( ولو ) الغائب لزمه أكلها على المذهب لإباحتها له بالنص الذي هو أقوى من الاجتهاد المبيح له مال غيره بغير إذنه ، أما الحاضر فإن بذله له ولو بثمن مثله أو بزيادة يتغابن الناس بها وهو معه ولو ببذل ساتر عورته حيث لم يخف هلاكا بنحو برد أو رضي بذمته لم تحل له الميتة أو لا يتغابن بها حلت ولا يقاتله هنا إن امتنع مطلقا ( أو ) ( وجد مضطر ميتة ) غير آدمي محترم ( وطعام غيره ) حيا ( فالمذهب ) أنه يلزمه ( أكلها ) لعدم ضمانها وذبح الصيد حرام ويصير به ميتة أيضا ، ويحرم أكله ويجب فيه الجزاء ، ففي الأول تحريم واحد فكانت أخف ، أو ميتة ولحم صيد ذبحه محرم تخير بينهما ، ولو لم يجد محرم أو من بالحرم إلا صيدا ذبحه وأكله وافتدى ، أو ميتة أكلها ولا فدية أو صيدا وطعام الغير فالظاهر تعين الثاني لأنهما وإن اشتركا في الضمان فطعام الغير حلال والصيد يصير ميتة بذبح المحرم ، ولو عم الحرام الأرض جاز له الاستعمال منه بقدر ما تمس حاجته إليه دون ما سوى ذلك ، ومحله إذا توقعنا معرفة أربابه وإلا صار مالا ضائعا فينتقل لبيت المال ويأخذ منه بقدر ما يستحقه فيه ( والأصح تحريم ) وجد مضطر ( محرم ) أو بالحرم ( ميتة وصيدا ) بلفظ المصدر لتوقع الهلاك منه ( ( قطع بعضه ) أي بعض نفسه ( لأكله ) قلت : الأصح جوازه ) لما يسد به رمقه أو لما يشبعه على ما مر إذ هو قطع بعض لاستبقاء كل فأشبه قطع يد متآكلة ( وشرطه ) أي حل قطع البعض ( فقد الميتة ونحوها ) كطعام الغير فمتى وجد ما يأكله حرم ذلك قطعا ( وأن ) لا يكون في قطعه خوف أصلا أو ( يكون الخوف في قطعه أقل ) منه في تركه ، فإن كان مثله أو أكثر أو الخوف في القطع فقط حرم مطلقا .
وإنما جاز قطع السلعة في حالة تساوي الخطرين لأنها لحم زائد ويزول الشين بقطعها ويحصل به الشفاء ، وهذا تغيير وإفساد للبنية الأصلية فكان أضيق ، ومن ثم لو كان ما يراد قطعه نحو سلعة أو يد متآكلة جاز هنا حيث يجوز قطعها في حالة الاختيار في الأولى قاله البلقيني ( ويحرم ) ولو مضطرا ما لم يكن ذلك الغير نبيا فيجب له ذلك ( ومن معصوم ) لأجل نفسه ( والله أعلم ) والمعصوم هنا ما يمتنع قتله للأكل ، أما غير المعصوم كمرتد وحربي فيجوز قطع البعض منه لأكله ، وما ذهب إليه ( قطعه ) أي البعض من نفسه ( لغيره ) الماوردي من تحريمه لما فيه من التعذيب رد بأنه أخف الضررين ، ولو وجد مريض [ ص: 164 ] طعاما له أو لغيره يضره ولو بزيادة مرضه فله أكل الميتة ، ويكره لا صنعته والزيادة على الشبع في ملك نفسه ، ولا ضرر عليه فيها والثمار والزرع في التحريم على غير مالكها والحل له كغيرها ، فلو جرت العادة بأكل ما تساقط منها جاز ، إلا إن حوط عليه أو منع منه المالك ، وله ذم الطعام فإن شك حرم ، وندب ترك تبسط في طعام إلا في حق الضيف . الأكل من طعام غلب على ظنه رضا المالك به