[ ص: 460 ] استدراك
سقط من الأصل الذي اعتمدناه أولا فصل يبحث في الألفاظ التي يكثر ذكرها في الكتاب ، وقد استدركناه من النسختين اللتين وصلتنا أخيرا ، وهذا هو :
فصل مما تكرر ذكره في الكتاب خمسة أشياء .
أحدها : الرواية مفردة ، ومثناة ، ومجموعة ، كقوله : على روايتين ، وفيه روايتان . فالرواية في الأصل : مصدر روى الحديث والشعر ونحوهما رواية : إذا حفظه وأخبر به ، وهي هاهنا مصدر مطلق على المفعول ، فهي رواية بمعنى : مروية ، وهي الحكم المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رضي الله عنه في المسألة ، وكذا هي في اصطلاح أصحاب
أبي حنيفة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، يعبرون عن ذلك بالقول ، فيقولون : فيها قول وقولان ، وأقوال
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي ، وكل ذلك اصطلاح لا حجر على الناس فيه ،
الثاني : الوجه مثنى ومجموعا ; فيقال : وجهان ، وعلى وجهين ، وثلاثة أوجه ، وهو في الأصل من كل شيء مستقبله ، ثم يستعمل في غير ذلك .
وفي اصطلاح الفقهاء : الحكم المنقول في المسألة لبعض أصحاب الإمام المجتهدين فيه ، ممن رآه فمن بعدهم ، جاريا على قواعد الإمام ، فيقال : وجه في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والإمام الشافعي ، أو نحوهما ، وربما كان مخالفا لقواعد الإمام إذا عضده الدليل .
الثالث : قوله بعد ذكر المسألة : " وعنه " فهو عبارة عن رواية عن الإمام ، والضمير فيه له ، وإن لم يتقدم له ذكر ; لكونه معلوما ، فهو كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه [ القدر : 1 ] والضمير للقرآن مع عدم ذكره لفظا ، " فعنه " جار ومجرور متعلق بمحذوف ، أي نقل ناقل عنه ، أو نقل أصحابه عنه ، وفعل ذلك المتأخرون اختصارا ، وإلا فالأصل أن يقال : نقل
عبد الله عن الإمام كذا ، أو نقل
صالح ، أو نقل
المروزي ، كما فعله
أبو الخطاب في " الهداية " ، وغيره من المتقدمين .
[ ص: 461 ] الرابع : التخريج ، فيقولون : يتخرج كذا ، وهو مطاوع خرج ، تقول : خرجه فتخرج ، كما تقول : علمه فتعلم ، وخرج متعدي خرج يخرج ، ضد دخل يدخل ، وهو في معنى الاحتمال ، وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فهم المعنى ، وكان المخرج والمحتمل مساويا لذلك المخرج منه في ذلك المعنى ، كما إذا أفتى في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين ، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى ، ما لم يفرق بينهما ، أو يقرب الزمن .
الخامس : الاحتمال ، وهو في الأصل مصدر : احتمل الشيء بمعنى : حمله ، وهو افتعال منه ، ومعناه : أن هذا الحكم المذكور قابل ومتهيئ لأن يقال فيه بخلافه ، كاحتمال قبول الشهادة بغير لفظ الشهادة ، نحو : أعلم ، أو أتحقق ، أو أجزم ; فإنه قابل للقول فيه بذلك ، والاحتمال في معنى الوجه ، لأن الوجه مجزوم بالفتيا به ، والاحتمال يبين أن ذلك صالح لكونه وجها . وكثير من الاحتمالات في المذهب ، بل أكثرها ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953للقاضي الإمام أبي يعلى محمد بن الفراء في كتابه " المجرد " وغيره ، ومما نكرر فيه قوله : ظاهر المذهب ، فالمذهب : مفعل ، من ذهب يذهب : إذا مضى ، مقصودا به المصدر ، أي : ظاهر ذهابه ، والألف واللام فيه للعهد ، لأن المراد بذلك مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، والظاهر البائن الذي ليس يخفى أنه المشهور في المذهب ، كنقض الوضوء بأكل لحم الجزور ، ولمس الذكر ، وعدم صحة الصلاة في الدار المغصوبة ، ولا يكاد يطلق إلا على ما فيه خلاف عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد .
[ ص: 460 ] اسْتِدْرَاكٌ
سَقَطَ مِنَ الْأَصْلِ الَّذِي اعْتَمَدْنَاهُ أَوَّلًا فَصْلٌ يَبْحَثُ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَكْثُرُ ذِكْرُهَا فِي الْكِتَابِ ، وَقَدِ اسْتَدْرَكْنَاهُ مِنَ النُّسْخَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَصَلَتْنَا أَخِيرًا ، وَهَذَا هُوَ :
فَصْلٌ مِمَّا تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْكِتَابِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ .
