقِلُ ، شَائِعٌ فِيهِ ، فَإِذَا قَالَ : مَنْ دَخَلَتِ الدَّارَ فَهِيَ طَالِقٌ ، أَوْ فَهِيَ حُرَّةٌ ، كَانَ شَائِعًا فِي نِسَائِهِ ، وَإِمَائِهِ ، وَمِنْهَا " أَيُّ " وَهُوَ اسْمٌ مُتَضَمِّنٌ مَعْنَى الشَّرْطِ ، شَائِعٌ فِيمَا يُضَافُ إِلَيْهِ كَائِنًا مَا كَانَ ، كَقَوْلِهِ : أَيُّ امْرَأَةٍ قَامَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ، وَأَيَّ مَكَانٍ جَلَسْتِ فِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَأَيُّ زَمَانٍ حَلَلْتِ فِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَمِنْهَا " كُلَّمَا " فَ " كُلُّ " : اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِلْعُمُومِ ، مُقْتَضٍ لِلتَّكْرَارِ كَمَا ذُكِرَ . وَ " مَا " ظَرْفِيَّةٌ ، أَيْ : كُلَّ وَقْتٍ فَعَلْتِ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِنْ حُذِفَتْ مِنْهَا " مَا " : عَمَّتْ بِحَسَبِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ ، كَقَوْلِكَ : كُلُّ امْرَأَةٍ تَقُومُ فَهِيَ طَالِقٌ ، فَهُوَ شَائِعٌ فِي النِّسَاءِ ، وَكُلَّ يَوْمٍ أَوْ مَوْضِعٍ جَلَسْتِ فِيهِ ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
" وَكُلُّهَا عَلَى التَّرَاخِي " .
إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنْ " لَمْ " فَإِنِ اتَّصَلَ بِهَا " لَمْ " صَارَتْ عَلَى الْفَوْرِ ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا عُلِّقَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ " إِنْ " وَ " إِذَا " بِإِيجَادِ فِعْلٍ ، كَانَ عَلَى التَّرَاخِي ، لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِذَلِكَ لَا يُوجَدُ قَبْلَهُ ، وَإِذَا عُلِّقَ بِالنَّفْيِ ، كَانَ عَلَى الْفَوْرِ ، لِأَنَّهُ إِذَا مَضَى عَقِيبَ الْيَمِينِ أَيُّ زَمَنٍ كَانَ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْفِعْلُ ، فَقَدْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ . وَأَمَّا " إِنْ " فَلَا
[ ص: 340 ] تَقْتَضِي وَقْتًا أَصْلًا ، إِلَّا مِنْ جِهَةِ لُزُومِ الْفِعْلِ وَقْتًا يَقَعُ فِيهِ ، فَهِيَ مُطْلَقَةٌ فِي الزَّمَنِ كُلِّهِ ، وَأَمَّا " إِذَا " فَفِيهَا وَجْهَانِ : الْفَوْرُ ، وَالتَّرَاخِي ، بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِ كَـ " إِنْ " ، وَالظَّرْفِيَّةِ ، كَـ " مَتَى " .
" وَإِنْ قَالَ الْعَامِّيُّ " .
الْعَامِّيُّ : مَنْسُوبٌ إِلَى الْعَامَّةِ الَّذِينَ هُمْ خِلَافُ الْخَاصَّةِ ، لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا تَعْرِفُ الْعِلْمَ ، وَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ الْخَاصَّةُ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ عَامِّيٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَمْ يُحَصِّلْ عِلْمَهُ ، وَإِنْ حَصَّلَ عِلْمًا سِوَاهُ .
" الْجَزَاءَ " .
أَيِ : الْجَوَابَ ، فَجَوَابُ الشَّرْطِ يُسَمَّى جَوَابًا وَجَزَاءً .
" بِمُقْتَضَاهُ " .
أَيْ : بِمَطْلُوبِهِ .
" فَضَرَائِرُهَا طَوَالِقُ " .
جَمْعُ : ضَرَّةٍ ؛ سُمِّيَتْ بِهِ ، لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُضَارَّةِ .
" بِالْعَكْسِ " .
مَصْدَرُ عَكَسَ الشَّيْءَ : رَدَّ آخِرَهُ عَلَى أَوَّلِهِ ، فَالْعَكْسُ هُنَا : عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِوُجُودِ الْحَمْلِ ، وَكَانَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ الْحَمْلِ .
" وَلَغَا مَا زَادَ " .
أَيْ : سَقَطَ مَا زَادَ .
" بِالْمَشِيئَةِ " .
الْمَشِيئَةُ : الْإِرَادَةُ . وَأَصْلُهَا : الْهَمْزُ ، تَقُولُ : شَاءَ الشَّيْءَ يَشَاؤُهُ مَشِيئَةً وَشَيْئًا ، وَيَجُوزُ تَلْيِينُ هَمْزَتِهِ ، فَتَصِيرُ يَاءً ، ثُمَّ تُدْغَمُ فِي الْيَاءِ فَتَصِيرُ مَشِيَّةً بِوَزْنِ : بَرِيَّةٍ .
" مَنْ بَشَّرَتْنِي " .
التَّبْشِيرُ : الْإِخْبَارُ بِمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ عَلَى الْبَشَرَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ جِلْدِ الْإِنْسَانِ ، سَوَاءٌ كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا ، لَكِنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِّ إِلَّا مُقَيَّدًا بِهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=138بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [ النِّسَاءِ 138 ] وَعِنْدَ إِطْلَاقِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْخَيْرِ .
" بَرَّ " .
بِفَتْحِ الْبَاءِ ، أَيْ : صَدَقَ . يَبَرُّ بِفَتْحِهَا .