أَحَدُهَا : الرِّوَايَةُ مُفْرَدَةً ، وَمُثَنَّاةً ، وَمَجْمُوعَةً ، كَقَوْلِهِ : عَلَى رِوَايَتَيْنِ ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ . فَالرِّوَايَةُ فِي الْأَصْلِ : مَصْدَرُ رَوَى الْحَدِيثَ وَالشِّعْرَ وَنَحْوَهُمَا رِوَايَةً : إِذَا حَفِظَهُ وَأَخْبَرَ بِهِ ، وَهِيَ هَاهُنَا مَصْدَرٌ مُطْلَقٌ عَلَى الْمَفْعُولِ ، فَهِيَ رِوَايَةٌ بِمَعْنَى : مَرْوِيَّةٍ ، وَهِيَ الْحُكْمُ الْمَرْوِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهِ عَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَكَذَا هِيَ فِي اصْطِلَاحِ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ ،
وَمَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، يُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ ، فَيَقُولُونَ : فِيهَا قَوْلٌ وَقَوْلَانِ ، وَأَقْوَالٌ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ ، وَكُلُّ ذَلِكَ اصْطِلَاحٌ لَا حَجْرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ ،
الثَّانِي : الْوَجْهُ مُثَنًّى وَمَجْمُوعًا ; فَيُقَالُ : وَجْهَانِ ، وَعَلَى وَجْهَيْنِ ، وَثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَقْبَلُهُ ، ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ .
وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ : الْحُكْمُ الْمَنْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِ ، مِمَّنْ رَآهُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ ، جَارِيًا عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِ ، فَيُقَالُ : وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ، أَوْ نَحْوِهِمَا ، وَرُبَّمَا كَانَ مُخَالِفًا لِقَوَاعِدِ الْإِمَامِ إِذَا عَضَّدَهُ الدَّلِيلُ .
الثَّالِثُ : قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ : " وَعَنْهُ " فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رِوَايَةٍ عَنِ الْإِمَامِ ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ ; لِكَوْنِهِ مَعْلُومًا ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ [ الْقَدْرِ : 1 ] وَالضَّمِيرُ لِلْقُرْآنِ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِهِ لَفْظًا ، " فَعَنْهُ " جَارٌّ وَمَجْرُورٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ نَقْلُ نَاقِلٍ عَنْهُ ، أَوْ نَقْلُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُونَ اخْتِصَارًا ، وَإِلَّا فَالْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ : نَقَلَ
عَبْدُ اللَّهِ عَنِ الْإِمَامِ كَذَا ، أَوْ نَقَلَ
صَالِحٌ ، أَوْ نَقَلَ
الْمَرْوَزِيُّ ، كَمَا فَعَلَهُ
أَبُو الْخَطَّابِ فِي " الْهِدَايَةِ " ، وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ .
[ ص: 461 ] الرَّابِعُ : التَّخْرِيجُ ، فَيَقُولُونَ : يَتَخَرَّجُ كَذَا ، وَهُوَ مُطَاوِعُ خَرَجَ ، تَقُولُ : خَرَّجَهُ فَتَخَرَّجَ ، كَمَا تَقُولُ : عَلَّمَهُ فَتَعَلَّمَ ، وَخَرَّجَ مُتَعَدِّي خَرَجَ يَخْرُجُ ، ضِدَّ دَخَلَ يَدْخُلُ ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الِاحْتِمَالِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاحْتِمَالُ وَالتَّخْرِيجُ إِذَا فُهِمَ الْمَعْنَى ، وَكَانَ الْمُخَرَّجُ وَالْمُحْتَمَلُ مُسَاوِيًا لِذَلِكَ الْمُخَرَّجِ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، كَمَا إِذَا أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ، جَازَ نَقْلُ الْحُكْمِ وَتَخْرِيجُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِلَى الْأُخْرَى ، مَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا ، أَوْ يَقْرُبِ الزَّمَنُ .
الْخَامِسُ : الِاحْتِمَالُ ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ : احْتَمَلَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى : حَمَلَهُ ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْهُ ، وَمَعْنَاهُ : أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ قَابِلٌ وَمُتَهَيِّئٌ لِأَنْ يُقَالُ فِيهِ بِخِلَافِهِ ، كَاحْتِمَالِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ ، نَحْوَ : أَعْلَمُ ، أَوْ أَتَحَقَّقُ ، أَوْ أَجْزِمُ ; فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلْقَوْلِ فِيهِ بِذَلِكَ ، وَالِاحْتِمَالُ فِي مَعْنَى الْوَجْهِ ، لِأَنَّ الْوَجْهَ مَجْزُومٌ بِالْفُتْيَا بِهِ ، وَالِاحْتِمَالُ يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ صَالِحٌ لِكَوْنِهِ وَجْهًا . وَكَثِيرٌ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ فِي الْمَذْهَبِ ، بَلْ أَكْثَرُهَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=14953لِلْقَاضِي الْإِمَامِ أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ فِي كِتَابِهِ " الْمُجَرَّدِ " وَغَيْرِهِ ، وَمِمَّا نُكَرِّرُ فِيهِ قَوْلُهُ : ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، فَالْمَذْهَبُ : مَفْعَلٌ ، مِنْ ذَهَبَ يَذْهَبُ : إِذَا مَضَى ، مَقْصُودًا بِهِ الْمَصْدَرُ ، أَيْ : ظَاهِرٌ ذَهَابُهُ ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْعَهْدِ ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَالظَّاهِرُ الْبَائِنُ الَّذِي لَيْسَ يَخْفَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ ، كَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ ، وَلَمْسِ الذَّكَرِ ، وَعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ ، وَلَا يَكَادُ يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى مَا فِيهِ خِلَافٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ .